لا يحزنني في الثورات الشعبية التي (استحلَتها) الشعوب العربية هذه الأيام سوى الاستغلال غير (البريء) للأطفال والزج بهم كدروع بشرية لمظاهراتهم وتشويه براءتهم إلى درجة كنت أتمنى أن تقف المنظمات الإنسانية موقفاً يستحق الاحترام، بدل تركيزها على التحذير من خطر انقراض النمر الأبيض والحوت الأزرق.
بكل صفاقة يدفع المتظاهرون أطفالاً في مختلف الأعمار للمطالبة بالتغيير، وأحلف جازماً أن هؤلاء الأطفال لا يعرفون من الرئيس سوى اسمه ولم يعلموا به سوى يوم نزولهم إلى ميادين التجمعات، فيما للأسف يقع هؤلاء الأبرياء ضحية التدافع وعدم قدرتهم على حماية أنفسهم أو الهرب من دائرة المصادمات.
الإعلام مثلما هو شريك في نقل الحقيقة، سواء كانت هذه الحقيقة مجرّدة أو تحمل في طيّاتها بُعداً سياسياً، فهو شريك أيضاً في (إثم) هذه الظاهرة التي ذبحت الأطفال وجعلتهم سلعة يلعب بها المتظاهرون لاستحلاب العطف العالمي عبر شاشات الفضائيات.
هؤلاء الأطفال (مساكين) لا يعرفون إلى أين يذهبون ولا لماذا جاؤوا ولا الهدف من جلبهم للشارع ولا أي هدفٍ يريده من جاء بهم ولا يعرفون أيضاً بأنهم الحلقة الأضعف والأقرب للضرر إذا حمي الوطيس، وأتساءل هنا: أي ضمير سيتعرض للتأنيب إذا سقط طفل ضحية لحسابات الكبار، وأي طرف ستدمع عيناه، وكيف سيسامح الأهل أنفسهم أن حوَّلوا أطفالهم إلى (مطية) لمبتغاهم؟
ينتابني الآن اشمئزاز كبير من صور أشاهدها يومياً على شاشات الفضائيات وتنقلها أيضاً وكالات الأنباء للأطفال الذين (سحقت) كرامتهم، حتى أنني أشعر بأن طالبي التغيير ليسوا بأفضل ولا أرق حالاً من حكوماتهم.