نقرأ عن مصطلح (التوطين) في أدبيات الاقتصاد عندما يتم التطرق إلى (السعودة) باعتبارها من قبيل (توطين الوظائف)، أي شغلها بالسعوديين. وهناك (توطين) التقنية الحديثة، وهو ما يتجاوز نقلها إلى العمل على أن تكون متوافقة مع البيئة المحلية وأن يكون التعامل معها تعاملاً تفاعلياً يتجاوز النمط الاستهلاكي الجامد.
ولا يقتصر التوطين على الجانب المادي، فالغربة التي يعاني منها المجتمع السعودي، كأحد إفرازات فترة الطفرة، تتجاوز ذلك إلى الجانب المعنوي، والفكري بشكل خاص.
كم من الكتاب (السعوديين) ما زال يستخدم مصطلح (كرة الثلج) في التعبير عن تفاقم المشاكل وازديادها، ونحن في حيز جغرافي لا يعرف تساقط الثلوج، وبالتالي لا تتكون فيه كرات الثلج.
وكم من كاتب (سعودي) يقول إنه (يرفع قبعته) احتراماً لكذا وكذا. والإنسان السعودي لا يلبس القبعة، في الغالب، حتى ولو سافر إلى الخارج ولبس اللبس الأفرنجي. وقد كتبت هذا الكلام عن (التوطين) عن قناعة بأننا نحتاج إلى (تفعيل) هذا المصطلح بالعمل الجاد في كل الميادين، حتى نحافظ على ثروة وفكر هذه البلاد في آن واحد وما كتبت هذا الكلام، إلاَّ بعد أن (استفزني) إعلان نشر بجريدة (سعودية) لشركة (أجنبية) والإعلان موجه للسوق السعودية وللمرأة السعودية بشكل خاص، كما يدل على ذلك (المرأة المتحجبة) التي عرضها الإعلان، تقول هذه المرأة، في هذا الإعلان، لابنتها بلهجة غير سعودية لا تمت إلى (المرأة السعودية) بأي صلة إطلاقاً ونحن نعرف ذلك، والقارئ يعرف ذلك، ولكن المشكلة أن الوكيل (السعودي) للشركة المعلنة لم يعرف ذلك، لأنه سلم الأمر لموظفين غير سعوديين يقدمون للمجتمع السعودي مواد إعلانية غريبة عنه.
والأمر في هذه الحالة لا يحتاج إلى تفكير طويل لمعرفة الجهة التي يجب أن نوجه لها أصابع اللوم. يا قومي.. كفانا غربة.. ولندرك أننا نحتاج إلى (التوطين) ليس لحماية ثروة هذه البلاد فحسب، بل لفكرنا أيضاً.
رئيس دار الدراسات الاقتصادية - الرياض