حسنا فعلت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء، وبتوجيه من سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، طباعة «500 « ألف نسخة من بيانها الصادر، بتاريخ: 1-4-1432هـ. والذي دعت فيه إلى: بذل كل الأسباب التي تقوي اللحمة، وتؤدي إلى الألفة.
وذكّرت فيه بما منَّ الله تعالى به على أهل المملكة العربية السعودية من اتحاد صفها، ووحدة كلمتها على الكتاب والسنة، في ظل قيادة حكيمة، لها بيعتها الشرعية، وحذرت، وحرمت كل ما يناقض ذلك من المظاهرات، والبيانات. وبينت الطريقة الشرعية للإصلاح، والتوجيه.
البيان السابق، دليل على تقوية أواصر اللحمة، والسير بخطى ثابتة، ومتزنة نحو وحدة الصف، حين قال العلماء كلمتهم، وصدعوا برأيهم إزاء تلك القضايا، وتجاه النوازل والمستجدات. متصدرين عن قول واحد، ودراية بالأصول العلمية، مع تصور تام للوقائع الجارية، والنظر إلى المآلات والأحكام، وتنزيلها على أرض الواقع، ومراعاة للمصلحة الراجحة المتحققة لا الموهومة، واستيعاب لمصالح الشريعة؛ لتحصيل الخير، ودفع الشر.
يتأكد دور العلماء في حراسة الدين والدولة، إذا وقعت الفتن، وتشتت الآراء، واضطربت الأفكار. وذلك من خلال، التوجه إلى عامة الناس بهكذا خطاب، يؤكد على أن وحدة الصف، هو تكليف شرعي، وأن الخلاف خروج عن هذه القاعدة المقدسة. إضافة إلى ضرورة مواجهة أسباب الفتن على المستوى الشرعي؛ لما أنعم الله عليهم من الفقه في الدين، وفهم الوقائع والأحداث؛ إذ إن عصمة الأمة، تكمن في وحدتها، واجتماعها، والحفاظ على قيمها.
إن علماءنا الربانين لم يكونوا بعيدين، أو مغيبين عن قضايا الواقع، ومستجدات العصر، بل كان لهم دور بارز في علاج النوازل والحوادث، والعناية بها، فهم من تحسسوا أسبابها، وتبصروا مقدماتها قبل وقوعها، بما أنيط بهم شرعا وعقلا؛ لمكانة علمهم، وقوة بيانهم، وغلبة حجتهم المستمدة من نصوص الكتاب والسنة، ونظرهم في العواقب. وهم أنصار شرع الله، ومن وسائل حفظ الشريعة، فبينوا للناس الحق من الباطل، والهدى من الضلال.
إن مثل هذه الخطوة لعلمائنا الكبار، يجب أن تحرر علما، وتحقيقا، ودراسة، وبحثا. والتأكيد على أثر البيان في قوة ترابط المجتمع، وزيادة التلاحم بين الرعية وقيادتها. فمهما ادلهمت الظلمات، واشتدت الفتن وأحدقت بنا من كل جانب، فإن اعتصامنا بعلمائنا، هو السبيل الأمثل؛ للخروج من الفتن. ولقد أثبتت التجربة، أن فهم علمائنا في الفتن، أن نخرج منها كما دخلنا فيها. والفتن إذا أقبلت عرفها العلماء، وإذا أدبرت أدركها الجهلاء؛ ولأننا نعيش في زمن، قد كثرت فيه الفتن، فإن المخرج الحقيقي منها، هو: الالتفاف حول ولاة أمرنا وعلمائنا، واستشارتهم عند حدوث الفتن؛ لتقديم الرأي السديد، والمشورة الناصحة.