Thursday  17/03/2011/2011 Issue 14049

الخميس 12 ربيع الثاني 1432  العدد  14049

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

تحقيقات

 

في دراسة بحثية شملت 2500 مواطن:
93 % من الشباب السعودي مستعدون للعمل في المجال السياحي

رجوع

 

الجزيرة - إبراهيم عبد الله الروساء :

مكّن برنامج «السياحة تثري» المجتمعات المحلية من تطويع البيئة السياحية، وتحويلها من كنوز مهملة، إلى منتج اقتصادي وحضاري وثقافي وفكري بارز ومؤثر.

ووفقا لاستطلاعات الرأي المنفذة في العديد من ورش العمل المتعلقة بالإثراء السياحي، استطاع برنامج تمكين المجتمعات المحلية الذي يحمل شعار «السياحة تثري» تحقيق التأثير في المجتمع بأهمية السياحة، بوصفها صناعة ترفع القيم الحضارية والثقافية للمملكة، إلى جانب زيادة دخل الفرد، وتوفر فرص عمل جديدة، بالإضافة إلى تطوير للبنى التحتية، وتحسين مستوى الخدمات.

وكشفت الدراسة التي شملت نحو 2500 مشارك من الجنسين في جميع مناطق المملكة على مدى ثلاث سنوات، زيادة نسبة قبول العمل في المجال السياحي، فيما برهنت على تغير مستوى الإدراك والوعي بالسياحة كمفهوم صناعي ذي عوائد ثرية على الفرد والمجتمع.

وأبرزت الدراسة أهم مظاهر السياحة في المملكة، والأنشطة الممارسة فيها فكانت زيارة الأماكن المقدسة، ومواقع التراث والآثار من أهم المظاهر والأنشطة التي تمارس في المواقع السياحية، فيما حلت السياحة البرية من أقل الوجهات استهدافا للزوار.

ودللت الدراسة على أهمية وجود آليات السياحة المنظمة، وضرورة إيجاد بنية تحتية للسياحة الجماعية. وأثبتت أن ما نسبته 93 % مستعدون للعمل في مجال السياحة متى ما أتيحت لهم الفرصة، وبينت أن زيادة الدخل من أهم العوامل المساعدة للعمل في المجال السياحي.

وخلصت الدراسة إلى القول بأن المجتمع السعودي اليوم ليس كالأمس، وأصبح المواطن أكثر إدراكا بأهمية السياحة في مجتمعة المحلي، واستطاع المجتمع بسواعد أبنائه أن ينقل السياحة من أوراق الورش العلمية إلى أروقة الميدان العملي.

استهدف البرنامج منذ انطلاقته في عام 2008م قيادات المجتمع المحلي، وأفراده من حرفيين ومهتمين بالآثار ومدراء الأجهزة الحكومية والجمعيات الخيرية النسائية، وممثلي المجالس البلدية.

ونتج عن ذلك، تأثر المجتمع المحلي بقيمة السياحة، وأثرها الفكري والثقافي والاجتماعي والاقتصادي، وأصبح لدى المستهدف من الجنسين هدف جديد يسعى لتحقيقه، وغداً هاجس التنمية السياحية في قريته الصغيرة يراوح مخيلته، ودخلت المبادرات الأهلية حيز التنفيذ، يظهر ذلك وفقاً لدراسات وتحليلات قامت بها الهيئة العامة للسياحة والآثار حول أثر البرنامج في المجتمع المحلي، ونسبة قبول المجتمع لهذه الفكرة.

الدراسات والتحليلات التي قامت الهيئة باستقرائها عن طريق الإستبانات وأوراق طرح الآراء والمرئيات كشفت النقاب عن الكثير من الحقائق الغائبة، كما أزاحت الضبابية حول مفهوم السياحة كمنتج وصناعة جديدة على المجتمع السعودي لمن حضر ورشات العمل، وأبانت عن ارتفاع نسبة قبول العمل في المجال السياحي للجنسين بنسبة 70 % للرجال وبنسبة 30 % للنساء.

وفسرت هذه النسبة مدى رغبة المجتمع في خوض غمار التجربة السياحية، باعتبارها عنصراً يملك مقومات متعددة ومتجددة.

وأفادت ذات الدراسة أن نصف المشاركين في ورش عمل السياحة تثري في المملكة خلال ثلاث سنوات، تغير لديهم مستوى الإدراك والوعي بالسياحة، وحلت ثقافة الاستجمام والترفيه والمتعة المرتبة الأولى ضمن أراء المستهدفين بنسبة بلغت 40 %.

