لقد أسعد خادم الحرمين الشريفين مختلف شرائح المجتمع بأوامره وقراراته الشاملة لجميع مجالات الحياة، وأثبت للجميع داخل المملكة وخارجها بأن الشعب السعودي صغيره وكبيره، رجاله ونساءه في قلبه، وذلك من خلال حرصه على تحقيق أوجه سبل العيش الآمن له. والفرحة التي عاشها الشعب خلال هذا الأسبوع لن تكتمل إلا باكتمال تنفيذ تلك القرارات تحت مظلة من الأمانة والمسؤولية لكل من كلف بتنفيذها، لذلك الآمال تعلقت كثيراً بقرار حكيم وقوي ألا وهو قرار «إنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد» لارتباطها مباشرة بالملك أطال الله في عمره والذي أكد في قراره أن هذه الهيئة لن تستثني أحداً. مما يشعر المواطن بأن العدالة وتثبيت النزاهة من أجل الوطن هي المنشود الأساسي من هذه الهيئة التي سيتحمل منسوبوها مسؤوليات وطن وليس أفراد! واهتمام قائد البلاد بإنشاء هيئة تحت مباشرته لدليل بأننا مجتمع ليس ملائكي ولدينا من التجاوزات والأخطاء التي تحتاج إلى الرقابة والمعالجة قبل أن تتحول إلى مظالم تضر بمصلحة الوطن والمواطنين، لذلك سيكون المتوقع من هذه الهيئة أموراً عظيمة منها تحقيق مبدأ العدالة والمساواة الذي يقوم عليه أساساً نظام الحكم لبلادنا والمستمد من الشريعة الإسلامية التي تحارب الظلم والتمييز وهضم الحقوق في تلبية مطالب الناس والمحتاجين. وسيكون المتوقع من منسوبيها فتح المجال أمام المواطنين صغيرهم وكبيرهم وباختلاف احتياجاتهم وبأن اللجوء لهم لن يكون من فراغ، بل من مطلب أساسي ينشدون من ورائه تحقيق النزاهة ومحاربة الفساد والاستغلال المالي والإداري! وسيكون المتوقع أيضاً من منسوبي أهم هيئة وطنية في البلاد تحقيق العدالة في توزيع المشاريع على مناطق المملكة، وفي إنجازها في وقت قياسي يحقق مصلحة المواطن ويشعره بالراحة، أيضاً وفي إنشاء الخدمات الضرورية للمواطنين على مستوى المدينة الواحدة، وفي تقديم الخدمات العلاجية الطارئة وغيرها على المستوى المطلوب في جميع المراكز الصحية المنتشرة في الأحياء، ومن خلال المستشفيات الكبرى التي تئن من تأرجح مستوى النزاهة والأمانة بين مسؤوليها تجاه المرضى وخاصة ذوي الاحتياجات الخاصة الذين مازالوا مهضومي الحقوق المعنوية أكثر من المادية! فالمأمول من الهيئة أن لا تركن في مبنى يكلف الدولة بالملايين وهناك مواطنين يئنون من ويلات الحاجة والسؤال وتعطيل مصالحهم في كثير من الجهات الحكومية والخاصة ! بل سيكون المتوقع من الهيئة مساءلة أي مسؤول مهما علا منصبه تثار حوله الشبهات وذلك للقضاء على التجاوزات المالية والإدارية التي تحتاج إلى دقة في الرقابة على كل مسؤول يخلط في صلاحياته وحقوقه ما بين المال العام والمال الخاص لمجرد توليه منصباً قيادياً! والصلاحيات التي ستمنح لهذه الهيئة ستتجاوز بلا شك صلاحيات هيئة الرقابة والتحقيق التي يجهل كثير من صغار الموظفين صلاحياتها ومهامها بالرغم أنهم أكثر تضرراً من حيث المميزات الوظيفية مقارنة بكبار الموظفين في كثير من الجهات الحكومية! وهذا مما يتطلب من الهيئة أن تسعى إلى تعزيز مبدأ المشاركة الوطنية في دعم رسالتها لمحاربة الفساد وتحقيق المصلحة العامة، من منطلق المسؤولية واتقاء الله في الرعية فالكل راع ومسؤول عن رعيته في حدود صلاحياته الممنوحة له، وأتمنى أخيراً أن يحقق رئيس هيئة مكافحة الفساد التوقعات العظيمة المطروحة إعلامياً من إدارته تنطلق من محاسبة الذات قبل محاسبة الآخرين والتي تجسدت في قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لو أن دابة عثرت في العراق لسئل عمر لِمَ لم تسو لها الطريق).