اعتاد أحد الأصدقاء أن يشتري من عجائز البسطات اللواتي يفترشن الأرض، أغراضاً قد لا يحتاجها. وعندما تسأله، لماذا تشتري هذه الأغراض، وماذا تفعل بها، يجيب:
- إذا لم أشترِ أنا وأنت من هؤلاء النساء، فمن سيشتري منهن؟! وماذا سيكون مصيرهن، إنْ لم نشتر منهن؟! أكيد سيخسرن كل ما لديهن. وماذا بعد ذلك؟! سيتحولن إلى متسوّلات، ثم ستقولون بكل عنجهية: أوف من هؤلاء المتسوّلات، لماذا لا يجدن لهن أعمالاً، يكسبن منه كسباً حلالاً؟!!
هذا الصديق، يهدي الأغراض التي يشتريها من هؤلاء العجائز للمحتاجين من أقاربه أو معارفه، وهو بذلك يضرب عصفورين بحجر واحد، كما أنه يعلّمنا سلوكاً غاية في الوعي الاجتماعي. فكل واحد منا قد يصرف مبلغاً باهظاً على عشاء من مطعم وجبات سريعة، لكنه حينما يمر على هذه العجوز اليائسة، فإنه يستكثر أن يشتري منها غرضاً بعشرة ريالات!! ولو أننا بدأنا نتفهم سلوك هذا الصديق، بمعناه ومغزاه الحقيقيين، لأمكن لنا أن نعمر بيوت هؤلاء العجائز بالرزق الحلال الذي نطالب أولئك النسوة الغارقات في الحاجة بأن يكسبنَهُ.
تعالوا لنحدِّق في المشهد العام اليوم، وبكل ما فيه من نساء مسلوبات الإرادة، ومن شباب غير قادرين على الحلم. دعونا لا نكتفي بالتحديق، بل بالمشاركة في مد يد العون والدعم، سواءً كنا أفراداً أو مؤسسات. وإن لم نفعل، يا ويلنا.