بعد صدور الأوامر الملكية الكريمة فيما يخص الجانب الإسكاني والتي عالجت المشكلة بعدة حلول كان آخرها إنشاء وزارة الإسكان لكي تعمل على تنظيم هذا السوق الكبير والضخم ودعم استقراره وجاذبية الاستثمار له ليأتي آخر تلك القرارات التصويت النهائي لمجلس الشورى على قانون الرهن العقاري بأنظمته الخمسة لكي يصبح الغطاء القانوني الداعم لآليات العمل بنشاط العقار بمختلف أوجهه.
بدا واضحا أن هناك اتجاها لاستقرار حركة الأسعار بالسوق العقاري ونلحظ أنه بدأت العديد من التقارير والتحليلات التي تحدثت عن ارتفاع أسعار العقار وبعضها حدد نسبا معينة ووضع كل التبريرات المقنعة وغير المقنعة لقراءته.
كل ذلك بهدف التأثير النفسي على قرار الراغبين بشراء مسكن أو أرض في الفترة الحالية بالقبول بالأسعار القائمة خوفا من تصاعدها مستقبلا و بنفس الوقت فإن الكثير من الجوانب المهمة كان يجب أن تفند لتشخيص الحركة المستقبلية للأسعار وأثر الخطة التي أقرت بأوامر كريمة لمساعدة الأسر السعودية على تملك السكن.
فإذا كان رفع الحد الأدنى لقرض الصندوق إلى 500 ألف ريال يراه البعض مؤشرا على ضخ سيولة كبيرة بهذا السوق فإن هذا المبلغ إنما جاء لرفع مستوى ونوعية السكن الذي تطمح الدولة أن تساعد المواطن على تحقيقه فهو سيتجه لمسكن واحد وليس لعدة مساكن أي أن حجم الطلب المتوقع والمبني على التقديرات السكانية لم يتغير بالإضافة للمرونة التي أصبح يتبعها الصندوق بأن يوجه القرض للبناء أو شراء وحدة سكنية سواء مستقلة أو شقة هذا يوسع من جاذبية ضخ الأموال بقطاع التطوير العقاري لبناء تلك الأراضي الخاملة منذ سنوات لكي يتم استثمارها بشكل فوري بدلا من انتظار بيعها ورفع أسعارها إلى درجة تنعدم القدرة الشرائية بالسوق على تحمل مستوياتها السعرية مما يعني بالمحصلة رفع حجم العرض من الوحدات السكنية.
أما الجانب الآخر فهو بناء 500 ألف وحدة سكنية على أراضي حكومية بتمويل حكومي مباشر فهذا يعني أن 500 ألف أسرة تم سحبها من تقديرات الطلب بالسوق لصالح هذا الدعم الحكومي السخي وهذه خسارة ليست بالبسيطة من زبائن المطورين العقاريين أو أصحاب المخططات العقارية بل إن سمو وزير الشئون البلدية والقروية أعلن عن جاهزية الوزارة بأراضٍ تكفي بالوقت الحالي لتوفير 60% من حجم ما تم اعتماده لهذا المشروع الضخم وهذا رقم كبير جدا لأنه لا يمكن بأي حال بناء 300 ألف وحدة سكنية من حجم ما أقر في عام واحد أي إن الوزارة ستوفر باقي المخططات اللازمة لتنفيذ المشروع خلال فترة تسبق الانتهاء من بناء الوحدات على الأراضي الجاهزة حاليا كما أن الأمر الملكي أعطى وزارتي الإسكان والمالية الصلاحية بتوفير الأراضي من السوق ولكن ذلك سيكون بطريقة صحية للسوق تمنع ارتفاع الأسعار أو التأثير عليها ولن يكون بأحجام مؤثرة.
إن ما يعنينا في كل ذلك أن الاتجاه الرسمي هو لتنظيم سوق الإسكان والعقار بشكل عام وتحويله إلى قطاع رئيسي ومؤثر بالتنمية الاقتصادية وعامل جذب للاستثمارات المحلية والأجنبية وكذلك صناعة تفتح العديد من المشاريع الإنتاجية والخدمية وتوفر عشرات إن لم يكن مئات الآلاف من الفرص الوظيفة للشباب السعودي وهذا لا يمكن أن يكون إلا من خلال النظرة إلى أن السوق يجب أن تتوفر فيه البيئة الصحية لكي يكون مستقرا وجاذبا وينمو بشكل متجانس بما لا يشكل ضغطا على معدلات التضخم التي لعب القطاع العقاري دورا بارزا فيها خلال السنوات الأخيرة.
وكما انخفضت أسعار العقار التجاري نتيجة لكثرة المعروض فإن القطاع السكني سيلحق به خلال السنوات الثلاث إلى الخمس القادمة لأن هبوط أسعار العقار لا يأتي بالسرعة الكبيرة ولا يكون بنفس المستويات في كافة المناطق فلابد من النظر إلى قراءة واقع السوق العقاري مستقبلا مقارنة بالحاضر وكذلك وجهة النظر التي أعلنتها العديد من الجهات ذات العلاقة حول أن السوق يشكل هاجسا سلبيا بتأثيره على التضخم والتخوف من وقوع السوق بفقاعة مضرة للجميع كما أعلن أحد المسئولين بوزارة التجارة قبل عدة أشهر وسنرى خلال الأشهر القادمة الكثير من التقارير الرسمية وغير الرسمية توضح حالة السوق ومستقبله ومستويات الطلب الحقيقي به والتي لم يتفق أي تقرير عليها حتى الآن فبعضها قدره بأربعة ملايين وحدة سكنية والبعض وضعه عند نصف هذا الرقم ولذلك سنرى التقديرات الواقعية تظهر خلال هذا العام لتغير من طبيعة السوق ولكن قبل كل شيء على المواطن أن يتخذ قراره بعيدا عن العاطفة أو التأثير النفسي.