|
الجزيرة - نواف المتعب وحواس العايد
حذّر مختصون بالشأن العقاري المستثمرين وملاّك العقار والمكاتب العقارية من مغبة التحرك بشأن رفع قيمة إيجارات العقار، استغلالاً للسيولة المنتظر دخولها في السوق بعد الأوامر الملكية الأخيرة، وطالبوا وزارة التجارة بتحرك فوري لمراقبة الأوضاع، وتأتي هذه التحذيرات والمطالب على خلفية تحرك محدود من بعض الملاّك والمكاتب العقارية لرفع قيمة الإيجار على المواطنين كمحاولة رخيصة لاستغلال «سيولة الأوامر الملكية « لم تخضع لمعايير العرض والطلب في السوق العقاري.
ولإلقاء الضوء على أحد نماذج «الاستغلال» يقول المواطن تركي الفقير: في ظل فرحتنا بكلمة حبيب الشعب خادم الحرمين الشريفين والأوامر الملكية يوم الجمعة الماضي، تفاجأت ثاني يوم برسالة نصية من صاحب مكتب العقار تفيد بأنه قد تم رفع قيمة إيجار الشقة نصها «صاحب العمارة يقول الإيجار سوف يكون 23 ألفاً بداية من القسط القادم»، ورأى عقاري ان مثل هذه الخطوات تمثل بداية شرارة لإشعال أسعار الإيجارات وقال عضو اللجنة العقارية بغرفة الرياض الدكتور أحمد باكرمان: الملاّك ومكاتب العقار مطالبون بعدم السباحة عكس التيار وإحداث آثار عكسية تمنع الفائدة المأمولة من الأوامر سواء برفع الإيجارات أو الاستغلال غير المبرر، وأضاف: الأوامر الملكية لامست احتياجات المواطن في معالجتها لمشاكل الإسكان من خلال تخصيص ربع تريليون ريال متوقع لها ان تحدث تعزيزاً كبيراً لحل مشكلة الإسكان، وشدد باكرمان بأن يستفيد المستثمرون والمطورون العقاريون من هذا الحراك وان لا يتسببوا بآثار عكسية لتوجهات القيادة، وتابع: الدولة أخذت على عاتقها حل مشاكل الإسكان بأسلوب علمي يحقق التوازن بين العرض والطلب وبما يتناسب مع متطلبات المجتمع السعودي ، لذلك يجب أن يكون التفاعل في تحقيق أهداف الدولة العامة وان لا تستغل في تحقيق مصالح خاصة على حساب المواطن وإحاطته بأسعار عالية غير مبررة، وعلى أصحاب هذا التوجه العمل على خدمة القطاع العقاري بما يحقق المصلحة العامة وليس تهديد القطاع برفع غير مبرر للأسعار. «الجزيرة» بدورها قامت بجولة على بعض المكاتب العقارية والتقت بعض المواطنين ... يقول نايف الكاتب «مستأجر» تفاجأت بالأمس بمخاطبة مالك العقار لجميع المستأجرين معنا في العمارة بأنه قد تم رفع الإيجار السنوي بدءاً من عقودهم القادمة. فيما قال سامي البلوي «مستأجر»: على الرغم من أن العقار الذي استأجر فيه قد تم بناؤه قبل أكثر من 8 أعوام الا انني تفجأت مع بداية الأسبوع بأنه قد تم رفع الإيجار مجدداً بحجة زيادة الطلب على العقار ووفقاً للبلوي هذا يتنافي مع الواقع. فيما يروي «المستأجر»عبد الله العقيل بأنه لم يجد أي إجابة على تساؤل وجهه إلى صاحب المكتب العقاري بهدف تبرير رفع قيمة الإيجار. وخلال جولتها سألت «الجزيرة» احد اصحاب المكاتب العقارية بشمال الرياض عن السبب الذي أدى بعض الملاك والمكاتب الى رفع الأسعار بشكل مفاجئ، فرد «عبد الله الدوسري» قائلاً: رفعنا أسعار بعض الوحدات السكنية بناءً على طلب ملاكها بحجة أن الأسعار الحالية هي أسعار قديمة وأن المعدل العام للأسعار ارتفع بشكل أكبر في الآونة الأخيرة.
وفي سؤال لمكتب آخر قال صاحب المكتب يحيى المرشد اتوقع أن توجه الملاك نحو الزيادة سببه رفع السيولة المنتظر دخولها في السوق بعد الأوامر الملكية الأخيرة.