وأبرزت الدراسة الأماكن الأثرية بوصفها أوضح مظاهر السياحة في نظر المستهدفين في الورش، وتبين أن ما نسبته 19 % من مرئيات المشاركين أن الآثار والأماكن القديمة تمثل المظهر الواضح للسياحة في المملكة، من خلال مناطقهم.

وحلت السياحة البرية في المرتبة الثانية بنسبة 12 %، وجاءت المعارض والمؤتمرات الثالثة بنسبة 11 %، فيما تنوعت النسب الباقية بين مظاهر سياحية أخرى كالبيئية وسياحة التسوق والأعمال والاستشفاء والسياحة الزراعية وغيرها.

وفي مستوى التأثير والتأثر بالسياحة على المجتمع أثبتت الدراسة أن 58 % من المشاركين أجمعوا بأن السياحة مهمة وذات تأثير إيجابي مباشر على المواطن وعلى المجتمعات المحلية، بينما رأى 32 % منهم أن لها تأثيرا ولكن غير مباشر على المواطن، ولم تتجاوز الآراء السلبية والمتشككة في أهمية السياحة نسبة 2.5 %.

وساقت العديد من البراهين التي تدلل ملائمة السياحة للمقومات الحالية، مدللة على ذلك بسياحة التسوق والترفيه، كأحد أبرز محاور السياحة في المملكة، ذات الكفاءة.

وعن العينات التي تزور المواقع السياحية، جاءت النسب متباينة، مظهرة المجموعات السياحية باعتبارها الفئة الأبرز التي تزور المواقع السياحية بشكل منتظم، تليها فئة الباحثين، ثم الزيارات الفردية.

وهذا يؤكد الحاجة إلى أهمية تكوين آلية ما يعرف «بالسياحة المنظمة» عن طريق المجموعات السياحية، بانسجام مع التوجه القائم حاليا بزيارة الأماكن السياحية والآثار المنتشرة في أرجاء المملكة.

وعن الأنشطة الرئيسية التي يقوم بها الزوار لمناطقهم، كانت مكة والمدينة من بين المدن الأكثر رغبة لدى المجتمع يتلوها مواقع التراث والآثار فيما رأي آخرون التمتع بالأماكن العامة والمتنزهات والواجهات البحرية.

وحلت السياحة البرية من أقل الوجهات استهدافا للزوار، بما يثبت أن المشكلة مازالت موجودة في أن التمتع بالبر مازال سياحة تخص المواطنين والمقيمين في تلك المناطق أو النواحي، وأن هذه السياحة بالذات تحتاج إلى مزيد من التسويق وعناية من قبل المواطنين أنفسهم.

على سياق ذي صلة تطرقت التحليلات المنطقية التي خرجت بها الدراسة إلى العديد من المحاور التي تعنى بمعرفة اتجاهات المشاركين للعمل في المجال السياحي، وأظهرت نتائج تلك التحاليل أن الغالبية بنسبة 93 % يقبلون على العمل في مجال السياحة، متى ما أتيحت لهم الفرصة، في مؤشر إيجابي إلى ترحيب المجتمع بالعمل في المجال السياحي من جانب أعضاء المجتمعات المحلية المستهدفين.

ويتجلى أهم عامل سوغ للمجتمع قبول العمل في القطاع السياحي هو «زيادة الدخل»، يليه العمل في المنتجعات والفنادق والشقق المفروشة، فيما تدرجت الرغبات الأخرى ما بين العمل في المتاحف والمواقع الأثرية والمطاعم والعمل في قطاع الاتصالات والمعلومات.

وعلى الرغم من أن المال أوفر الأعمال حظاً برغبة المواطنين للعمل في المجال السياحي، إلا أن التطوع جاء في مرتبة متقدمة ضمن الأعمال المفضلة لدى شريحة المشاركين، إلى جانب العمل كداعمين أو مستثمرين أو سياح.

وخلصت الدراسة بشكلها الإجمالي إلى أن المواطنين اليوم أصبحوا أكثر إدراكاً بأهمية السياحية، وغدوا بمثابة مشاركين بهذه النقلة النوعية في مجال السياحة عن طريق طرح الأفكار ذات القيمة المتفاعلة في تنمية السياحة في المجتمع.

