لأن أهل الخليج العربي يحسنون الظن في كل من ينتسب للإسلام حتى وإن كان إدعاءً كالذي نراه من الصفويين حكام إيران.. ولأن أهل الخليج يتعاملون مع جيرانهم الفرس بأخلاق عربية إسلامية، فإن علاقاتهم دائماً تميزت بحسن الجوار، ولم يحصل أن صدر من العرب أي شيء يكدر العلاقة مع الجيران فرساً أو أتراكاً، وفتحت بلدان العرب وخاصة دول الخليج أبوابها أمام العمالة الفارسية، بل إن بعضهم عومل معاملة المواطنين، أما في المقابل فقد تعامل حكام الفرس (التي أصبحت تسمى إيران بعد أن ضُمت إليها بلدان ومناطق غربية بالأحواز العربية وبلوشتان وكردستان وأذربيجان الغربية) بعكس ذلك ومن قبل كل حكامهم، سواء كان الحاكم شاهاً مدعوماً من الغرب.. أو حاكماً مدعوماً من المعممين.. بدءاً من الشاه رضا بهلوي إلى آخر حكام إيران الحاليين.. فجميعهم كانوا يتعاملون وكأنهم «أكاسرة» (جمع كسرى) بالخروج عن أساليب وأصول التعامل المعتادة بين الدول، بل حتى بين الشعوب، ولأن طبيعة أهل الخليج العربية التسامح، فإن القابعين في طهران فسروا ذلك بالضعف، بل أكثر من ذلك يتبجح قادة ما يسمى بالحرس الثوري بأن حكومات الخليج يجب أن تحترم قوة إيران العسكرية وتخاف من عقابها..!!
تصوروا عقابها!! ومع أن المثل العربي الشهير الذي يجسد حكمة العرب يقول: «من كان بيته من زجاج فلا يرمي الآخرين بالحجر». إلا أن إيران الحالية لم تدرك بعد بأن كلها زجاج. فالفرس الذين يحكمون إيران لا يشكلون سوى 26% من مكونات الشعوب الإيرانية، وحتى هذا المكون الفارسي لا يرغب في استمرار حكم الملالي، فالإصلاحيون ومجاهدو خلق وأنصار حزب توده وغيرهم، جميعهم يتحينون الفرصة لطرد أيتام الخميني.
أما باقي الشعوب الإيرانية، فالعرب في الأحواز والبلوش والأكراد يخوضون نضالاً يومياً ضد عناصر الحرس الثوري والباسيج وأجهزة القمع، وهؤلاء يخوضون كفاحهم دون أن يسندهم أحد مع أن لهم حق الدعم وواجب المساندة، فالأحوازيون العرب واجب العرب مساندتهم خاصة وأن نظام طهران يمنعهم حتى من الحديث بلغتهم، كما أنه لا يجوز لأئمة المساجد وشيوخ السنة تأدية عملهم، وهو نفس الشيء يحدث مع البلوش والأكراد وجميعهم من أهل السنة والجماعة، وهذا أحد أسباب الظلم المرتكب ضدهم من نظام الملالي الطائفي والعنصري.
وهكذا فإن 76% من الشعوب الإيرانية مهيأة للانقضاض على هذا النظام، وهذه الشعوب التي تخوض كفاحاً متواصلاً ضد الحكم الطائفي والعنصري ومعهم نسبة كبيرة من الأحرار من أهل فارس، وهو ما يجعل هذا النظام هشاً ومكشوفاً أمام أي تحرك جدي ودعم حقيقي لمساندة المظلومين من العرب الأحوازيين ومن البلوش والأكراد، وهذا ليس رداً على تدخلات إيران في الشؤون الداخلية العربية، بل أيضاً لأنه واجب شرعي وقومي.