الخصوصية السعودية لا تعني أننا ملائكة خلافاً للبشر على هذه الأرض كما يتوهم البعض، أو أننا لا نحمل الصفات الإنسانية كبقية شعوب الدنيا، أو أن الدماء العربية لا تسري في عروقنا كبقية شعوب المنطقة، بل نحن شعب خليجي عربي مسلم ينتمي لهذا الكوكب الجميل في بقعة تتوسط عالمه الممتد على كل اليابسة، تلك الخصوصية التي تميزنا عن غيرنا تعني ببساطة العلاقة الخاصة والثنائية المتناغمة بين القيادة الملكية والشعب السعودي، وهي حالة لا تشبه واقع النظم الملكية التقليدية أو غيرها من الدول، فالنظام السياسي منبثق من النسيج الاجتماعي لهذا الوطن. وهذا النسيج مرتبط بهذه الأرض المباركة، كل ذلك وفق قيم إسلامية أصيلة وعادات عربية عريقة.
لقد بانت تلك الخصوصية السعودية خلال الأيام الفائتة وفي أحلك الظروف الساخنة التي تمر بها المنطقة العربية، برفض الشعب السعودي لأوهام الثوريين وفضح أحلام المرجفين، بدلالة ثورة التافهين التي عادت بخفي (حنين) فلم تحرك فرداً واحداً، وجمعة الوطن التي جددت ولاء السعوديين وردت على مزاعم اللندنيين، وثلاثاء العزيمة الذي أكد عزم السعوديين على سحق الباطل بالحق كما أشار بذلك خادم الحرمين الشريفين في خطابه الذي ألقاه على شعبه الوفي يوم الجمعة المبارك 13 ربيع الآخر 1432هـ، هذا الشعب العريق الذي لم ينسَق وراء دعوات الفتن وأكاذيب السياسة، بل كان واثقاً بقيادته الحكيمة، محباً لوطنه العزيز، مؤمناً بنعمة أمنه.
الموقف المشرف من الشعب السعودي تجاه قيادته لم يمر مرور الكرام، لأن هذا الشعب يعيش في قلب أبي متعب، ويحمل حبه أينما كان وهمه أينما ذهب، حتى وهو على فراش المرض (حفظه الله)، فلم تكن القلوب مع عبد الله بن عبد العزيز في رحلته العلاجية بقدر ما كان قلب عبد الله الكبير مع كل الوطن. لذلك لم ينس هذا الملك العظيم وعده الصادق مع شعبه فكانت أول سحائب الخير مع قدومه الميمون من رحلته العلاجية، ثم كانت أوامره الملكية (العشرين) العامرة بالعطاء والمعبرة عن الوفاء في لوحة مميزة تنطق بحالة التلاحم السعودي الرائع، وتعكس الخصوصية السعودية في كل تجلياتها ومظاهرها التي تفرح الصديق وتغيض العدو في كل شوارع المملكة. فتلك الأوامر جاءت على كل المجالات التنموية والاقتصادية والاجتماعية، التي تسهم في استمرار نهضة الوطن وتحقيق رفاهية المواطن، كالصحة والإسكان والقروض والتعليم والتوظيف والأمن والجيش والشؤون الدينية وغيرها، فضلا ً عن آليات عمل تعزز الرقابة والمحاسبة ومكافحة الفساد.إن الحب يقابل بالحب والوفاء يرد بالوفاء.. هكذا هي معادلة الخصوصية السعودية التي نؤمن بها خلافاً لما يعتقده البعض بوهم الترفع على الآخرين أو ممارسة الفوقية عليهم.