|
جدة - فهد المشهوري - عبدالله الدماس :
طالبت ناهد طاهر الرئيس التنفيذي لبنك (جلف ون) بشراكة فعالة بين القطاعين العام والخاص لتحسين الناتج الإجمالي في المملكة ومنطقة الخليج، وشددت على أهمية الاستثمار في مجالات البنية التحتية والنقل والكهرباء، مستغربة توجه الشريحة الكبرى من المستثمرين نحو مجال العقار على اعتبار أنه الأكثر أماناً في تحقيق الأرباح.
وترأست طاهر الجلسة العلمية الأولى لمنتدى جدة الاقتصادي التي جرت أمس تحت عنوان (الدولة كشريك رئيسي) بمشاركة علي البراك الرئيس التنفيذي لشركة الكهرباء السعودية وخالد الملحم المدير العام للخطوط العربية السعودية وفلاديمر ايفتوشينكوف الرئيسي التنفيذي سيستمبا وريتشارد ماكرماك نائب مجلس إدارة بنك أوف أمريكا.
وشددت طاهر على ضرورة وصول الخدمات إلى مستحقيها في مختلف القطاعات بالمملكة وخصوصاً القطاع الصحي، معتبرة أن قرارات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز (يحفظه الله) الأخيرة لم تترك أي فرصة لمختلف الجهات للتهاون في حق المواطن الذي يحظى بعناية كبيرة من الدولة، مؤكدة أن التعاون بين القطاعين الخاص والعام في المملكة لم يرق للمطلوب حتى الآن.
وأشارت أن معدل النمو في السعودية وصل إلى (6.1) بينها (1.6) في الإنشاءات وهو معدل لا يبدو مرضياً وبالتالي هناك سلبية في هذا المجال، ولاشك أن القرارات التاريخية التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز (يحفظه الله) قبل أيام ستساهم في دفع عجلة النمو بشكل أكبر.
وأضافت: انتشار البطالة وعدم استخدام أموال النفط جعلت الناتج الإجمالي الحقيقي في منطقة الخليج أقل مما ينبغي أن تكون عليه، وأتصور أن الفجوة الكبيرة في المملكة تتمثل في البطالة ويجب أن نعمل على إيجاد عمل للشباب والفتيات، والقطاع الخاص يحتاج أن ينمو بالشراكة مع القطاع العام، والملاحظ أن إنتاجية القطاع الخاص تنمو بشكل واضح. وقالت: إن الشراكة بين القطاع الخاص والعام تحتاج إلى دعم كبير، ويجب أن تكون متساوية بنسبة 50% لكل طرف وفي المملكة نحتاج إلى استثمارات تصل إلى 1.5 تريليون دولار بحلول عام 2020 م، منها 150 مليار دولار في البنية التحتية، وهناك صناديق تم الإعلان عنها من أجل دعم هذه المشاريع.
وأشارت طاهر إلى اتجاه أغلب المستثمرين في المملكة والخليج إلى العقار.. قائلة: من سوء الحظ أن منطقتنا ومستثمرينا يعملون في مجال العقار ولا ينظرون إلى الاستثمار في الإنشاءات على أنها مربحة.
من جانبه قال المهندس علي البراك الرئيس التنفيذي لشركة الكهرباء: قمنا في الشركة بطرح عدد من المشاريع للقطاع الخاص، ولدينا ثلاثة مشروعات تعمل بشراكة قائمة وهناك مشروعين آخرين تحت الإنشاء، ونحن ندرك أن الشراكة بين القطاعين يمكن أن تكون قاعدة لمزيد من الخدمات، وتكون حافزا للقطاعات الرئيسية في عملية الخصخصة التي تدعمها الدولة وتحرص عليها.
ورداً على سؤال عن مشاكل انقطاع الكهرباء في القطاعات الاستثمارية، قال البراك: تعرفة الكهرباء بالنسبة للقطاعات الاستثمارية في المملكة تعتبر من أقل التعريفات في المنطقة، ونحن نسعى دائماً إلى تحسين الخدمة، وفي حال انقطاع الكهرباء على المصانع أو الجهات الاستثمارية يوجد نظاماً واضحاً لتعويض المشترك.
في المقابل.. أكد الدكتور خالد الملحم المدير العام للخطوط العربية السعودية: لم نمانع أن يكون لدينا شريك أجنبي أو محلي أو الاثنين معا، لكن اشترطنا توفير المعلومات الكافية حتى نتمكن من تعزيز الثقة، ويمر المستثمر بعملية التأهيل حتى نتأكد من الذي سيتقدم وهل سينجز الأعمال التي توكل له أم لا.
