من بين الأوامر الملكية الصادرة قبل أيام توجيه خادم الحرمين - رعاه الله - بقيام «الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد» وهي الخطوة المهمة في بناء المشروع الوطني الذي يرعى الشأن العام ويقيمه ويرد إليه الاعتبار بوصفه هاجساً إنسانياً يشارك فيه الجميع، بل وتمتد آثاره وتبعاته للأجيال القادمة على مدى عشرات السنين.
ولكي لا يكون الأمر محصورًا في مناقشة أو متابعة الشأن المالي فقط، فإنه من المهم أن يشمل اختصاص هيئة مكافحة الفساد جميع القضايا المتعلقة في المجتمع على نحو قضايا الأخطاء الطبية، ومشاكل التجاوزات الإدارية والمالية من قبل بعض الموظفين مطفئي الضمير، وكذلك العابثين في الحقوق ومهدري المال العام، والمحاولين دائماً التحايل على الأنظمة بإصدار التعاميم التي تخدم منافعهم، ولا ننسى المتلاعبين ببنود القطاعات الخدمية على نحو البنود البسيطة كالمكافآت والحوافز والمصروفا ت.
فجل هذه القضايا لا يمكن لها أن تمر مروراً عابراً في ظل وجود هذه الهيئة الوطنية التي أمر بقيامها وتأسيسها خادم الحرمين رعاه الله، مؤكداً على أهمية نجاحها بأن يشارك فيها الجميع، فالهيئة هنا معنية بسرعة كشف الحقائق وتقديم الصورة الحقيقية لمثل هذه الممارسات والتجاوزات لتوثيقها ومعاقبة المتسبب فيها وعدم التستر على أي مخالف أو عابث.
فمن المؤكد أن «هيئة مكافحة الفساد» سيكون لها الدور الأكبر في القضاء على الكثير من الممارسات المؤذية في الجانب الإداري والمالي في القطاعات الخدمية، إذ ستضطلع هذه الهيئة ومن خلال لجان قانونية ومحاسبية مستقلة ومتخصصة لتحد من تفاقم مثل هذه التجاوزات التي قد تحرم الناس حقوقهم، بل تكثر طوابير المتبرمين والغاضبين من بعض المديرين والمتنفذين في الإدارات الذين لا يتورعون عن اقتناص أي فرصة لنهب المال العام والتبجح بأكله كما يقولون: (كُلْ من هذا الشق إلى ذاك الشق وما عليك!!) ويعني أطراف الفم كناية عن النهم والشره وعدم المبالاة.
فالهيئة الجديدة معنية بتوسيع خصوصية عملها وتقديم رؤية متكاملة لأصحاب الاختصاص وأهمية تواجدها في بعض القطاعات التي قد تكثر فيها مثل هذه التجاوزات التي تتم من قبل بعض الأشخاص ليكون العقاب أو الجزاء من جنس العمل الذي مارسه هذا المخالف أو ذاك.