ما أن استبشرنا بتخفيف العقوبة على السجين السعودي الطالب حميدان التركي وقرب موعد الإفراج عنه بعد معاناة طويلة عايشها داخل السجن حتى صعقتنا الأخبار غير السارة باعتقال السلطات الأمريكية للطالب السعودي خالد بن علي الدوسري بتهم عديدة منها: الأضرار بأمن أمريكا والتخطيط لقتل الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، وحيازته لمواد كيمائية لاستخدامها لتفجير عدد من المواقع في أمريكا. وهي الأخبار التي جعلتنا نضع أيدينا على قلوبنا خوفًا من أن تطال عمليات المطاردة والاعتقال طلابًا آخرين دون إدانات واضحة وإنما لمجرد الاشتباه! وتتابع القنصلية السعودية في تكساس قضية الطالب المحكوم عليه بالسجن المؤبد، حيث وكلت محاميًا للدفاع عنه، وبحسب القنصل السعودي الدكتور عبدالرحمن الشايع فإنهم حريصون على براءة الطالب من التهم الموجهة إليه لثقتهم بذلك.
بقراءة السيرة الذاتية للطالب المولود في مدينة الخرج السعودية جنوب الرياض سنة1410هـ والبالغ من العمر اثنين وعشرين عامًا فقط، يتضح أن اهتماماته تنحصر في القراءة والرياضة وكان طالبًا متميزًا طيلة دراسته الابتدائية والمتوسطة والثانوية، ومن عائلة معتدلة ولم تكن له أية توجهات سياسية وتم ابتعاثه على نفقة شركة سابك السعودية لدراسة الهندسة الكيميائية، ويتصف بالهدوء ويتحلى بالأخلاق الفاضلة, وكان هذا الشاب اليافع قد وقع ضحية جهل أو تربص أو كيد أو سوء فهم!.
الطالب خالد الدوسري والذي يدرس في جامعة ساوث بلاينز قرب لوبوك في ولاية تكساس الأمريكية تم القبض عليه بطريقة غريبة تطرح أكثر من سؤال؛ إذ قبض عليه حسب ما أوردت صحيفة واشنطن بوست لمجرد الاشتباه به بعد محاولته لشراء مادة الفينول الكيمائية لأغراض دراسية بحتة.
الطالب السعودي خالد الدوسري حضر آخر جلسة وهو مقيد اليدين والرجلين مرتديًا زي السجن الأزرق، وكأنه من مجرمي الحرب أو أكبر مهدد لأمن أمريكا رغم تأكيدات محاميه ببراءته من كل التهم. كل هذه الإجراءات والاحتياطات وتوريط أبنائنا في قضايا غريبة تثير التساؤلات، ومن يقف وراء ما يحدث لطلابنا في أمريكا، جاء الحصين أولاً، ثم التركي ثانيًا، وأخيرًا وليس آخرًا الدوسري؟
هل ما يحدث يأتي من باب الاستهداف؟ أم أن عدم توعية طلابنا من قبل الجهات المسؤولة عن الابتعاث والسفارة السعودية في أمريكا تقف وراء ما يحدث؟ وهل هناك قائمة محظورات نشرتها السلطات الأمريكية مثلاً وأكدت عدم تداولها بين المواطنين والمقيمين على أراضيها؟ وإذا كانت هذه القائمة موجودة بالفعل فهل أبلغ بمضمونها الطلاب لتفادي وقوعهم فرائس في أيدي المخابرات الأمريكية وحتى لا يفاجأ أحدهم بالقبض عليه وهو يهم بالخروج لجامعته؟ وهل قمنا بتوعية طلابنا بالقانون الأمريكي والطرق الصحيحة للتعايش الصحيح مع الأحداث اليومية في أمريكا؟
أعتقد أن هناك حلقات مفقودة بين جهات الابتعاث والسفارة السعودية والسلطات الأمريكية يستوجب معها إعادة النظر في هذا الواقع الخاطئ كي لا يذهب المزيد من طلابنا ضحايا في المستقبل.
الدوسري طالب صغير السن ولم يصل بعد لأن يكون في مستوى هذه الاتهامات الكبيرة من تفجير وقتل رئيس أو تهديد لأمن دولة عظمى، وهي أعمال لا تقوم بها إلا عصابات محترفة. العقل والمنطق يثبت براءته وعائلته تناشد الجهات المسؤولة السعي بكل جد لإطلاق سراحه.