الجزيرة - محمد سليمان العنقري :
جاءت الأوامر الملكية الكريمة في جمعة الخير استشعاراً من عظيم المسؤولية التي يحملها خادم الحرمين الشريفين على عاتقه اتجاه المواطنين ولما يحمله -حفظه الله- من محبة لهم واعتزاز بهم وتبادلا لما يكنونه له وللقيادة الحكيمة من محبة وإخلاص وولاء، ولعل من أبرز القرارت التي صدرت بالأمس ما خص به -حفظه الله- تأمين السكن للمواطنين فقد جاءت الأوامر مكملة لما أمر به -حفظه الله- عند وصوله لأرض الوطن سالما معافى حيث أصدر في حينها أوامره الكريمة القاضية برفع رأس مال الصندوق بمقدار 40 مليار ريال وكذلك قيام وزارة المالية بتحمل المبالغ التي أمر بإعفائه لأبنائه المواطنين والتي قدرت بحوالي 20 مليار ريال وكذلك أمر في وقتها بدعم هيئة الإسكان بمبلغ 15 مليار ريال لتنفيذ مشاريع اسكانية في كافة مناطق المملكة، لكن القرارت التي صدرت بالامس اتت بما لم يتوقعه الجميع وإن كانت ليست بالمستغربة على ملك الانسانية وقد جاءت شاملة وافية لكل ما يحتاجه المواطن ويلبي احتياجه لتأمين السكن المريح فتكاليف السكن وصلت إلى 45% من دخل المواطن بالمتوسط بينما المعدلات العالمية تقف عند حدود 20% وهذا الرقم الاخير هو ما سيصل له تأثير السكن على دخل المواطن بعد هذه الاوامر الكريمة
رفع الحد الأدنى للقرض العقاري إلى 500 ألف ريال
يعد هذا الأمر مهما جدا لتمكين المواطن من تملك السكن بيسر وسهولة فمن المعروف ان اسعار السكن ارتفعت بشكل كبير خلال السنوات الماضية بتأثير من ارتفاع أسعار الاراضي وكذلك تكاليف البناء وفي دراسة للهيئة العليا لمدينة الرياض صدرت هذا العام قدرت الهيئة ارتفاع تكاليف البناء خلال مدة لم تتجاوز العام قبل إعداد الدراسة بنسب تتراوح بين 10إلى 25 % بينما قدرت اسعار الاراضي السكنية مابين 489 ريالا إلى 1844 ريالا وبالمتوسط فقد بلغ سعر المتر حوالي 1000 ريال تقريبا وقد شكل هذا العامل مع غيره من الاسباب الاخرى أزمة حقيقية في قطاع الاسكان حيث انخفضت الاستثمارات فيه نتيحة ارتفاع التكاليف خصوصا في اسعار الاراضي، وقد جاء الامر الكريم برفع الحد الادنى لقروض الاسكان من 300 ألف إلى 500الف ريال ليغطي احتياج المواطنين للمال الذي يكفل لهم خيارات عديدة لتملك السكن لعل من أبرزها القدرة على تملك الشقق السكنية والتي يغطي الحد الادنى الجديد لها بيسر وسهولة وكذلك سيدعم المبلغ الراغبين في بناء وحداتهم السكنية على أراضي يملكونها أو حتى الاستفادة من نظام ضامن الذي يتيح لمن يرغب بشراء وحدة سكنية مستقلة كذلك القدرة على تملك السكن بتكاليف اقل من حيث حجم المبالغ التي قد يحتاجها من المؤسسات المالية الممولة وهذا يعني تكاليف أقل على دخل المواطن مما يعينه على تكاليف المعيشة الاخرى وبهذا يكون لرفع الحد الادنى للقرض دور كبير في ارتفاع نسبة تملك السكن وعدم ارتفاع التكلفة حيث إن تقسيم مبلغ 500 ألف ريال على المدة التي يضعها الصندوق لتحصيل المبلغ من المقترض خلال خمسة وعشرون عاما سترفع السداد من مبلغ 12 ألف إلى 20 ألف ريال فقط أي ان المبلغ المسدد سنويا سيبقى دون متوسط الايجارات في المدن الكبرى أو يوازيها بمستوياتها الدنيا مع الفرق بأن المقترض يسدد مبلغا يتملك اصلا من خلاله بعكس الوضع الراهن في حالة استئجاره لمسكن لن يمتلكه وهذا بدوره يعزز من تقوية الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمواطن ويزيد من حجم تملكه للاصول ويعد ثروة تساعده مستقبلا على تحقيق العديد من الطموحات الخاصة به وكذلك يدعم الاقتصاد الكلي، كما أن الامر الكريم شمل على نقطة مهمة تتعلق بتغطية مقدار الدعم من قبل وزارة المالية للصندوق بما لا يؤثر على على عدد الممنوحين بقروض الصندوق وهذا يعني، ان وزارة المالية ستقوم بدعم رأس مال الصندوق بمبالغ اضافية حيث إن القرض ارتفع بنسبة قاربت 70% بما يعني ان رأس مال الصندوق قد يرتفع بنسب النسبة وبالتالي فان التوقعات قد تصب بدعم رأس مال الصندوق بما لا يقل عن 40 إلى 70 مليار اضافية خلال الفترة القادمة خصوصا ان الامر الملكي الكريم حدد بداية تنفيذ ما جاء به من تاريخ صدرو القرار بالامس وتعد هذه النقطة مهمة جدا لأنها ستعطي الصندوق نفس الزخم الذي يعمل به الآن حيث أصدر خلال أسبوعين لوائح تضمنت الموافقة على منح 54 ألف مقترض في المسجلين في قوائمه على مستوى المملكة وبهذا قد يصل رأس مال الصندوق إلى مايقارب 200 مليار ريال سعودي بما يضعه من بين أكبر صناديق التمويل العقارية الحكومية عالميا ويعكس اهتمام ولاة الأمر بتوفير الحياة الكريمة للمواطنين
