على الرغم من أن القومية الإيرانية، اتسمت بالتوسع في العصر الحاضر، وذلك عن طريق تصدير «الثورة الخمينية»، إلا أن استقراء التاريخ، يؤكد أن: تلك السياسات الخاطئة للحكومة الإيرانية، كانت عرضة للتفكك الداخلي، بسبب النزاعات بين العنصر الفارسي
وباقي الأقليات، من جهة. ومن جهة أخرى، بسبب علاقاتها بقوى المقاومة وقوى الممانعة.
حاول الإيرانيون استرداد حريتهم، من خلال قدراتهم الذاتية. كما حاولوا إسقاط ورقة التوت، بعد أن رفض الجيل الجديد ولاية الفقيه، ورفضوا قيادة الحلف الصفوي التوسعي الجديد، والتي سترت عورة النظام - فترة من الزمن -. - لاسيما - وأن «60 %» هم من شباب إيران، المولودين بعد ثورة الخميني. فكانت النتيجة أن: عانى المواطن الإيراني من مشكلة البطالة، ومن مشكلة الفقر، التي استشرت بين أوساط الشعب الإيراني. فتخطى عدد الفقراء « 43 %»، ووصل معدل البطالة إلى « 12 % «، وبلغ مستوى التضخم « 25 % «. - إضافة - إلى انتشار - ظاهرتي - المخدرات، والانتحار. مما جعل من - الباحثة الإيرانية - فاطمة كودرزي، تتألم من الخيرات الكبرى في إيران، التي لا تتوزع بالعدالة على المواطنين. وكيف أن الحكومة - رغم - شعاراتها البراقة، بالقضاء على لوبي الفساد، واللصوص، وقعت في فخ اللصوص. فقالت: «إن فقراءنا ينامون على كنوز الذهب، لكن بطونهم غير ممتلئة بالخبز، واللحم ؛ لأن تلك الكنوز قد أسيء استخدامها من قبل السياسيين». هذه السياسة الخاطئة، جعلت معدل الإدمان على المخدرات في إيران، من أعلى المعدلات في المنطقة، وذلك حسب تقديرات نشرتها «منظمة اليونيسيف»، - من خلال - موقعها عبر الإنترنت، - فإضافة - إلى آثارها الاجتماعية، والاقتصادية، أصبح الإدمان على المخدرات عاملا أساسيا، يسهم في الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية المكتسب، ومرض الإيدز.
بل إن عالم الاقتصاد الإيراني - البروفسور - جاويد صالحي أصفهاني، أكد ما سبق ذكره، في مقال له نشر في مجلة « السياسات الخارجية « الأميركية (foreign policy)، في العدد الخاص بشهر أغسطس (آب)، من عام 2009 م، حين تحدث عن الأسباب، التي أسهمت في أن تحصل إيران على مرتبة متقدمة في ترتيب الدول القريبة من الفشل، وذلك في تقرير عام 2009 م، للدول الفاشلة، والذي وضع الصومال في المرتبة الأولى، والنرويج في المرتبة الأخيرة، حيث احتلت إيران المرتبة «38»، مقارنة بالمرتبة «49» للعام 2008م، أي أنها تقدمت خلال عام واحد «11» مرتبة نحو الفشل. ويرى أصفهاني أن أحد الأسباب الرئيسة، لوصول إيران لهذا المستوى، هو: سياسات أحمدي نجاد الاقتصادية، - وخاصة - سياسة العدالة الاجتماعية، والتي رفع شعارها تحت مسمى: توزيع الثروة النفطية على المواطنين، بطريقة أكثر عدلا، وذلك من خلال دعم الأسعار، فقد أسهمت هذه السياسة في رأي الاقتصاديين، إلى ارتفاع معدلات التضخم، حيث ارتفعت من 15% إلى 30%، مما يعني أن المستفيد الأكبر من سياسة دعم الأسعار هذه، هم الأغنياء ؛ لأن استهلاكهم أكبر.
ومن كان يصدق: أن إيران، كانت - في العام الماضي - أمام أزمة وقود خانقة، وهي تعتبر على مستوى تصدير النفط، رابع بلد في العالم. وحق - للكاتب الإيراني - حيدر الموسوي، أن يستغرب من: أن شعبه المعذب، تعصف به رياح الفقر، والبطالة، ونظامه مستمر في الإنفاق اللامحدود على برامج التسليح النووي، والصناعات العسكرية، والدفاعية، الذي يدفع المواطن الإيراني فوائده من الفقر، والبطالة، والفساد إداري، والاجتماعي، وتفشي تعاطي المخدرات بين الشباب المهمش، وغيرها من الأمور التي يعرفها الإيرانيون، ويشاهدونها، دون أن يستطيعوا التكلم؛ خشية من الوقوع بأيدي الأجهزة القمعية، التي لا ترحم صغيراً، ولا كبيراً، ولا امرأة، ولا طفلا.. مستغربا: كيف أن حكومة بلاده، تقوم بإنفاق مليارات الدولارات على شركات، وواجهات الحرس الثوري، وقوة القدس ؛ لتعود بفائدة على مسؤوليها، ولحساباتهم الخاصة، تحت شعار: « تصدير الثورة الإسلامية «، وحماية المذهب، والإسلام.. إلى آخر هذه الشعارات، التي باتت معروفة نواياها الحقيقية للقاصي، والداني، والمتمثلة بأفكار توسعية، تم كشف معظم خيوطها، وذلك بدعم ميليشيات، وأحزاب طائفية مسلحة، وخلايا إرهابية، تنشط في جميع المنطقة، تمهيدا لضمها لإيران الكبرى. والحقيقة تولد أسئلة، مثل: ألم يكن حرياً بالنظام، بدلاً من أن يدفع رواتب منظمة بدر، وثأر الله، وحزب الله، وحماس، والمنظمات الإرهابية الأخرى، وبمسميات مختلفة، توفير فرص العمل لخريجي الجامعات، - من خلال - فتح المعامل، وبناء المنشآت، التي يمكن أن تعالج ما يعانيه المواطن الإيراني. ويبقى الكلام عاجزاً عما يفعله نظام طهران، بحق الشعوب الإيرانية، التي ابتليت بالملالي. فكان أن تحرك الشعب في مواجهة السلطة المطلقة، التي يمثلها - المرشد الأعلى للثورة - علي خامنئي، بعد أن هيمنت الفكرة السياسية على أيدلوجية الثورة، معترضين على نتائج الانتخابات - قبل عام ونصف من الآن -.
سيظل الوضع الداخلي لإيران، محور اهتمام المواطن الإيراني في المرحلة القادمة. ولن يكون هناك تحصين من الداخل، دون إلغاء - كافة - أشكال التمييز بين الأقليات القومية من عرب، وبلوش، وأكراد، وتركمان، وغيرهم، وحصول الجميع على حقوقهم. ولن يستمر قمع النخب السياسية، والمثقفة، بيد من حديد ؛ للتعبير عن رأيها، وما رافقه من جدل واسع في الشارع الإيراني، وذلك عندما آثرت إيران، الدخول في صراعات عدوانية مع دول المنطقة، عن طريق المساعدات الخارجية ؛ لخدمة النظام، فساهمت في إخراج العملة الصعبة من إيران، وبالتالي. ضعفت قيمة العملة الإيرانية، على حساب تحسين أوضاع البطالة، والفقر، وتوفير حياة كريمة للمواطن الإيراني، فمثلت مشاكل متفاقمة في إيران.