وفي رده على تساؤلات المشاركين عن بعض السلبيات الموجودة في الخطوط السعودية.. قال الملحم: رحلاتنا المحلية تذهب إلى (26) مطاراً داخلياً وكل مقعد على هذه الاتجاهات يعتبر (خاسراً) بالنسبة لنا، لأنه مدعوم ويطرح بأقل من سعره الحقيقي، ولابد من إعادة النظر في الأسعار التي جرى تثبيتها منذ (16) سنة ولم تتغير حتى الآن، ومن المهم حدوث تحسين الخدمة، ولاسيما أننا في الفترة الأخيرة بدأنا تحديث أسطولنا بـ(45) طائرة جديدة وأخرجنا الطائرة المتهالكة، علاوة على أن عمل مطار جدة الدولي الجديد بعد (3) سنوات سيساعد في تحسين الخدمة.
من جانبه نصح ريتشارد ماكرماك نائب مجلس إدارة بنك أوف أمريكا السعوديين بعدم إجراء أي تغيير على عملتهم.. مشيراً إلى أن ربط الريال في الوقت الحالي بالدولار يخدم أهداف المملكة، مؤكداً أن بعض الكثيرين تحولوا في الماضي إلى (اليورو) لكنهم شعروا بالندم بعد أن هبط بشكل واضح، وعندما تحدث اضطرابات كثيرة من الأفضل أن يكون هناك صبر على الوضع الحالي.
في المقابل.. أشار فلاديمر ايفتوشينكوف الرئيس التنفيذي ل سيستمبا إلى أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص قائلاً: هناك مسألة مهمة في خلق الوظائف، وعرفنا أن هناك (6) ملايين وظيفة في المملكة خلال الفترة المقبلة، وأتصور أن الشركات الكبيرة ليست وحدها التي ستخلق هذه الوظائف، بل الشركات المتوسطة لها دور كبير في ذلك،
وأضاف: أعرف بعض رجال الأعمال الكبار بدأوا بـ(250) دولار.. ودور الحكومة يتمثل في تثقيف الناس وتوعيتهم وربطهم ببعضهم، ودعمهم ببعض رؤوس الأموال التي يمكن الانطلاق منها.
وفي الجلسة الثانية اتفق المشاركون على أن المملكة مرشحة للتقدم إلى المركز (21) بين أكبر اقتصادات العالم بحلول 2015 متقدمة على هولندا وبلجيكا ودول أوربية كبرى، رافضين بشكل قاطع وجود أي وصاية أو رقابة على شبكة الإنترنت داخل المملكة، ومشيرين إلى أن التكنولوجيا هي السبيل الوحيد لتطوير الإنتاجية وتنمية المجتمع بشكل أشمل في السنوات المقبلة.
وتناولت الجلسة (الإنتاجية الأساسية) بمشاركة الدكتور بدر البدر العضو المنتدب لقسم المجتمعات والمدن الذكية، بيتر ديامن ديس رئيس الجائزة المنظمة لشركة إكس التي تقود العالم في الجوائز الإبداعية، ونيلسون ماتوس نائب رئيس للهندسة في غوغل، حيث ركزت الجلسات العلمية في اليوم الثالث على (تحديد معالم مستقبل المملكة واستغلال طاقات الاقتصاد) من خلال تسخير التكنولوجيا لتلبية حاجة المملكة إلى الإنتاجية، وشدد المشاركون على أن الإنتاجية كانت على الدوام المحرك الرئيس بعيد المدى في تطور ورفاهية أي بلد، وتشكل الركيزة الأساسية للنمو وتكوين الثروات، في ظل معاناة الدول المتقدمة من انخفاض معدلات المواليد وشيخوخة القوى العاملة.
وشدد بدر البدر العضو المنتدب لقسم المجتمعات والمدن الذكية في البداية على أهمية استثمار التكنولوجيا بشكل أفضل في السنوات المقبلة، وقال: العالم يتغير اقتصادياً من حولنا، حيث أصبحت الدول النامية تضم أكبر اقتصادات العالم، وفي عام 2015 يتوقع أن تكون هناك (6) من أكبر الاقتصاديات في العالم من الدول النامية، وستكون المملكة في المركز (21) عالمياً متقدمة على هولندا وبلجيكا وعدد من الدول الكبرى، حيث إن الاقتصادات النامية ومنها المملكة 50% من عدد سكانها أقل من (30) سنة، ويتوقع أن يكون (90%) من سكان المملكة في المدن الرئيسة خلال العام نفسه.
