أكتب في مذكرتي يوم الجمعة بتاريخ 19 مارس: حب الوطن لا يعتمد على تصنيف مسمى نظامه.
استمعت لكلمة مليكنا الغالي في التلفزيون، واستمتعت بنقاء وعفوية الوالد الحكيم الطيب المتواضع، عبد الله بن عبد العزيز أطال الله في عمره وعهده الزاهر، وحماه وحمانا من تقلبات الأيام وأجواء هذه الفترة العاصفة.
أي رجل فذ هذا الذي استطاع أن يجمع غالبية القلوب حوله حبا ووفاء؟؟ ولو كره الكارهون من الأقربين أو الأبعدين!
تابعت بعدها متأملة باهتمام مهني الأوامر الملكية وما دار من مقابلات إعلامية دعيت لبعضها. لأفرح في دوري كمواطنة، وأحلل تفاصيلها كمختصة بالتخطيط. وتابعت شيئا من العروض الإعلامية على الشاشات لاحتفاء الناس كبارا وشبابا وحتى أطفالا يلوحون بالأعلام الخضراء على أكتاف آبائهم أو يلوحون بها من سيارات عبأت الشوارع.
نحن شعب بلا شك يحب الاحتفال!! فشكرا لك يا مليكنا أن أتحت لنا مناسبة للاحتفال المضاعف: أولا لأننا سعدنا برؤيتك تخاطبنا شخصيا وعلى أرض الوطن الذي افتقد وجودك في غيابك. وقد كنا في وجل عليك وأنت بعيد عنا تعاني الألم شفاك الله منه بقدرته العزيزة، منة منه عليك وعلينا؛ وثانيا لأن فئات كبيرة من المواطنين سعدوا فعلا بما حملته لهم الأوامر الملكية من اتساع مجال الأمل أن معاناتهم وفي جوانب حياتية متعددة ستجد حلولا أو على الأقل فسحة للمحاولة؛ وثالثا لأن ذلك يوضح أن المعترض عليه من وزارة الداخلية ليس التجمهر للإعراب عن الفرح الجميل بل التجمهر الذي يمكن أن يستغله أعداء الوطن، وقد تحوله تلثمات الغدر المندس إلى شعلة شغب وتخريب وجرح للوطن والمواطنين.
أما فرحنا بوجودك قريبا بيننا فلا يختلف عليه اثنان؛ على الأقل اثنان يحملان نفس درجة الوعي بمدى تميزك كولي أمر.
و أما تفهمنا لمحتوى الأوامر فتفاوت بين المختص وغير المختص، والمستفيد منها ومن لم تشمله أي فئة من المستفيدين، وبين من نظر إلى سقف التوقعات ومن نظر أفقيا متفائلا بالرضى عن التحرك في وجهة تحقق التوقعات..
هكذا بينت لي حوارات الجماعات في الفيسبووك المتناقشين بصراحة العالم الافتراضي حول الأوامر وتفصيلاتها.. تراءت لي، و أنا أتابعها، تفاصيل المتلقين - الذين تسمروا أمام نشرة الأخبار ليسمعوا تفاصيل ما انتظرناه منذ أمس- متضحة عبر التعليقات؛ أشنعهم خلقا من مد لسانه شامتا بالآخرين من مواطنيه ومواطني الجوار. وأشفهم من تساءلت: وأين ما تمنيناه من النظر في حقوق هذه الفئة أو تلك وهي ما يهمنا أن تطالها الإصلاحات؟ وأشدهم حبا لك ولمستقبل الوطن من تساءل: هل حقا اقتنع الشعب باختزال حلمه في ابتهاج فئات بعينها؟. وأعجبت بهدوء وحكمة من ذكر الآخرين بأن هناك المزيد.
ذكرت عندها قولك لنا يوم استمعت لمرئياتنا: اصبروا والله والزمن معنا.. كل شيء تودونه سوف يأتي؛ تنادوا بالحق وتنادوا بالصبر»
ولكني شخصيا وأنا أتفهم بقدر الإمكان أولويات اختيار الفئات والقرارات في أي مشروع للإصلاح العام، أدرك أيضا وأتفهم أن الزمان يفرض وجهة أولوياتنا أحيانا. وليت الزمان كان أكثر ترفقا بنا وبجوارنا. لعل تعليقاتنا كانت ستتقارب أكثر في وجهة نظرها وأحكامها. بل لعل بعض المعلقين وقتها يتبادلون المواقع.
قلت - لغريب تطفل متهكما على نقاش القريبين-: نحن فعلا حظيظون بالملك وهو حظيظ بنا. من لا يحب حاكمه لا يستطيع أن يتفهم أو يتقبل الإعزاز والوفاء المتبادل بيننا. ولكننا نستطيع أن نتفهم معاناتكم. حب الوطن لا يعتمد على مسميات تصنيف نظامه. بل على الشعور بالأمن، والثقة بالعدل وبأن الانتظار ينتهي بالاحتفال.
أنا شخصيا مؤمنة بأننا حظيظون. حماك الله ذخرا وظلا وصدقا.
اللهم اجعله دائما زمنا للاحتفالات..