ضمن محتويات كتاب (الوزير المرافق) لمعالي المغفور له بإذن الله الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي - طيب الله ثراه - صفحات عن القائد الليبي معمر القذافي.. مما جاء في هذه الصفحات قول القصيبي: «كانت علاقة ليبيا بالمملكة العربية السعودية تمر بحالة من الفتور سنة 1979م عندما قرر العقيد القذافي أن يقوم بزيارة للمملكة ومنطقة الخليج لتحسين العلاقات بينهم. وكالعادة طلب فتح صفحة جديدة ونسيان الماضي.. (واللي فات مات)، كما طلب من هذه الدول أن تشارك في احتفالات العيد العاشر ل(ثورة الفاتح المجيدة). وأبدى العقيد إعجاباً لما شاهده في المملكة من تطور وتقدم. وقد مرت زيارته للمملكة بسلام لولا حادثة غريبة كادت تعصف بالزيارة لولا حكمة الملك خالد - يرحمه الله - والحادثة هي: أرادت زوجة العقيد أن تزور سوق الرياض مع عدد من السيدات الليبيات من أقاربها. وأصر الليبيون على أن تتم الزيارة بدون مرافقين وبدون حراسة وبدون ترتيبات أمنية مسبقة. وبالفعل ذهب الليبيون ولم يكن معهم سوى مندوب واحد من المراسم الملكية.
صادفت جولتهم (وقت صلاة الظهر) حيث تقفل الأسواق وينشط دور رجال (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) في حماية الطرقات أثناء الصلوات. كانت إحدى المربيات المرافقات لزوجة العقيد ترتدي فستاناً قصيراً بعض الشيء؛ الأمر الذي أدى بأحد رجال الهيئة إلى زجرها. كان مع زوجة العقيد أخوها الذي ثارت ثائرته فصب جام غضبه على رجل الهيئة، وتجمع الناس، وتكهرب الجو, وكاد الأمر يتطور إلى مشاجرة يدوية لولا أن مندوب المراسم تمكّن من إركاب زوجة العقيد ومرافقيها السيارات والعودة بهم إلى قصر الضيافة. غضب العقيد القذافي غضباً شديداً واعتبر الحادثة إهانة مقصودة, وأصر بأن تستعد طائرته للإقلاع الفوري. وسمع بها المغفور له بإذن الله الملك خالد, كما سمع بها المغفور له الأمير فهد؛ فأسرعا إلى قصر الضيافة يعتذران للعقيد، ويؤكدان له أن أحداً لم يعرف زوجته، ولم يقصد إهانتها.. ولكن العقيد رفض أن يقتنع أو يرضى، وفي نهاية المطاف قال له الملك خالد إنه لا يستطيع أن يمنعه من السفر, ولكنه يجب أن يؤكد له أن الشامت الوحيد والأكبر إذا فشلت الزيارة للمملكة سيكون عدوه اللدود الرئيس أنور السادات الذي بينهما خلافات قوية جداً. فجأة اقتنع العقيد بالبقاء على مضض خوفاً من الشماتة، ولكنه أصرّ على أن يقابل رئيس الهيئة في الرياض ليحاوره عن نظرة الإسلام إلى المرأة وإلى الحجاب.. وقضى أكثر من ساعة في جدل مع رئيس الهيئة.. وكنتيجة لهذه المناقشات والحوارات الدينية تحسنت العلاقات بين ليبيا ودول الخليج.
وأخيراً, وصف الدكتور القصيبي العقيد القذافي بقوله: «قال عنه أعداؤه (ويقصد القذافي) ما يمكن أن يُقال في إنسان، وقال فيهم ما هو أسوأ.
قالوا عنه: صبي ليبيا, مجنون ليبيا, مراهق ليبيا, عقدة ليبيا.. الكافر, والملحد، وغيرها من الألقاب التي لا توجد إلا في (هوليوود) أو (بوليوود).. وهاجم بدوره الدنيا بكاملها.. لم يترك رئيس دولة, أو ملكاً, أو وزيراً, أو كاتباً, أو فناناً, أو لاعب كرة.. أو.. أو.. إلخ.. إلا أنه بقي ولمدة أربعة عقود يحكم ليبيا.. فهل لثوار ليبيا الآن قول آخر أو وصف جديد للعقيد؟
FARLIMIT@FARLIMIT.COM