ألف جلال الدين السيوطي كتابا بعنوان (الفارق بين المصنف والسارق) ناقش فيه ظاهرة مهمة في أوساط المؤلفين والكتاب، وهي ظاهرة سرقة بعض المؤلفين جهد غيرهم ونسبته إلى أنفسهم، وإن كان هذا الكتاب يتحدث في مجمله عن قضية خاصة إلا أنه من الممكن أن يستثمر مثل هذا الكتاب في قضايا عامة وهي الالتباس الحاصل عند نقل مؤلف من كتاب آخر، وضوابط النقل؛ فبعض المؤلفين ينقل عن بعض المصادر، ولا يوثق النقل، ويرى أن هذه طريقة سار عليها علماء متقدمون، وهناك مؤلفون يرون أنه من المهم توثيق كل سطر وحرف تنقله عن الآخرين، لكن تبقى هناك قضايا تحتاج إلى مزيد من النقاش في هذا الباب مثل: النقل من مصدر قد نقل من مصدر آخر هل توثق للمصدر الأصل أم توثق للمصدر الواسطة؟
توصف بعض الكتب التراثية وبعض المؤلفين القدامى بالتساهل في هذا الجانب، وعدم التشديد، ويبرر آخرون ذلك بأن التآليف التراثية تختلف عن التآليف المعاصرة من ناحية تعدد النسخ وعدم وجود حقوق مادية وعملية تنظيمية، كما هو الحال الآن في عصر الطباعة وقيام لوائح حق المؤلف، ومن بين أسباب عدم توثيق النقل سابقاً هو التحفظ على اسم الكاتب المنقول عنه، كما كان بعضهم ينقل عن ابن تيمية، ولا يذكر اسمه لاعتبارات مذهبية في تلك الفترة. وعموماً.. هذه الظاهرة تستحق الدراسة والإشارة والإثارة إلا أن ذلك لا يعني أن نطلق التهم جزافاً على الآخرين عند كل شبهة نقل ، ولا يعني أيضاً أن نتساهل في ردع من أخذ جهد الآخرين ونسبه إلى نفسه، وعموماً كل هذه الأمور تجعلنا نتمنى أن نجد من يسلط الضوء على مثل هذا الموضوع المهم.
فاكس : 2333738