تفاعلاً مع ما كتبه أحد الإخوة في عزيزتي الجزيرة بتاريخ 16 صفر من العام الهجري الجاري حول كثرة المتسولين في محافظة الخرج وغياب الدور الفاعل للجهات المعنية عن هذه الظاهرة التي تشوه المظهر الحضاري لمدننا ...إلخ. أقول:
- لا شك أن هناك تقصيراً ملموساً من جانب الشؤون الاجتماعية في متابعة هذه الظاهرة واتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاصرتها بالطريقة المناسبة التي لا تقتصر على مطاردة المتسولين ومنعهم من التسول بواسطة المكاتب القليلة التابعة للوزارة وغير المتوفرة إلا في أمهات المدن، أما المدن والمحافظات الأخرى فخالية من هذه المكاتب وهي مرتع مناسب للتسول والمتسولين وكأنها خارج اختصاصات الوزارة وغير مسؤولة عنها.
- اهتمامنا بمكافحة التسوّل ليس لأن ذلك يشوّه المظهر الخارجي لمدننا فالمتسوّلون موجودون في كل المدن وعلى مستوى العالم والفارق هو ربما في كثرة المتسوِّلين عندنا وفي أسلوب التسوّل، فالمتسولون عندنا يمدون أيديهم ويستجدون الناس بالطريقة التقليدية المألوفة أما في الغرب فيكون بالعزف للمارة أو برفع اليد تحية لهم، في حين تقوم النساء بإلصاق الزهور على صدور المارة وغير ذلك من وسائل التسول الحضاري.
- لا ينبغي أن ننكر أن هناك فقراء في بلادنا ومن ينكر ذلك فإنه ربما يقيس على ما يشاهده من مظاهر الغنى في بعض المدن وإلا فهناك أناس كثيرون يعيشون عيشة الكفاف وإن لم يلجأوا إلى التسول وهم أكثر تواجداً في المناطق البعيدة كما يوجد عند التقصي فقراء بداخل المدن.
- من الخطأ التعويل كثيراً على مساعدات الجمعيات الخيرية وصدقات المحسنين في معالجة أحوال الفقراء لأنها مساعدات محدودة ولا توفر موارد شهرية للأسر المحتاجة كما أنها في الغالب الأعم موجهة للمحتاجين من سكان المدن، أما القرى والأرياف والهجر فلا يصل إليهم من ذلك إلا القليل والذي يكون في الغالب مساعدات عينية من تمور وملابس وأثاث قديم.
- لا ننسى صغار الموظفين والخدم والعمال الذين لا تغنيهم رواتبهم عن تسول المحسنين والجمعيات الخيرية كما لا ننسى أرباب الأسر الذين ليس لديهم دخل شهري ثابت كأصحاب المهن الحرفية البسيطة وسائقي سيارات الأجرة وبائعي المساويك والباعة الجائلين الذين تطاردهم البلديات في كل مكان من أمثال بو عزيز.
- وأخيراً، ما ينبغي أن يكون الهدف من الكتابة هو استعداء المسؤولين على المتسولين من أجل ضبطهم ومنعهم من التسول لأن هذا قد يدفع المحتاجين منهم إلى ما هو أسوأ وهو السرقة ولكن المطلوب هو دراسة أحوال هؤلاء الناس وإيجاد الأعمال والبدائل التي تغنيهم عن ممارسة هذه العادة غير الحميدة، هذا هو المطلوب من المسؤولين. أما المواطنون فالمطلوب منهم هو التواضع وعدم التبرم من إخوانهم الضعفاء وأن يشكروا الله الذي أغناهم عن سؤال الناس وأن جعلهم هم المتسوَّلين بفتح الواو ولم يجعلهم المتسولون بكسرها.
محمد الحزاب الغفيلي – الرس