|
جدة - فهد المشهوري - عبدالله الدماس - تصوير - أحمد قيزان :
أكَّد محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور محمد بن سليمان الجاسر أن قرارات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله- ستغير مجرى التنمية الشاملة في المملكة خلال السنوات القليلة المقبلة.
جاء ذلك خلال الجلسة الأولى لمنتدى جدة الاقتصادي أمس الذي انطلقت فعالياته برعاية صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة وتحدثت عن (تأثير القوى العالمية) وأدارها كيتو دي بوير، المدير المسؤول بشركة مكنزي، وشارك فيها كوكبة من خبراء الاقتصاديين في العالم.
وأكّد الجاسر أن مجموعة العشرين التي تضم في عضويتها المملكة وتركيا ستكون ذات تأثير قوي في المستقبل خصوصًا أنها تمثل ثلث سكان العالم ولا تخضع في نفوذها إلى دولة بعينها، وتملك إرادة جماعية وتؤثر بشكل كبير في القرارات الدولية العالمية التي ستقود إلى إصلاح متوقع للوضع الاقتصادي العالمي وتنهى على آثار الأزمة المالية التي حدثت في السنوات الماضية.
وأضاف: لا أعتقد أن الاختلالات الموجودة في النظام العالمي هي السبب الرئيس في الأزمة الاقتصادية العالمية، لكن ينبغي أن يكون هناك نظام متعدد الاتجاهات يضم الدولار واليورو والعملة الصينية التي تؤثر بشكل كبير في الاقتصاد العالمي، وعلينا أن ندرك أن العولمة تجلب فوائد لكنها تجلب أيضًا تحديات.
وأشار إلى أن المملكة تستخدم فوائض الميزانية لتحقيق التنمية الاقتصادية وعندما تتوفر الموارد المالية فإنها تعطيك الفرصة لجعل اقتصادك أقوى وأكثر متانة، وهو ما سعينا إليه في المملكة.
وقال كيتو دي بوير المدير المسؤول بشركة مكنزي: إن أنماط التجارة والحركة التجارية في العالم الثالث تطورت كثيرًا ونمت بصورة كبيرة مقارنة بالاقتصاديات الكبرى، وكذلك في مجال براءات الاختراع والتكنولوجيا، لافتًا إلى أن أكبر شركة تسجل براءات اختراع كانت في الصين، وتناول الاتجاه الرابع العالمي المتعلق بوضع الأسعار وكيفية إدارة العرض والطلب، وأشار إلى أن ما بين هذه السنة وعام 2030 سيزيد الطلب بصورة كبيرة على الغذاء تصل إلى 48 في المئة، متناولاً الفروقات بين الأغنياء والفقراء وبين الذين يمتلكون والذين لا يمتلكون وقال: إنه سيكون هنالك اختلالات، وفي حديثه عن نمو المدن ذكر: في عام 2009 كان هناك تحول كبير والاتجاه الحاصل أن 1.5 مليون ينتقلون إلى المدن كل أسبوع، وهذا شيء كبير بالنسبة للإنتاجية والمساواة لأنَّ المدن بها مساواة أقل من الريف، وإذا نظرنا إلى المجتمعات الزراعية فإن الفرق بين الأغنياء والفقراء يمثل 3 أضعاف، فمن الصعب أن تكون مزارعًا غنيًا، فهنالك فرق كبير بين الأغنياء والفقراء.
ولفت كيتو إلى أن ما قامت به المملكة خلال الـ40 سنة الماضية التي أصبحت البلد الخامس الأكثر تطورًا فيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية، وقد جاءت بعدها عمان وإندونيسيا ونيبال، وقال: إنه يتعين خلق 100 مليون وظيفة خلال السنوات المقبلة، لاسيما أن دول الخليج العربي تُعدُّ من الاقتصاديات الديناميكية، والتحدي يكمن في القدرة على أحداث وظائف.