وأضاف: هناك عبء كبير على الموارد البشرية.. حيث إن الدول المتقدمة تشيخ والنامية تتقدم، وفي رأينا الإنتاجية تتأثر بالاستثمار في تقنية المعلومات، وفي دراسة إلى منظمة التعاون والتكامل الاقتصادي وجدت علاقة طردية بين زيادة المعلومات وارتفاع الاستثمارات، وحسب دراسات شركة (فاسكو) سيرتبط بالإنترنت أكثر من تريليون جهاز خلال السنوات العشر المقبلة، ليس أجهزة الحاسب فقط، ويمكن أن تنمو خدمات جديدة تغير شكل الحياة والعمل دون التفريط في المعادلة البيئية، ولن نفعل ذلك إلا بالاستثمار في المدن الذكية من خلال تشغيل كل العالم على شبكات، بحيث تكون هناك حكومة إلكترونية.
وقال البدر نحن بحاجة إلى تغيير شامل في ذهنية الجميع، نافياً وجود رقابة أو وصاية على الإنترنت في المملكة وقال: من الصعب على أي دولة في العالم في ظل التطور الموجود حالياً فرض رقابة صارمة على وسائل التقنية العالمية الجديدة وعلى رأسها الإنترنت، فالعالم كله أصبح قرية صغيرة والممنوع اليوم سيكون مسموحاً غداً.
وطالب بيتر ديامن ديس رئيس الجائزة المنظمة لشركة إكس التي تقود العالم في الجوائز الإبداعية بتدريب جيل جديد من رواد الأعمال في المملكة والخليج وإطلاق جائزة يفوز بها صاحب العمل الذي يخلق أكبر عدد من الوظائف، وهي نموذج لتحفيز الجميع على تشجيع القطاع الخاص على المشاركة في توظيف المواطنين والقضاء على البطالة، وفي نهاية المطاف سيكون المستفيدون هم الشباب الذين سيجري توظيفهم.
وقال نيلسون ماتوس نائب رئيس للهندسة في غوغل: لقد بدأت رحلتي للرياض بارتداء الشماغ والعقال والثياب السعودية التي اكتشفت أنها مريحة جداً، وكنت أتمنى أن أتحدث معكم باللغة العربية، لكن ذلك قد يحدث في المستقبل، واستعرض تجربة شركة جوجل العالمية في تقديم الحوافز الاقتصادية للكثير من الشركات الصغيرة، والطرق المبتكرة التي قدمتها للعملاء في كل بقاع العالم. وأضاف: أتصور أن الإنترنت أكبر إنجاز شهدته البشرية واستفاد منه الاقتصاديون، فالعالم كله يتجمع على مجمع بحث واحد، وعلينا أن ندرك أن (3%) من الدخل القومي في جمهورية التشيك جاء من خلال الإنترنت، وسيزيد إلى (5%) بعد سنوات، وبالنسبة لفرنسا كان الإنترنت مسؤول عن نماء (9%) وخلق 700 ألف وظيفة خلال (5) سنوات، وسيزيد في الفترة المقبلة من الدخل القومي الفرنسي بشكل كبير، والمملكة مطالبة ببناء تنمية اقتصادية قائمة على التكنولوجيا، ولابد أن تكون هناك مشجعات مالية تساهم في التطور الاقتصادي. وتابع: نعتقد أن الحكومات مطالبة بإعطاء قدر كبير من الحريات للمؤسسات والشركات للوصول إلى كل الخدمات عبر الإنترنت، وأشاد رئيس هندسة جوجل بالتطور الذي شهده في المملكة مشيراً إلى أنه وجد خلال زيارته التي بدأت قبل أيام في الرياض بيئة عمل ممتازة يمكن أن تساعد على تطوير الإنتاج، وتجربة السعودية يمكن أن تكون شبيهة بالتجربة في روسيا وليس بالدول الغربية.
وشهدت الجلسة استطلاعاً للرأي حول التدابير الثابتة التي سيكون لها النصيب الأكبر في زيادة الإنتاجية بالمملكة: حيث حصل التعليم أو التدريب على نسبة (59%) من مجموع أصوات الحاضرين، وجاءت الممارسات الإدارية في المركز الثاني بنسبة (19%)، واللوائح التنظيمية والسياسية في المركز الثالث بنسبة (16%)، والخيارات الأخرى على (6%).