في ظل هذا المشهد الذي قطعاً لن يكون توجهاً عاماً لأصحاب المكاتب والملاك، فإن التجارب تؤكد بأنه قد يكون شرارة لبداة تحرك من قِبل الملاك والمكاتب لرفع الأسعار على مستوى جميع الأسواق والمناطق، الأمر الذي يحتم على وزارة التجارة تحركاً عاجلاً لوأد مثل هذا الاتجاه في مهده خشية من انتقال عدوى «الاستغلال» لجميع الأسواق، خصوصا في ظل حرص خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لأهمية الرقابة على الأسواق وتوجيهه الأخير - حفظه الله - لوزارة التجارة بإحداث (500) وظيفة لدعم جهود الوزارة الرقابية، حيث وجّه الأمر الملكي الوزارة بالمسارعة بكل قوة وحزم في إيقاع الجزاء الرادع على المتلاعبين بالأسعار والتشهير بهم دون تردد كائناً من كان المخالف، حيث قال خادم الحرمين الشريفين في هذا الأمر بأن مقامه لن يسمح بأي تراخٍ أو تساهل في هذا الشأن المهم، فمصلحة المواطن فوق كل اعتبار، وعلى وزير التجارة والصناعة الرفع لنا بتقرير شهري في هذا الأمر.
إلى ذلك أكد عقاريون بأن أسعار الأراضي في مدينة الرياض تشهد حالياً ركوداً واضحاً وأن المعروض بات أكثر من الطلب، وتوقعوا نزول الأسعار خلال الأشهر القليلة القادمة على خلفية زيادة المعروض.
من جهته قال صاحب المكتب العقاري هليل الشريدة إن العقار في الوقت الحالي يعاني من عزوف المشترين، وعزا ذلك إلى توقف المضاربات على الأراضي والاعتماد على التصريف إضافة إلى التخوف من هبوط الأسعار وتصحيح في سوق العقار، وذلك بعد التضخم الكبير ووصولها إلى أسعار مبالغ فيها. وأضاف: نلاحظ قيام بعض ملاك الأراضي بتصريف ما لديهم برأس المال والبعض الآخر أعطانا الضوء الأخضر للبيع بأقل من رأس المال والخروج بأقل الأضرار وضمان عدم تكرار ما حدث في سوق الأسهم قبل سنوات، وواصفاً الوضع بالركود الطارئ وفي الوقت نفسه التصحيح المنطقي. وأضاف الشريدة بأن الجميع ينتظر صدور نظام الرهن والذي سيخفض أسعار الأراضي إلى حدود معقولة ومناسبة لفئة كبيرة من المجتمع، خصوصاً وأن خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- أصدر أوامر ملكية تصب في هذا الإطار، ومنها تخصيص 250 مليار ريال لبناء 500 ألف وحدة سكنية في المملكة، ورفع قيمة القرض العقاري إلى 500.000 ريال، الأمر الذي سيسهم أكثر بانخفاض الأسعار. وبالنسبة للإيجارات قال إن أسعار الإيجارات ثابتة ولم يطرأ عليها أي تغير، ولم يخف بأن الشقق المعروضة أكثر من الطلب، واقترح إقامة لجان لمتابعة الأسعار والحد من جشع المضاربين والمتلاعبين بأسعار الأراضي والشقق. بينما قال فراس الريس صاحب مكتب عقاري أن أسعار الأراضي في مدينة الرياض وصلت مؤخراً إلى أسعار خيالية ومبالغ فيها، وهذه الارتفاعات طال الشقق السكنية سواء التي للبيع أو الإيجار. وذكر أن أسعار الإيجار استقرت مع حركة بسيطة على شقق التمليك منذ بداية هذا العام. ورأى صاحب مكتب عقاري «عواد الخليل» أن حالة الركود سادت البيع والشراء في الأراضي منذ ثلاثة أسابيع خصوصاً على الأحياء التي تقع داخل نطاق العاصمة، مشيراً إلى أن استمرار تلك الحالة سيتسبب في نزول الأسعار فيها خلال الفترات المقبلة، معتبراً أن التصاريح الإعلامية التي أطلقها بعض المسئولين الحكوميين أسهمت هي الأخرى في التراجع وزيادة مخاوف المستثمرين بالنظر إلى أن بعض تلك التصريحات أشارت إلى أن الجهات الحكومية غير ملزمة بتوفير خدمات البنية التحتية لتلك الأراضي وأنها الآن تحاول تصحيح وضعها في ظل ترقب المجتمع لما قد يحدث مستقبلاً. وأبان أن معظم تخوف الناس يكمن في ترقب صدور أنظمة جديدة ومنها الرهن العقاري، مؤكداً أن شركات التمويل والبنوك انخفضت لديها طلبات التمويل بقوة خلال الفترة الأخيرة بسبب إحجام الأفراد عن الشراء وعدم وضوح الرؤية المستقبلية للعقار في المملكة وتوقع أن تنزل أسعار الإيجارات بعد صدور القرارات الملكية، موضحاً بأن العروض أكثر من الطلبات.