إن المراقب المنصف العادل لمسيرتنا الحضارية والتنموية لا بد أن يلاحظ أننا ولله الحمد قد قطعنا مسافة رائدة في توفير كل أسباب التقدم في كثير من مناحي الحياة, التي تكفل للمواطن أمنه واستقراره وعيشه الكريم تحت قيادتنا الحكيمة. إن ثورة المعلومات وتقنية الاتصال والحاسب أصبحت إحدى ضروريات العصر الحديث, وقد أحسنت حكومتنا الرشيدة حين أتاحت الفرص الكثيرة لمجتمعنا للاستفادة من هذه التقنيات من خلال التعليم المهني والجامعي, كما أتاحت للقطاع الخاص فرص المشاركة في هذا المجال والمجالات الأخرى.
ومن هذا المنطلق فإننا نرى أن استثمار تقنية المعلومات والاتصال أمر مهم في تفعيل العلاقة بين الحكومة والمواطن والمقيم على حد سواء، بما يكفل المصلحة العامة وتيسير حركة وصول الخدمة والمعلومة بسرعة ودقة. وهذه العملية تسمى على الشبكة العنكبوتية العالمية (الإنترنت) الحكومة الإلكترونية, وهذا المشروع يمكن أن يكون في كثير من اتجاهاته: مجموعة مواقع متجاورة ترفد بعضها لتقديم خدمات إلكترونية لكل مَنْ يرغب في الاستفادة العملية المباشرة, أو الخدمات الإعلامية من أجل البحث والدراسة والمعرفة.
حيث تعتمد شبكات الحكومة الإلكترونية في معلوماتها على ما تتيحه الحكومة والدولة من معلومات تهم المستفيد وتتجه إليه وتعود على الطرفين, الحكومة والجمهور, بالمنفعة المتبادلة بكل ثقة ووعي وكفاءة وسرعة عالية, وهناك إمكانيات واسعة من الخدمات التي يمكن أن تقدمها الحكومة الإلكترونية إذا ما استثمرت كل طاقاتها في سبيل خدمة الوطن والمواطن في جميع نشاطات الحياة, بل من الممكن أيضاً أن تشمل مواقع الوزارات كل ما يهم المواطن من خدمات تقرها أنظمة الدولة وسياستها؛ ما يُسهّل على جميع الأطراف الوصول إلى الخدمة والمعلومة بيُسر وسهولة, وتتسع شبكة الحكومة الإلكترونية لكل ما يمكن أن يؤدي إلى تخفيف الصعوبات التي تواجه المواطن داخل المدنية أو في الأماكن البعيدة في الحصول على الخدمة أو المعلومة التي تهمه وتسهل إنجاز عمله بسرعة ودقة عالية.
كما تحقق على الجهة الرسمية تراكم وضغط الأعمال اليومية التي عادة ما تستغرق أوقاتاً طويلة, وكل ما ينطبق على مؤسسة وجهة حكومية ينطبق على الجهات الأخرى, وتتسع العلاقة بين شبكة الحكومة الإلكترونية والمستفيدين كلما اتسعت مساحة الخدمات التي تقدمها الجهات المعنية, ونستطيع القول إن الحكومة الإلكترونية تعنى بالفرد منذ ولادته وتسجيله بالسجل المدني وتنقله في مشوار الحياة, حتى يصبح قادراً على الاستفادة من الخدمات التي تقدمها الحكومة الإلكترونية؛ ما يجعل تقنية المعلومات والاتصالات إحدى الحاجات الماسة والأساسية لدى الأفراد والمجتمعات بل وتساعد في عملية التنمية والتطوير، وفوق ذلك مواكبة التحديات التي يفرضها العصر الحديث, ومتابعة التطورات العلمية في جميع التخصصات العلمية والعملية على حد سواء.
ومن هنا نرى أن كثيراً من الحكومات مع تفاوتها في التنمية ورغم اختلاف مستوياتها الاقتصادية ونظمها السياسية تشجع على استثمار شبكة الحكومات الإلكترونية؛ لما تقدمه لتلك الحكومات من خدمات جيدة وسلسة من حيث تكلفة الأداء وسرعة وصولها إلى الأماكن البعيدة.
كما تضمن تقديم سياسات الحكومة والتعريف بها وربط المواطن بالمسؤول بلا حواجز بيروقراطية أو عقبات إدارية أو مهنية, ومن هنا فإن التحول إلى الحكومة الإلكترونية يصل بالخدمة إلى أعلى معدلات سرعة أدائها وجودتها؛ ما يجعل إمكانياتها غير المحدودة وقدرتها التنافسية دافعاً لمزيد من التطور والنمو.
ويتيح تطبيق الحكومة الإلكترونية أيضاً تنافساً مطرداً بين مصالح الخدمات من أجل تقديم الخدمة بكفاءة وسرعة ويُسْر؛ ما ينعكس بالتالي على المواطن والمستفيد ويعزز الثقة بين أطراف العلاقة, ومن أجل قيام حكومة إلكترونية بالشكل الناجح والمرجو ينبغي بناء الثقة بين الأطراف المعنية وحفظ حقوق كل طرف, وتقوم الجهة المنفذة بفرض رقابة أمنية صارمة على المواقع ضد الاختراق باتباع القوانين الدولية للحماية.
وللاستفادة من خدماتها يمكن إنشاء رقم قومي لكل مستفيد لحماية الجميع, وبهذا يصبح تطبيق الحكومة الإلكترونية حلماً جميلاً وممكناً وقابلاً للتنفيذ بسواعد سعودية 100 في المائة؛ حيث يتطلب ذلك إمكانيات فنية وعلمية وإدارية على مستوى رفيع من الإخلاص والكفاءة والولاء؛ ليشاركوا بذلك في خدمة الوطن الحبيب الذي أعطانا - وما زال يعطينا - تحت قيادة حكيمة ومسؤولة عن نمو الوطن والمواطن, وتحقيق هدف المواطنة بالعمل المخلص البنّاء, وإبراز الصورة المشرقة لوطن عزيز علينا جميعاً يسعى إلى تبوُّؤ مكانة راقية بين الشعوب الأخرى التي تنشد الاستفادة من تقنيات العصر بل وتسخيرها لما يعود عليها بالنفع بإذن الله.
باحث تقني
sam@ajwal.com.sa