ضمن السياق ذاته، تناول رئيس مجلس إدارة يو بي إس كاسبر فليجر، آثار البطالة وزيادة الديون التي تساعد على توليد كثير من الضغوط الانكماشية، مشيرًا إلى أن الفرق في مستويات الدين لا يزال كبيرًا، وقال: إن العجز في ميزانية الولايات المتحدة كبير ويمول من الاحتياطي المركزي، ومن المحتمل أن تحدث زيادة التضخم مستقبلاً، كما أن مستقبل الاقتصاد للدول الكبرى يشكل علامات استفهام كبيرة، وكما هو الحال في بقية الدول الأوروبية، والسؤال المطروح بالنسبة لأوروبا فإن مستقبل منطقة اليورو فإنني لا أعتقد بأنها ستفكك نفسها، وأعتقد أن الحل الوحيد لاستدامة منطقة اليورو هو الاتحاد النقدي أو اتحاد العملات، وهيكلة النظام المصرفي الأوروبي أمر لا يمكن تجنبه. مستنتجًا الفرص الجديدة لإنتاج الأعمال الذي يتطلب مرونة كبيرة، مع حل الأسئلة المتعلقة بالصين وأوروبا التي تقتضي سياسات حكيمة للنهوض بالاقتصاد الدولي.
من ناحيته قال المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة أبراج كابيتال عارف نقفي: إن الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة تضاعفت بنسبة 400 في المئة، إلى جانب انخفاض مستوى عدم التيقن في العالم والمخاطر التي يمكن قياسها ومعالجتها وإيجاد حلول للنتائج المرتبطة بها، مشيرًا إلى أهمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي توفر فرص عمل كبيرة وفرص هائلة لرجال الأعمال لإنشاء البيئة المواتية لرفع الإنتاجية، واستيعاب البيئات الاقتصادية الصغيرة.
من جانبه أكَّد صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل بن عبد العزيز رئيس مجلس إدارة معهد الملك فيصل للدراسات الإسلامية أن هناك خللاً كبيرًا في سوق العمل بالمملكة سمح بوجود أكثر من (8) ملايين عامل غير سعودي.
وأكّد في الجلسة الثالثة التي أدارها تركي الدخيل مقدم قناة العربية، وتناولت (المواطنة المزدهرة) أن القرارات الأخيرة التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله- ستساعد على تحقيق طفرة كبيرة على صعيد سوق العمل خلال السنوات الـ(15) المقبلة، مشيرًا إلى أن المواطنة المزدهرة تعني الاعتماد بشكل كبير على أبناء وبنات الوطن المؤهلين لتحقيق النهضة الشاملة، خصوصًا أن المملكة تملك إمكانات بشرية كبيرة.
من جانبه، أكَّد غسان الكبسي الخبير في شركة ماكنزي أن الإحصاءات والأرقام تؤكد أن (80 في المئة) من العاملين في السوق السعودي موجودون في القطاع الحكومي، وأن هناك أكثر من (3) ملايين من مجموع الملايين الأربعة التي تمثل العمود الرئيس لسوق الوظائف، وأشار إلى ضرورة وجود سياسات بديلة في الفترة المقبلة، مشيرًا إلى أن القرارات التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز تمثل الحزام الآمن للطبقة الوسطى التي تحتاج إلى الكثير من الخطوات في الفترة المقبلة.
دعا رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أصحاب الأعمال السعوديين على وجه الخصوص والخليجيين بشكل عام إلى ضخ استثماراتهم في بلاده، مشيرًا إلى أن هناك أكثر من (200) شركة سعودية تعمل حاليًا في الجمهورية التركية وتسهم في توثيق أواصر التعاون بين البلدين، مشددًا على حجم التبادل التجاري الموجود حاليًا الذي لا يتجاوز (5) مليارات دولار لا يرقى إلى طموحات البلدين.
جاء ذلك خلال الجلسة العلمية الثانية لمنتدى جدة الاقتصادي الحادي عشر بعنوان (القائد العالمي) التي أدارتها ميشال حسين مقدمة البرامج في (بي بي سي)، وبدأت بكلمة لوزير التجارة والصناعة عبد الله زينل.
وقال أردوغان: نأمل أن تسهم أفكار المنتدى في حل المشكلات الاقتصادية في منطقتنا، وأضاف: المملكة كانت ضمن أكبر الدول المستثمرة في تركيا، وهناك 200 شركة سعودية تعمل لدينا، وحجم التبادل التجاري بين البلدين وصل إلى 5 مليارات دولار، ثم تراجع عام 2008م مع الأزمة العالمية إلى 3 مليارات، وعاد إلى 4.5 مليار في العام الماضي وهي أرقام أقل من المطلوب.
وأضاف: ألغينا تأشيرات الدخول مع سوريا ولبنان والأردن ونجري مباحثات مع المملكة لإلغاء التأشيرات بيننا، ونؤمن بأننا سنزيل جميع الحواجز الموجودة بيننا.