تشير إحصائيات الأمم المتحدة إلى أن ثلث النساء في العالم يتعرضن للعنف بأنواعه وأشكاله وصفاته المختلفة بما فيه الضرب المبرح، ويبدو أن جميع المجتمعات في العالم لا تخلو من ممارسة هذا النوع من العنف سواء منها المتقدم أو النامي، غير أن النسب تتباين طبقاً للقوانين والأعراف السائدة، وكما نعلم فإن الإسلام أوصى خيراً بالنساء، ومع هذا فالمجتمع الإسلامي لا يخلو من ممارسات كتلك بسبب ذلك البون الشاسع بين التحلي بالإسلام والممارسة الفعلية له من خلال أوجه المعاملات المتعددة ومنها معاملة النساء.
ويشير التقرير أيضاً إلى أن 40% من جرائم قتل النساء يتم على يد الأزواج أو الأصدقاء القدامى أو أحد أفراد الأسرة، وهذه نسبة عالية مقارنة بالأسباب الأخرى، ويغلب على الظن أن المجتمع الإسلامي لا يتمثل فيه هذا الفعل المشين إلا بنسبة محدودة جداً حيث إن الأزواج لا يصل بهم الأمر إلى قتل النساء، كما أن قتل المرأة في المجتمع الإسلامي والعربي بالذات فعل مقيت لأمرين لأنه قتل، والقتل جريمة عظيمة يحرمها الإسلام وجميع الأديان والقوانين، والأمر الآخر أن قتل المرأة من قبل الرجل في المجتمع العربي أمر مشين يمثل الدونية والوضاعة، إضافة إلى ذلك فإن الصداقات قبل الزواج أو أثناء الزواج قليلة ونادرة في المجتمع الإسلامي لحرمتها والنهي عنها، ولهذا فإن جرائم مثل هذه ليس للمسلمين منها نصيب إلا ما ندر. وتذكر بعض الإحصائيات أن النساء يمثلن النسبة الأعلى من الأمية، وهذا ليس ببعيد عن الحقيقة وربما تكون هذه النسبة قائمة في الكثير من الدول الإسلامية، كما تشير بعض المصادر إلى أن عدد ساعات عمل النساء أكثر من عدد ساعات الرجال، وأن معظم عملهن غير مدفوع الأجر، ولا أرى أن ذلك صواباً لا سيما في المجتمعات الإسلامية لأن النساء فيما يبدو أقل عملاً مقارنة بالرجال، كما أن عدم دفع أجورهن قد لا يحدث إلا في النادر.
وتشير التقارير إلى أن كل واحدة من ثلاث نساء يتعرضن للضرب أو الإكراه أو الإهانة في كل يوم من أيام حياتها، وهذه النسبة تحتاج إلى الكثير من التعاريف، فما الحد الذي يمكن أن نطلق عليه إكراه أو إهانة، فهل النظر إلى المرأة بحزم لحثها على العمل يعتبر إهانة أو أن إلزامها بالقيام بالعمل الموكل إليها إكراه ولا بد أن يكون الرجل أكثر رقة وحناناً ولطفاً عند تعامله مع النساء، ويختار من الكلمات اللينة ما يدفعها إلى العمل دون جرح مشاعرها الرقيقة.
هذا ما تقوله الإحصائيات عن النساء لكني لم أطلع بعد على الإحصائيات التي تخص الرجال، فربما يكون الأمر أدهى وأمر، لكن بعض الرجال لا يرغبون إظهار ما يصيبهم من ضرب وجلد وإكراه على أيدي النساء الفاضلات، ولو باح بعض الرجال بما هم فيه لكانت نسب ما ينالهم تفوق تلك النسب الخاصة بالنساء، وشاهدي على ذلك ما أراه في بعض الأماكن العامة لا سيما في الدول المتقدمة من النظرات الحادة من النساء إلى الرجال عند عدم تلبيته لمطالبهن، وكذلك ما نقرأه في الصحف والمجلات، أو ما نراه من آثار لكمات على الوجه يدعي متلقيها أنه قد اصطدم بجدار، أو سقط من السلم أو نحو ذلك من الأعذار المقبولة والمعقولة. ولعلنا نتذكر ظهور رئيس إحدى الدول قبل سنين مضت بوجه عليه أثر كدمة، أشاعت الصحافة أنها من سيدة بيته.
الحلم ثقافة، يحتاج إلى ممارسة، وبه تحسن الأخلاق، وقد سأل أحدهم الأحنف عن الحلم فقال هو: ذل النفس، هكذا قال: فمن له القدرة على إذلال نفسه، والصبر عن الصدمة الأولى فقد ظفر.