وثمة ما يذكر في هذا الإطار أن برنامج تمكين المجتمعات المحلية تطورت أفكاره وطموحاته من حيز التنظير إلى حيز التنفيذ، ومن أوراق ورش العمل إلى أروقة العمل الجاد نحو تنمية السياحة في المجتمع في مدنه بشكل مستدام.

على جانب آخر فقد سارت خطى السياحة تثري منذ ثلاث سنوات تعدوا في كل مدن ومحافظات المملكة منذ عام 2008م، وعام 2009م وعام 2010م، بواقع ثلاث مراحل، نفذ خلالها 78 ورشة عمل كان آخرها خمس ورش عمل نفذت في بداية 2011م ؛ فيما تدخل المرحلة الرابعة في منتصف 2011م، لتكمل ما عدده 120 ورشة عمل حتى نهاية العام الحالي.

وقد بلغ عدد المستفيدين من ورشها ما يزيد عن ألفين وسبعمائة مشارك حتى اليوم، ومازالت الخطى تتقادم من أجل إحلال السياحة من ترف عصري إلى صناعة فتية تضمن مستقبلا متجدداً للاقتصاد في المملكة.

على صعيد متصل فإن برنامج تمكين المجتمعات المحلية سياحيا لم يعد حلماً بل واقعاً معاشاً وملموساً، والشواهد كثيرة، مثل القرى والبلدات التراثية التي في الغاط والمذنب وجبة وفيفا ورجال ألمع وذي عين والعلا وأوشيقر والمجمعة وشقراء، وهي نماذج حية ومشاهدة للمبادرات الأهلية لتأهيلها حيث شكلت في محاورها المتنوعة نواة الاهتمام بالتراث العمراني الذي يعد محورا سياحيا أصيلا، في الوقت الذي ارتفع فيه مؤشر اهتمام وتفاعل المجتمع المحلي مع هذا النمط الذي يمثل التاريخ والثقافة في جانب، والسياحة والاقتصاد في جانب آخر.

ورافق هذا الاهتمام بتكوين مجتمع محلي، عمل مؤسسي عن طريق تأسيس جمعيات سياحية تهدف إلى النهوض بالجانب السياحي وتفعيل مقومات الجذب السياحية، إلى جانب التوصيات التي تخرج من هذه الورش مثل عقد المعارض والمؤتمرات في المناطق والمحافظات وإبراز سياحتها، والمشاركة في الملتقيات السياحية وإقامة معارض للكتاب، وتعاون أجهزة السياحة مع الجامعات المنتشرة في أغلب مدن ومحافظات المملكة، والتعاون مع الغرف التجارية ووزارة التجارة والصناعة، وأمانات المناطق وبلديات المحافظات، وبالإضافة إلى مشاريع توثيق الآثار والتراث، وإيجاد متاحف عامة وخاصة، وإصدار نشرات سياحية ودوريات تراثية، ووضع آليات تنظيم المعارض لتنشيط سياحة الأعمال التي تدخل ضمن أهداف برنامج تهيئة المجتمعات المحلية.

ويعلق أحد حضور ورشة العمل السياحية وهو المواطن عوض الثقفي بالقول «كنا نمر بجوار بيوتنا القديمة، ولم نكن نعي ثمنها وقيمتها سواء الحضارية أو الاقتصادية».

ويضيف «كان للورشة أثر كبير في حياتي فقد تغير رؤيتي عن السياحة الاستثمار في مجال السياحة، وتأكدت من خلال الورشة أنها بيئة خصبة، ومكانا ملائمة للاستثمار».

ولفت إلى أن هدف حضوره هو تثقيفي بالدرجة الأولى، فيما رفعت لديه الحالة السياحية إلى درجة التفكير بعمق بتأهيل بيئته، واستثمار مقومات الطائف السياحية.

ويزيد بالقول « يجب أن نعطي قضية السياحة مساحة جيدة من وقتنا وأموالنا».

فيما علقت الأستاذة نورة الغانم عند حضورها أحد ورش عمل «السياحة تثري»: إن هذا البرنامج عملي بالدرجة الأولى، فهو يمكن المجتمع من استغلال مقدراته وتوظيفها نحو ما يخدمه ويخدم مجتمعه. وتؤكد أن من توصيات الورشة حض الحرفيات على مزاولة مهنهن بدعم من الهيئة ومن الجهات الداعمة.

