لم يصل خادم الحرمين الشريفين إلى منصبه بانقلاب عسكري، وليس هو رئيس حزب أو قائد ثورة؛ وإنّما وصل - حفظه الله - إلى ملك المملكة العربية السعودية ببيعة شرعية، فهو إمام المسلمين في هذا البلد الكريم، واحد من أبناء هذا البلد الكريم أكرمه الله بقوة الإيمان وصدق اليقين وتقوى الله تعالى، ولقد صدق حينما قال: إن القرآن الكريم هو دستور هذه البلاد، وقد نصّ على ذلك النظام الأساسي للحكم، وحرص - وفقه الله - على العدل والإنصاف وكان رحيماً بالناس كل الناس وبخاصة مواطني هذا البلد، حازماً في أمره ونهيه ومتابعته لشؤون المواطنين.
ولقد ردَّ الله تعالى كيد الكائدين في نحورهم حينما ظنّوا أن خادم الحرمين الشريفين مثل غيره من الحكام المعاصرين، أو أنّ مواطني هذا البلاد مثل غيرهم، فكل مواطن في البلد الكريم في رقبته بيعة شرعية لولي الأمر ومن الغدر والظلم نقض البيعة، وكل مواطن يعرف الملك معرفة صادقة ويحبه حباً عميقاً خالصاً وملك وشعب بهذه الحال يصدق فيهم قوله - حفظه الله -: (إنّ أي أمة ترفع كلمة الحق لا خوف عليها).
نعم يا خادم الحرمين لا خوف على هذا البلد وهو يرفع كلمة الحق ويطبق شرع الله تعالى، لا خوف عليه وهو يجعل رايته: (لا إله إلا الله محمد رسول الله) تحتها سيف العدل والحق والإيمان والفضيلة، لا خوف على هذا البلد وهو يعلي منائر المساجد في كل بقعة في مدننا وقرانا، لا خوف عليه وهو يحارب الفساد والمفسدين، لا خوف على بلادنا وهي ترعى الأماكن المقدسة وتنفق عليها بسخاء وتحمي زوارها وتوفر لهم كل أسباب الراحة والطمأنينة، لا خوف على بلادنا حكاماً ومحكومين ونحن نعلي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله ونرعى حلقات تحفيظ القرآن الكريم.
يا خادم الحرمين الشريفين قلت لنا: (كم أنا فخور بكم) ونحن والله: كم نحن فخورون بك نحن فخورون بك صادقاً في أقوالك وأعمالك، وفخورون بك حاملاً هموم أمتك، فخورون بك رحيماً بشعبك، فخورون بك متلمساً لحاجاتهم مفرجاً لكروبهم.. ونحن فخورون بك يا إمامنا وأنت تعطف على الصغير والكبير، وتشفق على اليتيم والمحتاج وتدعو إلى الإنصاف والنزاهة والإخلاص.
يا خادم الحرمين: مدننا وقرانا تؤكد لكم حبّها وإخلاصها ووفاءها، ولذلك فلم تسمع لحاقد مغرض أو حاسد مبغض أو شامت أحرق الفساد قلبه وفكره، لم تسمع لأولئك أو لغيرهم وما كان لها أن تستجيب لشذاذ الآفاق وغربان الفكر والفتنة.. ولكننا صغاراً وكباراً واستجابة لأمر الله تعالى كما ذكرتم في كلمتكم الكريمة في الحديث عن علمائنا فقد قلتم - سلمكم الله - (الذين وقفوا ديانة للرب عز وجل وجعلوا كلمة الله هي العليا في مواجهة صوت الفرقة ودعاة الفتنة). نعم لقد استجبنا لأمر الله تعالى: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) فوقفنا معكم بفكرنا وعقولنا وأجسامنا وسنحمي بلادنا ووحدتها وأمانها بكل ما نملك وستبقى بلادنا إن شاء الله واحة أمان ووحدة وقوة وإيمان، وستحطم على صخرة بلادنا فؤوس المخربين ومعاول المفسدين ومكائد الأنذال والحاسدين.
لقد أثلج صدورنا ما أمرتم به من أوامر ملكيَّة كريمة يوم الجمعة 13من ربيع الثاني 1432هـ تهدف إلى إسعاد وراحة وطمأنينة ورخاء كل فرد يعيش على ثرى بلادنا، أوامر شملت شؤوناً خاصة وعامة وعلاجاً للفساد ومراقبة لأي خلل قد يطرأ في أعمال الأجهزة الحكومية.. شملت القطاعات العسكرية التي تعمل لنشر الأمن والمحافظة عليه وتقف في وجه المفسدين والمخربين وأعداء الفضيلة.
لن ننسى أبداً دفاعكم عن العلماء، ودعمكم لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومكاتب الدعوة، وللجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم، وإنشاء المجمع الفقهي السعودي وإنشاء فروع للرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء في مناطق المملكة.. حفظكم الله وألبسكم لباس الصحة والعافية وبارك لكم وبارك في جهودكم ونفع بكم وحفظ لبلادنا أمنها واستقرارها ووحدتها وأمدكم بعونه وتوفيقه ورَّد الله كيد الأعداء في نحورهم، إنه هو القوي العزيز وهو حسبنا ونعم الوكيل، والحمد لله رب العالمين.
عضو الجمعية العلمية السعودية للغة العربية