يقام هذا الأسبوع ملتقى ومعرض السفر والاستثمار السياحي السعودي، ومن ضمن فعاليته تعقد حلقة نقاش حول الاستثمار السياحي بمنطقة الباحة سيكون المتحدث فيها صاحب السمو الملكي الأمير مشاري بن سعود، أمير منطقة الباحة. وهي مناسبة لطرح بعض النقاط المتعلقة بسياحة الباحة، حيث تعتمد السياحة على أربع مقومات رئيسة.
أولاً: المقومات الطبيعية والبيئة وهذه المقومات تعتبر الأغنى بمنطقة الباحة من ناحية اعتدال الجو وجمال الطبيعية وتنوعها الطبوغرافي ما بين الجبل والسهل وما بين السراة والساحل.
ثانياً: المقومات التنموية ويشمل ذلك الخدمات بصفة عامة وتلك الموجهة نحو برامج السفر والسياحة بصفة خاصة مثل الفنادق والشقق والمطاعم والمواصلات ووسائل الترفيه الثقافية والفنية والترويحية والفلكلورية لكافة الفئات العمرية. هذا الجانب يعتبر متواضعاً في المنطقة لكنه ليس معدوماً ولا يفترض أن يشكل عقبة كبرى لأنه يعتمد على مبادئ تجارية بارزة تتعلق بالطلب والعرض، ومتى نشطت الفعاليات السياحية وغير السياحية متى نشط التجار للاستثمار في هذا المجال. إضافة إلى أنه يعتمد على فاعلية برامج جذب واستقطاب المستثمرين.
ثالثاً: المقومات البشرية وفي السياحة تعتبر العلاقات العامة والحراك الثقافي والإعلامي الركيزة الأساسية في هذا الجانب سواء في ترويج العمل السياحي أو استقطاب السياح والمستثمرين في السياحة. سأكون صريحاً هنا بالإشارة إلى أن هذا العامل يعتبر أضعف أركان العمل السياحي بمنطقة الباحة، وسأكاشف سمو أمير المنطقة بصفته حديث عهد بالمنطقة بالقول إن ضعف العلاقات العامة يبدأ من أمارة الباحة ذاتها. فمن خلال اطلاعنا ومقارناتنا بمناطق أخرى نستطيع القول إن إدارة العلاقات العامة بأمارة الباحة بمكوناتها الإعلامية والبرتوكولية والتواصلية تشكل نقطة ضعف بارزة، حيث يتصرف منسوبوها باستعلاء مع الآخرين ويعيقون أو يخرجون بعض اللقاءات المهمة مع سمو الأمير وضيوفه بشكل متواضع، ولا يتعاملون بشكل إيجابي مع وفود المنطقة. بل وينشرون صوراً سلبية نمطية مكررة عن المنطقة بأنها غير مشجعة للاستثمار ولا تتوفر فيها مقومات الضيافة والسياحة، بدلاً من أن يبذلوا الجهد للترحيب بالضيوف وتسهيل مهام زياراتهم. العلاقات العامة بأمارة المنطقة ومجلس المنطقة وغرفة المنطقة يجب أن تكون حلقة الوصل بين القيادات العليا بالمنطقة وبين زوارها وتجارها ومفكريها وإعلامييها وفق مهنية احترافية عالية، وعليه يجب البدء بإيجاد علاقات عامة محترفة بديوان الأمارة والجهات ذات العلاقة، تتمكن من بلورة رؤية واضحة في جانب تنشيط العمل السياحي والإعلامي والاستثماري بالمنطقة.
رابعاً: تعاون ومبادرة جميع الجهات نحو هدف تنمية السياحة وهنا نسأل ماذا قدمت جهة مثل جامعة الباحة في هذا الشأن؟ كم ندوة أو مؤتمر أو فعالية علمية أو ثقافية أو سياحية عقدتها بالمنطقة؟ ومثلها ماذا تقدم إدارة التعليم وأمانة الباحة والغرفة التجارية وغيرها من الجهات؟ حتى فرع هيئة السياحة بالمنطقة تحول إلى إدارة دواوينية تكثر التقارير دون أن نرى لها منتجاً ملموساً يستحق الذكر. للأسف لا يوجد مبادرات حقيقية فعالة وبعض الأنشطة البارزة بالمنطقة يقوم عليها أفراد من خارج المنطقة من أبنائها، وهم يقدمون رجلاً ويؤخرون الأخرى في الاستمرار في هذا الشأن بسبب ما يلقونه من صعوبات ومعوقات وعدم مبالاة تكرسها بعض الجهات الإدارية المعنية بالمنطقة. لا يمكن تنشيط السياحة دون تعاون مختلف الجهات، ودون آليات تنسيق وعلاقات فعالة.
أعلم حماس سمو أمير المنطقة للجانب السياحي، بدليل مشاركة سموه بمنتدى السياحة، لذلك كنت صريحاً وطرحت له صورة مراقب من الخارج، فالرؤية الخارجية تكون أحياناً أجدى من الرؤية الداخلية التي تلمع كل الأمور وتبرر كل الأخطاء.