بناء 500 ألف وحدة سكنية
هذا القرار له أبعاد عديدة وذات اثر ايجابي كبير على المواطن والوطن فاعتماد مبلغ ضخم جدا عند 250 مليار ريال لبناء 500 ألف وحدة سكنية سيكون له عدة انعكاسات ايجابية، فقد قدر تكلفة الوحدة عند 500 ألف ريال وهي تعادل قيمة القرض العقاري بتعديله الجديد إلا أن الأثر الكبير فهو يشكل عاملا مهما في تقليل حجم الفجوة على طلب السكن والتي تقدر بحوالي 150 إلى 200 ألف وحدة سكنية الا ان هذه الارقام تأخذ في الاعتبار الطلب على السكن بمختلف انواعه أي السكن للتملك وكذلك للايجار من قبل المواطنين والوافدين بمعنى ان هذه الوحدات التي سيتم بناؤها ستعيد التوازن للسوق خصوصا انها ستنشأ على أراضٍ حكومية مخدمة وسيتم تأمينها بكافة المناطق، وسيلعب هذا الامر دوراً كبيراً في تخفيض اسعار الاراضي السكنية لأن بناء الوحدات سيكون على أراضي تؤمنها الدولة وستتولى بناءها وتخدميها وهذا بدوره يعني التأثير على باقي تكاليف الوحدات السكنية التي يبنيها القطاع الخاص مما يسهم بزيادة التدفقات الاستثمارية نظراً لإمكانية تسويقها نظرا لأنها ستكون متناسبة مع متوسطات الدخل العام للمواطنين ويمنع هذا القرار احتكارية الاراضي وتجميدها لسنوات طويلة من قبل ملاكها بقد رفع اسعارها إلى مستويات اصبحت مقلقة على قطاع العقار كما سيشكل القرار صدمة ايجابية تعيد تقييم الاصول الاسكانية وتسعيرها بشكل يتناسب مع قيمتها الحقيقية والعادلة وجدواها الاستثمارية، وسيخفف القرار من الضغط على طلب القروض من الصندوق العقاري من قبل المواطنين لانه أصبح هناك حل امامهم ويعد تعدد الخيارات اهم وسائل وطرق الحصول على السكن باسعار مناسبة للدخل فسيكون امام المواطنين قروض الصندوق العقاري وكذلك مشاريع هيئة الاسكان وكذلك تمويل المؤسسات المالية وشركات التطوير العقاري ولهذه العوامل مجتمعة اثر بارز في تخفيف الضغوط التضخمية التي يلعب العقار السكني دوراً بارزاً فيها بما يعني أن أثره وخلال السنوات القليلة القادمة سيتلاشى تماما كما تشكل هذه القرارات دوراً بارزاً في عودة الاستثمارات للسوق المحلي وزيادة ضخها بشكل كبير في قطاع العقار فهو القطاع الذي يعبر بشكل كبير عن مستوى النمو الاقتصادي بأي دولة وسيفسح المجال نحو تأسيس وفتح مشاريع تتعلق بخدمة القطاع بشكل واسع بمختلف جوانبه سواء فيما يخص مشاريع مواد البناء وكذلك قطاع المقاولات وسيكون له أثر كبير في فتح عشرات الآلاف من الفرص الوظيفية أمام الشباب السعودي بمختلف مناطق المملكة وسيزيد من قدرة وقوة القطاع الخاص السعودي وسيزيد من الطاقة الاستيعابية للاقتصاد بما يكفل تقليل الاعتماد على استيراد مواد البناء من الخارج وسينعكس على مختلف قطاعات الاقتصاد بشكل مباشر وغير مباشر ومن ابرزها السوق المالي الذي سينشط كثيرا في حجم السيولة المتدفقة له من حيث طرح الشركات المرتبطة بالقطاع العقاري الحيوي ومواد البناء وكذلك زيادة تمويل احتياجات الشركات عبر السوق المالي وستسهم الأوامر الملكية الكريمة بفع معدلات النمو بالناتج الوطني بشكل كبير خلال السنوات القادمة مما يقلل من تأثير القطاع النفطي فيه ويرفع تمثيل ودور القطاع الخاص وتتوسع الاستثمارات فيه وتصبح الكثير من المشاريع ذات جدوى اقتصادية ناجحة نظراً لارتفاع معدلات الطلب على السلع والخدمات ويسهم بزيادة الخبرات العملية والمهنية للشباب السعودي بالقطاع الاسكاني بمختلف جوانبه الاوامر الملكية جاءت محملة بابعاد اقتصادية لا تعد ولا تحصى وستشكل انطلاقة قوية في صناعة التطوير العقاري وتلهب حماسة المستثمرين من الداخل والخارج لضخ أرقام كبيرة للاستفادة من حجم الانفاق والدعم الحكومي الكريم الذي أمر به خادم الحرمين الشريفين لتصبح ما سمي بمشكلة السكن من الماضي بل سيكون لها الدور الأبرز لتكون نقطة قوة كبيرة في الاقتصاد الوطني وانعكاسه عليه بشقيه الجزئي والكلي