ما جرى في اليابان محزن حقاً، فقد كان زلزالاً لم يسبق له مثيل قرب من أعلى درجة في مقياس رخيتر، وسبب هلاك الأنفس وضياع الأموال، فقد هناك أكثر من عشرة آلاف فرد، وقدرت الخسائر بخمسمائة مليار دولار، ومازال المشهد قائماً ومستمراً ربما ليضيف أرقاماً محزنة أخرى؛ ومع هذه الخسائر والمآسي البشرية والمادية الجسيمة، تظهر المآسي البيئية أشد خطورة، لضررها المستمر المباشر وغير المباشر، وكذا اتساع رقعتها ربّما لتشمل مدناً كثيرة، وقد تصل إلى دول عديدة.
هذا الشعب الكريم المنتج والذي أهدى إلى البشرية الكثير من المخترعات والأدوات الإنتاجية والترفيهية أصابه هذا الحدث الجلل في مقتل، فكان تفاعل السوق اليبانية والأسواق العالمية جليّاً؛ حيث انخفضت انخفاظاً حاداً، ولِمَ لا وهي الدولة التي تمتل ثالت اقتصاد عالمي، وكانت قبل سنتين تقع في المقام الثاني بعد الولايات المتحدة الأمريكية وقبل أن تبزها الصين وتقفز إلى الصف الثاني عالمياً.
رأينا كيف كانت أمواج البحر التي بلغ ارتفاعها أكثر من عشرة أمتار تجتاح المنازل، والطرقات وتجرف معها ما يقع في طريقها، فتظهر البواخر والمنازل وكأنها لُعب أطفال في فلم من أفلام التي تصنعها السينما.. حدث يبيّن قدرة الخالق جلّ وعلا وأن أمره بين الكاف والنون، فما للعبد إلا الامتثال لأمره، وليصبر على قدره.
عندما تتسرب الأشعة من مفاعل نووي فهذا يعني الكثير للعالم أجمع في سعيه للبحث عن بدائل للطاقة، وتوجهه إلى الطاقة الذرية كطاقة بديلة؛ فاليابان لديها 53 مفاعلاً نووياً، وتعتمد عليها لتحقيق نحو ثلاثين في المئة من حاجياتها للطاقة، وهذا يعني أنها ستكون ملزمة في السنوات المقبلة على البحث عن مزيد من النفط في الأسواق عالمية لسد حاجيتها التي ستنجم من توقف مفاعلاتها لمراجعتها لمعايير السلامة وهي الخطوة التي أقدمت عليها دول كثيرة قبل ألمانيا.
إن الطاقة النووية التي ظلت مدة طويلة من الزمن آمنة ثم ما لبثت أن عانت من حدوث كوارث مثل حادثة شرنوبل وسحابتها التي امتدت لتؤثر على أروبا والعالم.. تدفع بالعالم الباحث عن سلامة البيئة أن يكون أكثر دقة واحتياطاً في تصحيحه وتعامله مع هذا المصدر الهام من مصادر الطاقته.
إن النفط سيظل السلعة القادرة على امداد البشرية بطاقته اللازمة ولعقود عديدة حتى يتمكن الإنسان، ربما الإنسان اليباني من الوصول إلى مصدر آمن وقليل التكلفة، وليشارك النفط دوره المحوري في التقدم الإنساني.
ولعل الطاقة الشمسية هي الأقرب والأقل كلفة بيئية للمساهمة في ذلك، لكنها مازالت غير قادرة على توفير القدر الكافي بكلفة أقل، وربما يتحقق ذلك في المستقبل المنظور.. كما أن هناك مصادر أخرى مثل المصادر الحيوية ذات الأثر المباشر وغير المباشر بانتزاع جزء من المساحات المتوفرة لقوت البشر إلى مصدر من مصادر الطاقة وغيرها كثير؛ ولذا سيظل النفط عاملاً هاماً وستظل أكبر دولة منتجة للنفط في العالم وهي المملكة العربية السعودية مكمن الأمان وشريان العالم.