حينما قال المريض لوزير الصحة: الله لا يسامحك، وحينما قالت العجوز لوزير الشؤون الاجتماعية: أعطني ولو لحم حمار وهي لا تقصد ذلك ولكنه نوع من الاحتجاج، فإن قوليهما يمثّلان رأياً عاماً، ويجب علينا كمختصين في المجال الإعلامي، أن نرصد مجريات الخدمات الصحية، ومجريات الخدمات الاجتماعية، بعد هذين القولين، وهل تركا أثراً على المشهدين الصحي والاجتماعي، أم كانا مجرد حالتين عابرتين، مثل كل الحالات العابرة التي تمر بنا، حينما ننتقد ظاهرة سلبية ما! الغريب في أمرنا، أننا تركنا الأسباب التي أدت بالمريض والعجوز ليقولا هاتين المقولتين، وأخذنا نكيل المدائح للوزيرين، اللذين لم ينفعلا، ولم تثر ثائرة العبارات من بين شفاهما، وهذه الغرابة تنسحب على كل الشؤون الأخرى. فإذا رفع مراجع صوته، يطالب بالدخول على مدير المستشفى المقفل بابه، يأتي رجال «السكيورتي» لكي يرموه في الخارج، وربما حرّروا عليه مخالفة إزعاج! وإذا اشتكى مستهلك لوزارة التجارة، لأن السيارة التي اشتراها منهم مضروبة، صرخت الوزارة في وجهه: «أصلاً ما أنت كفو لهذه السيارة»! وإذا تظلّم مواطن للبلدية، من أن المقاول الذي يبني له بيته غشاش أو حرامي، مدَّت له البلدية لسانها: «يا عمي روح اتعلَّم كيف تختار مقاولك». إن مؤسساتنا الحكومية، بحاجة ماسة للبدء في تغيير أساليب تعاملها مع الرأي الذي يخالفها، فليس منطقياً أن نستمر نشعر بأننا ملائكة. «خلاص، الزمن تغير»!