حتى وإن لوَّث يده بدماء المسلمين وإخوانه في الدين والوطن، وانحرف عن الملة الصحيحة، يبقى إنساناً له حقوق، ويستحق أن يحصل على محاكمة عادلة، وأن يُبذل جهدٌ من أجل انتشاله من الواقع الذي أوصلته إليه أفعال الأشرار الذين لا يريدون الخير للدين ولا للأمة ولا للإنسان نفسه، بمن فيهم الذين تورطوا في اعتناق أفكارهم الضالة.
ولأن المملكة العربية السعودية التي قامت وتلتزم بالشريعة الإسلامية قولاً وعملاً ونهجاً وسلوكاً والتزاماً بنصوص الشريعة السمحاء، التي تحمي وتوفر للإنسان وللذين يعشون في ظلها كل الحقوق الشرعية والإنسانية حتى وإن أخطؤوا، فقد مثل أمام المحاكم الشرعية كلُّ مَنْ تورَّط وانخرط في الجماعات الإرهابية واعتنق فكراً ضالاً وحارب الأمة.
الإسلام - بوصفه ديناً ونهجاً وسلوكاً - يرى أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، وألا يُؤخذ الإنسان بقول واشٍ، وألا يؤخذ بقول أو فعل كيدي؛ فقد أوضح النص القرآني في سورة الحجرات (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)
هذا واضح، ولا لبس فيه؛ فقد أمر الإسلام بالتبيُّن والتحقق والتأكد.. وهو بالفعل ما قامت به أجهزة التحقيق والمحاكم الشرعية مع الذين انخرطوا في التنظيمات الإرهابية، وتبنوا الفكر الضال، والذين روَّعوا المواطنين السعوديين والأمة بأفعالهم الإجرامية.. ومع وجود مئات القرائن والإثباتات إلا أن الشرع أمر بانتهاج المسلك الشرعي بدءاً بالتحقُّق والتثبت من الشواهد والأحداث والقرائن التي تفرغ لمتابعتها والتأكد من صدقها رجالٌ مؤتمنون؛ حتى ينتهي المطاف أمام المحاكم الشرعية التي تحكم بما أنزل الله. وهكذا تم الحكم والمراجعة والتحقيق مع 5080 متهماً في جرائم الإرهاب، وأمكن الحكم والانتهاء من عدد من القضايا، فيما يستكمل إعداد لوائح دعاوى 934 متهماً.
هذا الإنجاز القضائي يلتزم بدقة مع النصوص الشرعية التي تعطي أهمية قصوى للحقوق، سواء العامة المتمثلة في مصلحة الأمة، أو الخاصة المتمثلة في مصلحة الإنسان نفسه حتى وإن ارتكب الخطأ. هذا الإنجاز يؤكد أن المملكة العربية السعودية ملتزمة بالإسلام منهجاً وسلوكاً، قولاً وفعلاً، وأنه ليس مجرد رفع شعارات بل التزام وتقيُّد بالنصوص، فحتى الذين يخرجون عن الطريق السليم، ويجنحون للإرهاب، لدى الشريعة مساحة واسعة لمعالجة أخطائهم، ومعاقبة من يؤذي الأمة، وإصلاح ما يمكن إصلاحه لدى مرتكبي الجرم؛ لأن إصلاح الفرد إصلاحٌ للأُمَّة.
JAZPING: 9999