في ظل الأحداث الجارية في المنطقة تختلط النظريات والتحليلات والآراء وتتباين، وهذا ليس بغريب لأن ما حدث ويحدث يجعل الكثير من الناس في حيرة من الأمر، فلا معلماً واضحاً، ولا مؤشراً جلياً، لكنها وقائع على أرض الواقع تجعل الكثير يسرحون بخيالهم إلى أقرب من الواقع أو أبعد منه أو ربما ملامسته، ومهما يكن من أمر فإن الساحة بقدر ما فيها من أحداث أبرزت مساحة واسعة للخيال والارتباك في تحليل المراد والمريد.
قد يعزو البعض ما يحدث إلى هياج تلقائي، وقد يعزوه البعض الآخر إلى أيدٍ خفية تستطيع أن تسيّر الأحداث دون أن تظهر إلى العلن، وهناك من يرى أن ما يجري ليس سوى حلقة من عدة حلقات في مسرحية قد رسمت وتمت صياغتها من قبل الآخرين، وما يظهر لنا ليس سوى مشهد من مشاهد مسرح كبير. وقد يرى البعض أن القائمين على تلك المسرحية يأملون أن تنتهي بتقسيم لعالم يرون أن من مصلحتهم تقسيمه، وهناك من يقول ببراءة قد تجانب الحقيقة إن ما يجري إنما هو وليد لحظة بدأ بفكرة لا يعلم لها نهاية، وليس يُطمح من خلالها إلى مرام مرسوم، لكن يأمل أن يكون في المستقبل خير من واقعه، غير أنه لم يضع في حسابه أن مستقبله قد يكون أسوأ بكثير من واقعه، وأنه سيتمنى أن يعود أدراجه كما كان ويصلح باتزان، ويعمد إلى تقليب الأمان.
العالم يراقب ما يجري ويشارك البعض منه في أحداثه، لكن من ينكوي بناره هم أبناء هذا العالم العربي الكريم، فلعل الكي يبرئ مرضاً، ولا ينتج عنه التهاباً لا يعلم آثاره إلا الخالق جلّ جلاله.
عالمنا في حاجة إلى الإصلاح لكنه أيضاً في حاجة إلى الأمن والاستقرار ليتحقق الإصلاح، وفي حاجة إلى العمل الجاد ليتم الإصلاح، ولن يحك جلدك مثل ظفرك، فعلينا أن ندرك أن علينا الكثير قبل أن نطلب الكثير أو القليل.
في المملكة يسود الأمن والاستقرار وسيسود بإذن الله، وهذا ديدن قد جبلت عليه، ونهج مارسته وما زالت حكومة وشعباً، وفي ظل هذا الاستقرار تقرأ في وجوه الناس البهجة والسرور، والسعادة وعدم النفور، فتحمد الله على ذلك وتطلب منه المزيد.
عندما تسافر تاركاً أهلك ومنزلك وأنت آمن، وعندما تترك مالك في البنك أو المنزل وأنت آمن، وعندما تخرج النساء في النهار والليل ويعدن آمنات فهذه نعمة تتطلب الحمد والشكر لله ثم الثناء لكل من ساهم في تيسير ذلك.
الأمن نعمة، والاستقرار نعمة، وما هو مطلوب حمد الله أولاً والعمل في ظل هذه البيئة الآمنة الصالحة للإنتاج وبشيء من حسن التدبير الإداري للأفراد والجماعات في القطاعين الخاص والعام والتضافر في بناء مجتمع منتج يمكنه اللحاق بالعالم المتقدم.
لنجعل ردنا إنتاجاً، فمن خلاله يمكن أن نحافظ على ما نحن فيه.
العرق سر النجاح والوقود البشري الذي لا ينضب، فلعلنا نخرجه بغزارة تليق بما نحن فيه من استقرار وأمان.