|
توالت عطاءات الخير من لدن سيدي خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - لشعبه الوفيّ النبيل، الشعب الذي أثبت للعالم - وأدهشهم - حبه الصادق وولاؤه الخالص لمليكه ودينه ووطنه، لقد جاءت تلك الجمعة المباركة محملةً بالأوامر الملكية الكريمة التي حملت الخير العميم الشامل لكل أبناء الوطن، شاملةً جميع الجوانب الحيوية في حياته من دين وصحة ومسكن وحياة راغدة كريمة.
ولعلي أقف هنا عند ثلاثة جوانب شملتها بعض هذه الأوامر الملكية الكريمة، ولا شك بأنها مهمة جداً ومرتبطة بالمواطن أشد الارتباط، ومن شأنها - بعد توفيق الله سبحانه وتعالى - أن تحفظ الوطن وتديم استقراره وأمنه وتدفع بعجلة التنمية فيه إلى الأمام.
أولها: جانب الدين، حيث حفظ خادم الحرمين الشريفين حفظه الله حق العلماء، وصان مكانتهم الرفيعة، وشدّد على الأساس المتين الذي قامت عليه الدولة، وهو كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ولقد أثبت علماؤنا - سلمهم الله - من خلال وقفتهم وتصديهم للفتن التي يثيرها الأشرار للبلاد أن الدولة قامت على هذا الأساس القوي، وأنها تستمد قوتها من استشعار علمائنا لقوله تعالى «وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم»، وأن هذا التلاحم الشديد بين الشعب والقيادة هو نتاج العلاقة المتينة بين حكومتنا الرشيدة وعلمائنا الأفاضل وفقهم الله فلا عجب إذن أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - جانب الدين المتمثل في دستورنا وعلمائنا ودعاتنا، ويشدّد على مكانتهم الرفيعة.
وثانيها: إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، التي أنشئت تأكيداً على قيام الدولة أيدها الله على العدل والمساواة وحفظاً لحقوق الوطن والمواطن من خلال المشاريع الوطنية التنموية والقضاء على الفساد بكل صوره، وأن الدولة لن تتوانى في محاسبة كل من يتورط في قضية فساد كائناً من كان، وهذه هي المساواة، فكل المواطنين في هذا البلد الكريم سواء، أياً كانت مناصبهم أو مراكزهم أو أنسابهم، وهذه هي الأمانة، وخادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - من خلال أمره بإنشاء هذه الهيئة أكد على أن الوطن أمانة وأنه لا بد أن تؤدى الأمانة على الوجه الذي يرضي الله تعالى ثم القيادة الرشيدة والمواطن.
وثالثها: جانب الإسكان، والأوامر الملكية الكريمة الصادرة بهذا الشأن التي ستساهم بإذن الله تعالى مساهمةً حقيقية في حل مشكلة السكن، فمن جانب صدر الأمر الكريم بإنشاء مشروعٍ إسكانيٍ ضخمٍ سيستفيد منه خمسمائة ألف مواطن، ومن جانب آخر رُفع الحد الأقصى للصندوق السعودي العقاري ليصبح خمسمائة ألف ريال بدلاً من ثلاثمائة ألف ريال وضخت سيولة كبيرة سوف يستفيد منها جميع المواطنين سواء الذين يمتلكون أراضي ويرغبون البناء عليها أو الذين يريدون شراء وحدات سكنية بقيمة القرض الجديد، آخذين في الاعتبار الأمر الملكي الكريم السابق، الذي ضخ في صندوق التنمية العقارية أربعين مليار ريال، وسوف يستفيد منه شريحة واسعة من المواطنين.
ولقد رأينا وسمعنا ردة فعل الشعب الوفي ممثلاً في شكره وامتنانه لمليكه ملك الإنسانية والمشاعر الفياضة التي صاحبت ذلك، حيث ازدحمت جميع شوارع العاصمة وغيرها من مدن المملكة في يوم جمعة الوفاء والولاء معبرةً عن الفرحة والولاء لخادم الحرمين الشريفين يحفظه الله، مبرهنة للعالم أجمع أن شعب المملكة العربية السعودية يدين بالولاء لملك الإنسانية، والانتماء لهذا الوطن المعطاء.
إن الإنسان في حقيقة الأمر ليعجز عن التعبير تجاه الأوامر الملكية الكريمة وما جاء فيها من خير وعطاء للوطن عامة، وللمواطن خاصة، وهي تحمل في طياتها حلولاً اقتصادية واجتماعية تاريخية غير مسبوقة، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ لبلادنا استقرارها وأمنها وأن يديم على خادم الحرمين الشريفين حفظه الله الصحة والعافية ويجعل ذلك في ميزان حسناته وأن يحفظ سنده وولي عهده الأمين سلطان بن عبدالعزيز ونائبهما الثاني رجل الأمن الحكيم نايف بن عبدالعزيز وأن يبعد عن مملكتنا كل شر وذي شر، ولا يفوتني بهذه المناسبة الغالية على قلوبنا وفي أجواء هذه الأوامر الملكية الكريمة الصادرة من مليكنا المحبوب أن أتقدم بجزيل الشكر والعرفان لمقامه الكريم على هذه المشاعر الإنسانية الفياضة تجاه شعبه الوفيّ الكريم سائلاً المولى عز وجل أن يوفقه ويسدد على طريق الخير خطاه.
* نائب الأمين العام لمجلس الوزراء