|
الجزيرة - وهيب الوهيبي:
تشرع وزارة العدل لاستكمال نشر مُدونة الأحكام القضائيّة من خلال اختيار جُملة من الأحكام في مُختلف الموضوعات القضائية، ونشر وقائعها، وأسباب الحكم، ومنطوقه، وملاحظات محكمة الاستئناف (التّمييز وفقَ آلية العمل الحالي حتى نفاذ تعديل نظامي المرافعات الشرعية، والإجراءات الجزائية، طبقاً للعمل قبل صُدور نظام القضاء الأخير).
وأكد وزير العدل الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى في تصريحات ل(الجزيرة) أن وزارته أنهت مؤخراً بعض أجزاء مدونة الأحكام القضائية، مؤكّداً على أنَّ نشر هذه المجموعة المختارة من الأحكام لا تتقاطع مع جمع المبادئ القضائية ونشرها التي تعمل عليها المحكمة العُليا بحكم اختصاص المحكمة بإرساء المبادئ القضائية، لافتا إلى أن وزارته تهدف من نشر مدونة الأحكام القضائية إلى الوفاء بالتزامها النظامي، ونشر الثقافة العدلية، وتسهيل مهمة الرجوع للسوابق القضائية، بما يخدم القضاة والمحامين والحقوقيين والباحثين، وقال: إننا نُعوّل كثيراً على المبادئ القضائية التي في طليعة مهامها الأساسية الحيلولة دون حصول أيَّ تباين في الاجتهادات القضائية.
وحول التباين الحالي في بعض الأحكام القضائية قال العيسى: إن ما تشير إليه لا يعدو أن يكون في الصورة الذهنية -في بادئ الرأي- لكن بالرجوع إلى تفاصيل الوقائع نجد اختلافاً فيها يبرر ما يُذكر من تباين، ومن المهم اتخاذ كافة الإجراءات الوقائية نظراً لكثرة القضايا وتشعبها واختلاف الحال عن السابق في معدلات النمو القضائي.
وقال اطلعنا على ما يعتقد البعض أنه تبابين، واتضح أن الوقائع تختلف تماماً، بل إن التباين ليس له ما يبرره فقط بل له ما يوجبه شرعاً ونظاماً، لكن فوات المعلومة التفصيلية حَدَتْ بالبعض إلى الاستعجال في تكوين هذه الصورة الذهنية من منطلق خاطئ تماماً، ولدينا شواهد على هذا نتمنى أن يطلع عليها كل مستطلع وراصد.
وعن الأسلوب الذي يعتمدُهُ القضاءُ حالياً -وسابقاً- في شأن المبادئ والسوابق القضائية، قال الوزير: إن الاعتماد يتركز على استقرار هذه المبادئ في الوجدان القضائي واستفاضتها ليس في الضمير القضائي فحسب، بل لدى طيف المهتمين بشأنه، لكن لا نختلف على أن نشرها أمر لا بد منه، وقد ساعد القبول بالوضع السابق قلة القضايا وتشابه أو تماثل غالبها الأعم، ولا يخفى على أي مهتم بالمادة القضائية ما استقر عليه عملها في المملكة في القضايا المدنية والأحوال الشخصية والجنائية، وإذا كانت دساتير بعض الدول غير مكتوبة بل هي في وجدان الدولة والشعب، فما نحن فيه من باب أولى، لكن نؤكد على أن النشر مهم للمبادئ وللأحكام، ويدل على أهمية هذا التحول في كثرة وتنوع الوقائع وحاجتها إلى مادة مكتوبة تجمعها على صعيد واحد، صدور قرار هيئة كبار العلماء الموقر بإجازة تدوين الأحكام القضائية على هيئة مواد شرعية مؤصلة، وفق آلية معينة راعت الضوابط الشرعية في هذا الأمر من كافة جوانبها، وهو ما يدل على الأفق الشرعي الكبير الذي تتمتع به الهيئة الموقرة، خاصة بعد أن استطلعت أهمية هذا الأمر إثر التحول والتطور الحاصل في العمل القضائي ما يدل على أن قرارها الأخير لا يتقاطع البتة مع قرارها الأول في الموضوع نفسه أخذاً في الاعتبار هذا التحول الذي راعته الهيئة الموقرة بأفقها الواسع على هدي من مقاصد الشريعة لتدلل الهيئة بهذه الرحابة العلمية والحضور الشرعي أنها أحفل ما تكون بالتطبيق السليم لقواعد الشريعة ومقاصدها العظيمة.
وعن دخول وزارة العدل من خلال وكيل وزارتها الجديد الشيخ عبد اللطيف الحارثي إلى المجلس الأعلى للقضاء، قال العيسى: إن هذا يُحمّل الوزارة المزيد من المهام والمسؤوليات حيث ستسهم الوزارة بحكم هذه العضوية في مسيرة المجلس الموقر في إدارة الشأن القضائي كما نصَّ على ذلك نظام القضاء، وهو امتداد طبيعي لمسيرة الوزارة في السابق في شراكتها المؤسسية لمسيرة المجلس، فأميز ما في المجلس أن عمله مؤسسي وهذا يمثل ضمانة مهمة لاستقلال القضاء، فالقرار المؤثر على عضو السلك القضائي لا يتخذ بقرار إداري فردي بل بقرار مؤسسي حصَّنه النظام من الطَّعن عليه بالإلغاء لهذا التكييف المهم مضافاً له توصيف عمل المجلس.
وتابع قائلاً: لا أخفي أن الغالب الأعم من قرارات المجلس تعني الوزارة في شأنها الإداري والمالي، وتحديداً الإنشائي والتجهيزي، بل إن جملة قرارات المجلس أوجب النظام على وزارة العدل إصدار قراراتها التنفيذية والعمل الفعلي على وضعها موضع التنفيذ.
وفي انضمام الوكيل الجديد إلى عضوية المجلس تحقيق لمصلحة العمل القضائي، وسد أي فراغ قد ينشأ عن غياب عضوية الوزارة بفاعليتها المهمة في المجلس الذي نقدر عالياً مسيرته الطَّويلة بمشاركة الوزارة في إدارة الشأن القضائي، كما نقدر شراكة الوزارة في السابق في مسيرته وأثرها الإيجابيّ فيما يتخذه من قراراتٍ.