وتلفت الغانم إلى أن ذلك كله قد تحقق -ولله الحمد- وأصبحنا نرى المرأة الموهوبة في مجال الطبخ أو النسيج أو الأعمال الخزفية والأشغال اليدوية وتظاهي منتجات المصانع الكبيرة.

من جهتها قالت الحرفية عالية الغربي: «لقد وجدت الاهتمام بعمل الخزفيات والأشغال اليدوية من طين وجبس وغيره من قبل رجال الأعمال والمهتمين والمسئولين في قطاع السياحة والآثار». وأوضحت الغربي أنها احترفت الأشغال اليدوية لأنها صارت مصدر رزق لها ولعائلتها.

وعلى ذات المستوى يوضح جمعان الغامدي أن الورشة مهمة ولها أثر، وبصفته رجل أعمال استفاد كثيرا من الأفكار المتداولة في البرنامج، مؤكدا أنه سيعمل على تنفيذ العديد من المشاريع السياحية التي تعود بالنفع والفائدة عليه كرجل أعمال، وعلى مجتمعه بالاستثمار في وطنه ذي المقدرات المختلفة والمتنوعة.

الحال كذلك مع المواطن محمد آل حشيشة وأيمن سراج ومجري القحطاني الذين أكدوا خلال حضورهم أحد ورشات عمل «السياحة تثري» رغبتهم بالدخول والاستثمار في القطاع السياحي، خصوصا بعد الجديد الذي تعلموه في ورش العمل.

من جهته يؤكد المواطن المسئول عبد العزيز الزكري وهو عضو التنمية السياحية في محافظة القويعية أثناء حضوره ورشة العمل المقامة مؤخرا في المحافظة أن انعقاد ورشة العمل في القويعية صاغت الكثير من الرؤى حول مستقبل السياحة في المحافظة فظهرت العديد من التوصيات التي تخدم القطاع السياحي والآثاري في المحافظة، مثل إيجاد متحف خاص بالمحافظة، واختيار أحد البيوت الأثرية لذلك، بالإضافة إلى البحث عن القطع الأثرية المتبعثرة في المحافظة وجمعها في مكان واحد، وتحفيز القطاع الخاص للعمل على إيجاد بنية تحتية سياحية في المنطقة من شركات سياحية، وشقق وفنادق على مستوى ملائم، بالإضافة إلى الاهتمام بالمتنزهات البرية، وإنعاش السياحة الزراعية.

وتطلعاً لدور أبرز للمرأة عقدت الهيئة العديد من ورش العمل التي تستهدف نساء المجتمع المحلي من قيادات إدارية، وثقافية واقتصادية، وأكاديميات، وإعلاميات، ففي وقت سابق عقدت بمنطقة جازان ورشة عمل نسائية بالإضافة إلى ورشة عمل في منطقة عسير بحضور (40) سيدة من سيدات الأعمال والمجتمع.

وتحقيقا لشمولية البرنامج، واستهدافه لجميع شرائح المجتمع فقد عنيت الهيئة بمشاركة ذوي الاحتياجات الخاصة في ورش العمل مع تأمين مترجمين للغة الإشارة، إيمانا منها أن ذوي الاحتياجات الخاصة فئة منتجة وذات تأثير في المجتمع، إلى جانب أنهم يعتبرون فئات مهمة في المجتمع، يأتي ذلك بتعاون الأجهزة في المنطقة مع جمعيات المعاقين أو الجمعيات الخيرية أو الجهات ذات العلاقة.

وتحرص «السياحة تثري» بإدراج المهن والصناعات التي تتصل بالسياحة ضمن منظومة أجندتها العامة مثل الحرفيون والحرفيات وصناعاتهم التي تعد لها الهيئة العامة للسياحة والآثار العدة نحو تحقيقها نموذجا محترفا في ميدان الصناعة المحلية، والنهضة بالإمكانيات المتاحة داخل المنازل التي تعج بالمحترفين والمحترفات في العديد من الحرف.

بقي ما يشار إليه في هذا الجانب هو أن «السياحة تثري» تركز أخيراً على إبراز البعد الحضاري للمملكة باعتبار أن البرنامج لا يقتصر دوره على ازدهار الأعمال التجارية والاستثمارية وما ينتج عنها من زيادة في المتداول النقدي. فالمملكة غنية بتنوعها بما حباها الله من موقع إستراتيجي متميز ومساحة جغرافية شاسعة وبيئة طبيعية ثرية بالتنوع لتكون وجهة للسائح السعودي بالدرجة الأولى.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة