|
الجزيرة - الرياض:
في الجزء الثاني من ندوة صحيفة الجزيرة حول واقع التعليم العالي بالمملكة وجامعة الملك سعود يكشف الدكتور عبد الله العثمان عن جوانب مهمة عن آليات سير العمل داخل الجامعة موضحا أن العنصر النسائي يشكل 60% من المعيدين المعينين كما أنه يصفهن بأنهن العناصر الأكثر ولاءً للجامعة من نظرائهم الرجال إضافة إلى أنهن يشكلن النسبة الأكبر في حركات الابتعاث الخارجية، ويتطرق الدكتور عبد الله العثمان إلى التصنيفات التي حصلت عليها جامعة الملك سعود والانتقادات التي تعرضت لها عقب حصولها على بعض التصنيفات وكذلك استعراضه التصنيفات الجديدة التي تشكل نقلة كبيرة للجامعة من وجهة نظره، ويشرح مدير جامعة الملك سعود في الجزء الثاني الأماكن الحقيقية التي تصنع الثروات، وكذلك كيفية الاستثمار في المعرفة مستحضرا العديد من النماذج العالمية إضافة إلى تناوله برامج جامعة الملك سعود في إعداد القادة، وغير ذلك الكثير من الموضوعات الهامة والثرية تجدونها في الجزء الثاني:
يقول الدكتور العثمان: كانت كوريا الجنوبية تعيش في فقر مدقع يصل إلى درجة أن الأسرة المكونة من 9 أفراد يتطارحون فيما بينهم لكي يدرس فرد واحد فقط، وكانت الدولة تضع أمام المواطن خيارين الأول أن يتجه إلى جبهة القتال مقابل الحصول على دولار واحد فقط أو أن يتجه إلى مدينة الجبيل ويحصل على 5 دولارات، ويضيف: الآن الجامعات الكورية الجنوبية من أفضل الجامعات على مستوى العالم والسبب -وفقا للدكتور العثمان - هو المعرفة، ويشير الدكتور العثمان إلى الخاصية الرابعة التي يجب توافرها في جامعة الملك سعود حتى تصل إلى المراحل المتقدمة وتكون جامعة صانعة للمعرفة وهي أن تكون ملكا للمجتمع وليس ملكا للدولة، مبينا: يجب أن لا تكون الجامعة في برج عاجي ومؤسسة بلا أسوار.
ويتابع الدكتور العثمان: يوجد الكثير من الخصائص بالإضافة إلى الخصائص سالفة الذكر ولكن هذه الخصائص الأربع هي الأهم على الإطلاق وبناء على ذلك وضعت جامعة الملك سعود رؤيتها الجديدة للتطوير وخطة إستراتيجية عمل عليها فريق وطني لمدة 6 شهور ومن مواصفات الخطة الإستراتيجية (والكلام للدكتور العثمان) أن تنقلك من مكانة أنت لست راضيا عنها إلى مكانة رائدة وللأسف المؤسسات الحكومية ليست جذر بل هي أفلاك وأجرام سماوية مختلفة، ويزيد الدكتور العثمان: رؤية جامعة الملك سعود الجديدة التي أطلقتها في 2008 م مكونة من 6 كلمات وهي: ريادة عالمية، وتعني الانفتاح ثم الانفتاح ثم الانفتاح على العالم. وتطبيق مفهوم أن المعرفة ليس فيها جنسية ولا دين بل شراكة مجتمعية، وأن يكون المجتمع ملك للجامعة والكلمتين الأخيرتين تعني بناء مجتمع المعرفة لأنه لا يمكن أن تنتقل إلى اقتصاد المعرفة إلا بعد بناء مجتمع المعرفة والأخير يعني بناء جيل متعلم.
أماكن صناعة الثروات
يحدد الدكتور العثمان أماكن صناعة الثروات مؤكدا أنها تكمن في الجامعات فقط مشيرا إلى أن الدول التي لا تملك جامعات تصنع المعرفة هي ليست من دول العالم الثالث بل هي في آخر قائمة هذا العالم، ويقول الدكتور العثمان: لابد وأن توقف الجامعات السعودية تخريج أجراء لدى الحكومة والقطاع الخاص لأنها بذلك تكون أكبر مؤسسات تصنع البطالة، فاليوم نتكلم عن ريادة الأعمال والمبادرات وهي نتاج الانفتاح على العالم، ويستطرد قائلا: عدم وجود نسبة من خريجي الجامعات ولتكن واحد في الألف يمتلكون القدرة على صنع فرصة عمل لأنفسهم ولغيرهم يقلل من قدرة المملكة على حل مشكلة البطالة مبينا أنه: إذا استمر ترديد مصطلح المواءمة مع سوق العمل فلن نتحرك إلى الأمام كون هذا المصطلح سقط بسبب تغير سوق العمل فأعلى 10 وظائف كان عليها طلب في 2010م لم تكن هي نفسها في 2004م.
ويضرب الدكتور العثمان المثل بالبرازيل متسائلا: لماذا صنعت البرازيل فرصة نجاح بين عامي 2002 و2010م؟ وماذا فعل رئيس الدولة داسيلفا؟ يجيب..: عندما تولى داسيلفا الرئاسة كانت نسبة الطبقة الوسطى التي هي صمام أمان لأي دولة لا تتعدى 15% وسلم الرئاسة في 2010م ونسبة هذه الطبقة 50% والسبب يعود لاعتماده على الجامعات، حيث استخدم مراكز البحوث، وركز على المنشآت الصغيرة والمتوسطة واستطاع أن يرفع الطبقة الوسطى من 30 مليون إلى 100 مليون شخص لأنه اعتمد على المعرفة.
النفط وحقوق الأجيال المقبلة
هل 10 ملايين برميل نفط كافية لحفظ حقوق الأجيال المقبلة؟ سؤال يطرحه الدكتور العثمان ويجيب عنه قائلا: النفط سلعة إذا لم تنضب اليوم ستنضب غدا ولذا يجب أن يكون في المملكة ثلاثة مستويات من التعليم العالي حيث يجب أن تتحول كل من جامعة الملك سعود، وجامعة الملك عبدالله، وجامعة الملك فيصل، وجامعة أم القرى، إلى جامعات صانعة للمعرفة وتظل الجامعات التي عمرها الزمني أقل من 10 سنوات تمنح أعلى درجة علمية (الماستر فقط)، ويوضح الدكتور العثمان: أدوات التأهيل للمواطن السعودي خطأ 100% ونحتاج لكي نحلق في فضاء التقدم أن نمتلك جناحين أولا التعليم الجامعي ويستحوذ على ما نسبته من 35% إلى 40% وثانيا التعليم الفني القوي ويستحوذ على 60% من نسبة الطلاب، ويضيف: عدد التخصصات الطبية في الولايات المتحدة الأمريكية مثلا 110 وفي المملكة 11 فقط.
ويبين مدير جامعة الملك سعود أن الجامعة لم تحقق شيئا إلى الآن مقارنة برؤيتها المستقبلية ولكن في حال مقارنتها بوضعها السابق فهي حققت الكثير وأبرز النتائج يتمثل في أن الإنتاج المعرفي النوعي للجامعة في 2010م يعادل أكثر من إنتاج 23 جامعة سعودية حكومية، ويضيف: الأوراق العلمية النوعية التي نشرت في ال»آي إس آي» وصل عددها إلى 1107 أو 1108 وعدد الإنتاج العلمي لجميع الجامعات السعودية بلا استثناء تقريبا 950 وهذا مؤشر جيد ولكنه غير كاف ويزيد الدكتور العثمان: يجب أن لا يقل الإنتاج المعرفي النوعي لجامعة الملك سعود بحلول عام 2015م عن 10% من إجمالي نشر العلم في كوريا الجنوبية، ويجب أن يكون لدى الجامعة في 2010 م من 3500 إلى 4000 ورقة نوعية وعدد ال 4000 ورقة لا تعني شيئا إذا ما صاحبها 400 براءة اختراع والإنتاج المعرفي الذي ليس له قيمة مضافة للاقتصاد الوطني لا يعني أي شيئا.
جامعة الملك سعود
وبراءات الاختراع
يقول الدكتور العثمان إن الجامعة أعلنت عن 143 براءة اختراع و52% من هذه البراءات تم إيداعها في مكتب التسجيل بأمريكا وهذا الأخير هو أصعب مكتب يسجل براءات الاختراع في العالم ويضيف الدكتور العثمان: تمتلك جامعة الملك سعود 11 شركة تم تسجيل 4 منها في الوزارة وأول شركة يملكها طالب خريج جامعة الملك سعود كان متخصصا في الهندسة، وذلك بعد أن أسس شركة برأس مال 2.5 مليون ريال هذا الطالب يستحوذ على حوالي 70% والجامعة تملك 30% ويبلغ عدد الأجهزة التي باعتها الشركة والتي عليها ارتباط أكثر من 33 ألف جهاز تضاعفت قيمتها أكثر من 300% ويقول الدكتور عبد الله العثمان: لا يمكن أن تحل البطالة إلا بهذا الشكل، مضيفا: لا تقاس قوة الاقتصاد بقوة الاحتياطات النقدية للدولة بل تكمن قوته الحقيقية في قدرته على استيعاب أبنائه وضمان وظيفة منتجة يتمكن الفرد من خلالها من خلق فرص عمل له ولغيره وما يميز جامعة الملك سعود وفقا للدكتور العثمان هي الجسارة والجرأة في تجاوز كثيرا من الأنظمة وذلك لأن الجامعة التزمت بثلاثة أشياء للدولة أولا: تحبيب الناس في الوطن عن طريق تقديم خدمات نوعية مثل ما حدث في عام 1428هـ حيث ركزت الجامعة على منطقة الرياض واختارت 20 محافظة من السليل إلى الزلفي وأنشأت وهيكلت 54 كلية.
ويشير الدكتور العثمان إلى أنه لا يمكن أن تتميز جامعة الملك سعود وبها 90 ألف طالب والجامعات المتميزة عدد طلابها لا يزيد على 30 ألف، موضحا أنه تم دمج 18 فرعا لجامعة الملك سعود في جنوب الرياض في جامعة واحدة وكذلك الفروع في المحافظات غرب الرياض ونفس الحال في محافظات شمال الرياض وبهذا الشكل تخلصت الجامعة من 50% من الطلاب ويضيف الدكتور العثمان: توجهت جامعة الملك سعود إلى كل من شركة أرامكو وسابك وشركة الكهرباء والقطاع المصرفي وشركة الاتصالات بسؤال محدد.. ما هو الشيء الإيجابي والسلبي في خريج جامعة الملك سعود؟ وكانت الإجابة إن المحصول المعرفي قوي في مقابل محصول مهاري ضعيف وعليه بدأت الجامعة تتحرك بشكل مختلف وأنشأت عمادة السنة التحضيرية وأخذنا طلاب الثانوية العامة وأدخلناهم في برنامج مكثف بعدها يتم منح الخريج 6 شهادات في كلا من اللغة الإنجليزية والحاسب الآلي وريادة الأعمال ومهارات الكتابة والاتصال والتعلم الذاتي، ويضيف قائلا: تحولت الجامعة إلى اللغة الإنجليزية وهو ما أثار انتقادات البعض ولكن هذا التحول ليس بديلا عن اللغة العربية لأنه تحولي مهاري فقط كون سوق العمل في المملكة هو في النهاية سوق عالمي، ويوضح: أنشأت الجامعة برنامجا للأوقاف وتمتلك الآن محفظة استثمارية عقارية وقفية بـ 4000 مليون ريال وكافأتنا الدولة على ذلك، بإضافة 4000 مليون ريال أخرى ولذا يجب أن تدخل الجامعة في مرحلة ثانية والرفع من سقف الأهداف وهدف جامعة الملك سعود أن تمتلك 25 مليار دولار في 2030م بحيث تمتلك الجامعة عند اعتمادها على ذاتها واستغنائها عن الدولة استغناءً تاما 100 مليار ريال.
كراسي البحث والاستثمار المعرفي
وفيما يخص كراسي البحث يقول الدكتور العثمان: كراسي البحث ليست استنساخا للتجربة العالمية ولا أحد يدعي بأنه اخترع هذه الكراسي فالأخيرة موجودة في أكسفورد وكامبريدج من حوالي 600 سنة، لكن ميزة الكراسي بالجامعة أنها تخضع لإشراف أكثر من أستاذ وفريق بحثي مكون من 5 أفراد منهم اثنان دوليان، ويحق لجامعة الملك سعود أن تفتخر بكارل وإيمان الحاصل على جائزة نوبل الذي كان ضمن أعضائها وكذلك لويس اجنارو الحاصل أيضا على نوبل هو جزء من جامعة الملك سعود وهو ما يعني نقل المعرفة من خلال هؤلاء العلماء.
ويستطرد مدير جامعة الملك سعود الدكتور عبد الله العثمان قائلا: من مميزات كراسي البحث بالجامعة أنها وجدت لتحيا وذلك على عكس كراسي البحث في الجامعات العالمية والتي تستمر لفترة زمنية محددة، ولقد تمكنت الجامعة من جمع 450 مليون ريال من برامج كراسي البحث تم استثمارها في الأوقاف وبالتالي تملك كراسي البحث محفظة استثمارية عقارية بـ450 مليون ريال هي عبارة عن فندق 243 غرفة وبرج فندق كلها تم تأجيرها للهيلتون.
ويقول الدكتور العثمان: أنشأت الجامعة وادي الرياض للتقنية وهي شبيه «وادي السيليكون» الأمريكي وخلال أقل من سنتين لو أضفنا قيمة الأرض يوجد لدى الجامعة 10 بليون ريال منها 4000 مليون استثمارات نصفها من الحكومة والنصف الآخر من القطاع الخاص، سابك بمفردها تنشئ أكبر مركزين للبحث والتطوير بـ750 مليون ريال، كما دخلت الجامعة في شراكة مع القوات الجوية، وشركة إيرسبيس - بوينح ساب أدجستا الإيطالية.
ونعمل الآن على خلق بيئة جاذبة للمبدع، والجامعة كافحت في الثلاث سنوات الأخيرة لإنشاء شركة للاستثمار في المجال المعرفي وهو ما نتشارك فيه مع الجامعات العالمية.
ويؤكد الدكتور العثمان أن هدف جامعة الملك سعود الحقيقي من الخريجين هو جعلهم قادرين على صنع فرصة عمل من خلال التعليم مشيرا إلى أن ذلك يحتاج إلى الاحتكاك بالجامعات العالمية المرموقة وإلى مدرس ممتاز وبيئة جيدة وأيضا يحتاج إلى المال، ويوضح الدكتور عبد الله: كل هذه العناصر توفرت بالجامعة يتبقى فقط المال وحاليا تم إنشاء صندوق التنمية والاستثمار المعرفي بالجامعة، كان رأس مال هذا الصندوق حوالي 100 مليون ريال والآن أصبح 160 مليون وهو ما يعني أن أي مبدع من الطلاب والأساتذة يحتاج إلى (فن) ويضيف: الجامعة لا تقوم بعمليات إقراض ولا اقتراض ولكن تدخل كشريك لأن الاستثمار المعرفي يعد مخاطرة عالية وأتمنى أن يتحول هذا الصندوق إلى صندوق وطني مثل صندوق التنمية الصناعي، وصندوق التنمية الزراعي.
النساء أكثر وفاء من الرجال
وحول الإنتاج المعرفي يقول الدكتور العثمان: في الإنتاج المعرفي حققت الجامعة 1107 ورقة وكانت جامعة القاهرة متصدرة العالم الإسلامي طبعاً يوجد اختلاف في الإمكانات لكنها تمتلك الكثير من الكوادر، أما اليوم فالإنتاج المعرفي لجامعة القاهرة يبلغ 850 ورقة وفي جامعة الملك سعود 1107، ويتساءل الدكتور العثمان: ما هو نصيب العملية التعليمية؟ يجيب قائلا: مؤشر جودة العملية التعليمية هو الاعتماد الأكاديمي، وحاليا نمتلك 5 كليات حصلت على الاعتماد الأكاديمي العالمي، هي كلية الهندسة والمجتمع والزراعة، وكلية العلوم، والطب في الطريق، وجميع البرامج الأكاديمية تخضع للتقويم والتقويم هو شهادة الجودة.
النقطة الأخرى - يقول الدكتور العثمان -: أنشأنا برنامجين «للأستاذ»، حيث قمنا بحصر أعداد الأساتذة الذين أعمارهم فوق الخمسين وضربناهم في 3 وقمنا بتعيين 2400 معيد، إضافة إلى ذلك لا تبعث جامعة الملك سعود معيدين إلا إلى دولتين هما كندا وأمريكا ومن خلال 1800 مبتعث جددت الجامعة دماءها، وأنا من المؤمنين بأنه لا يوجد سن تقاعدي لأستاذ الجامعة ما دام قادراً على العطاء ولابد أن يحترم فكره والآن يوجد بالجامعة 3000 دكتور إضافة إلى تعيين 2400 معيد وأجمل ما فيه 60% نساء.
ويوضح الدكتور العثمان: ركزنا على العنصر النسائي لسببين أولا: أن عمق الولاء والانتماء للجامعة لدى النساء أكبر منه لدى الرجال وثانيا: الاستقرار الوظيفي، ولدى الجامعة عناصر نسائية مميزة ومؤهلة نتيجة البيئة المميزة التي توفرها لهم الجامعة كما أن عددا منهم يدرس في كندا والولايات المتحدة الأمريكية في جميع التخصصات على حساب الجامعة، ويضيف الدكتور العثمان: قمنا بإنشاء عمادة لتطوير المهارات وفي نهاية عام 1434هـ أي أستاذ لا يمتلك رخصة مهنية في التدريس لن يدخل القاعة الدراسية موضحا: هذا ليس تهديدا لأن كل دكاترة الجامعة بالمملكة وأنا منهم يعتقد أنه فوق البشر أو مقدس.. وهذا خطأ،.. فهناك فرق بين التقديس والتقدير الأول يعزز السلطوية والظلم والثاني يعزز الإنتاجية والاحترام، ويقول الدكتور العثمان: لا يجب أن يكون كل من يقدم المحاضرات في الجامعة أكاديمي، ويجب أن تعتمد جامعة الملك سعود في 30% من محاضراتها على المحترفين وعلى هذا الأساس دخلت الجامعة في شراكات وأصبح لكل كلية مجلس استشاري من المؤسسات ومن القطاع الخاص، وأعترف أن جامعة الملك سعود لديها من الأخطاء الشيء الكبير لكن يجب أن نرفع سقف الطموح ونحلم ونتخطى الحدود في الحلم كون الجامعة بنيتها الأساسية بـ 70 مليار ريال وميزانيتها السنوية 1.8% بالإضافة إلى أن رجال الأعمال قدموا 4000 مليون ريال للجامعة، وهو ما يزيد من حجم المسؤولية أمام المجتمع، وأضاف: تقدم الجامعة خدمات علاجية هائلة لحوالي مليون مواطن وتقوم بتنويم 75 ألف سنويا وتجري 36 ألف عملية.
هذا بالإضافة إلى وجود مشروع بـ 3000 مليون تستهدف المواطن وصحته وفي أغسطس 2011م سيرتفع عدد الأسِرة من 800 سرير إلى 1800 سرير وحاليا تمتلك الجامعة مستشفى متخصص في الأسنان و6 مراكز في السرطان والقلب والسكري وغيرها الكثير من المراكز ونسعى لامتلاك أكبر مدينة طبية بالنوع وليس العدد.
ثلاثية النقد وتجاوز النظام والتصنيفات
ويذكر مدير جامعة الملك سعود الدكتور عبد الله العثمان أن 400 مليون ريال سنويا ستدخل ميزانية البحث والتطوير بعد أن كانت 32 مليونا وكانت ميزانية حضور المؤتمرات 12 مليونا والآن تصل مخصصات الأخيرة إلى 170 مليون ريال وأرجو أن لا يتم توجيه اتهاما لنا بأننا مسرفين لأن عضو هيئة التدريس بالجامعة إذا لم يحضر 5 أو 6 مؤتمرات سنويا فلن تتجدد معلوماته كما أن عضو هيئة التدريس الذي لا يحضر المؤتمرات العلمية يكون مخلا في أدائه الوظيفي، ويردف الدكتور العثمان: إن جامعة الملك سعود لا تستشير أحد سوى المختصين وبعيدا عن «التهور» كما أن القرارات تؤخذ داخل أسوار الجامعة وفي حالة الاحتياج إلى رأي من شخص ما نرفع سماعة الهاتف ويتم الاتصال به، كما أننا نتجاوز النظام إذا كان هذا التجاوز في مصلحة الوطن، وفي حالات النقد الموجه إلى جامعة الملك وسعود وطريقة التعاطي مع هذه الانتقادات يقول الدكتور عبد الله العثمان: طريقة الجامعة في التعامل مع النقد تتلخص في عدم الالتفات والتعليق ونأخذ فقط بالنقد البناء المفيد وهي قناعة نابعة عن أنه لا يمكنك أبدا أن ترضي جميع الأطراف، واختتم مدير جامعة الملك سعود الدكتور عبد الله العثمان كلمته بقوله: لقد حملت الجامعة نفسها مسؤولية كبيرة تجاه المجتمع من خلال مبادراتها وعلى ضخامة الالتزام بعون الله جامعة الملك سعود قادرة على القيام بدورها تجاه الوطن وإذا لم تحقق ما نسبته 100% فأنا أؤكد أنها ستحقق أكثر من 50%، عقب انتهاء كلمته استقبل الدكتور عبد الله العثمان وقيادي الجامعة تساؤلات أسرة صحيفة الجزيرة وكتابها، وكانت البداية في سؤال الدكتور عبدالرحمن الحبيب حول الانتقادات الموجهة لجامعة الملك سعود لتركيزها على الكم وليس النوع وعدم استفادة الجامعة من أساتذة نوبل وكثير من أعضاء هيئة التدريس والدكاترة إضافة إلى عدم سعي الجامعة للحصول على الترجمة رغم امتلاكها مركزا مخصصا لذلك مقترحا (الدكتور الحبيب) أن تكون اللغة في الماجستير والدكتوراه هي اللغة الانجليزية، ويجيب الدكتور عبد الله العثمان: فيما يخص التصنيفات فالجامعة ترى أنها وسيلة وليست هدف وفي عام 2006م كانت جامعة الملك سعود ضحية للثورة الشعبية الإعلامية وذبحت من الوريد إلى الوريد بعد أن تم تدمير صورتها وإرثها العلمي والثقافي بتصنيف هزيل ولكن حاليا ترتيب جامعة الملك سعود 164 عالمياً, ويضيف الدكتور العثمان: كانت الجامعات السعودية مغيبة عن الشبكة العنكبوتية، ومن محاسن هذا التصنيف أن الجامعات السعودية وثقت هذا الإرث.
وهناك الكثير من التساؤلات عن كيفية انتقال جامعة الملك سعود من المركز رقم 3000 إلى المركز رقم 300 والسبب يعود إلى أنه عندما يدخل أي إنسان على محرك البحث ويكتب اسم جامعة الملك سعود تكون نتيجة البحث صفر وهو ما جعلها في ذلك الوقت في ذيل القائمة والآن هذا الوضع تغير تغيرا كاملا، وانتقلت الجامعة إلى مستوى تصنيفي جديد وهو تصنيف شنغهاي، هذا التصنيف هو ما جعل أحد رجال الأعمال من منطقة ما داخل المملكة يركب طائرة ويأتي إلى الجامعة ويدفع 685 مليون ريال، ليخلفه رجل أعمال آخر من نفس المنطقة ويعطي الجامعة 325 مليون ريال، ورجل أعمال ثالث من نفس المدينة اتبع خطوات سابقية، ويوضح الدكتور العثمان: لقد أخذت جامعة الملك سعود التصنيف كبناء صورة وبالتالي أتفق مع الدكتور عبد الرحمن أن التصنيف الاسترالي وكذلك الإسباني الذي تحصلت عليه الجامعة سابقا لا يساوي الحبر الذي يكتب به والآن رتبت الجامعة أوراقها ووثقت إنتاجها وتجاوزت مثل هذه التصنيفات، والآن تصنيف شنغهاي هو تصنيف الكبار وهو عبارة عن خطة إستراتيجية للجامعات الصينية وملامح هذه الخطة تتمحور حول تحويل الجامعات الصينية من جامعات تدريسية إلى جامعات بحثية، ولا يصنف العملية التعليمية بل يصنف العملية البحثية وعند دراسة الصينيين لتصنيف كامبريدج وبيركلي وغيرها وجدوا خمس خصائص تمتلكها هذه التصنيفات أولا وجدوا أساتذة فائزين بنوبل فتم منحهم 20% ووجدوا طلاب تخرجوا من عندهم وفازوا بجائزة نوبل منحوهم 20% كما وجدوا انه لديهم أعضاء يشار إلى أبحاثهم بكثافة عالية منحوهم 20% كما وجدوا أعضاءً ينشرون في «النيتشر آند ساينز» والمختصون في الطب هم من يعرفون مجلة «نيتشر أند ساينز» وتعني أنه لديك اكتشافات طبية نوعية وراقية، ويشدد الدكتور عبد الله العثمان على أن الأكاديمي الذي يقلل من تصنيف شنغهاي إما أنه لا يعرفه أو أن المؤسسة عجزت عن دخول هذا التصنيف، موضحا أن تصنيف «التايمز» يجمع بين الوظيفة التعليمية والوظيفة الأكاديمية وفيه أيضا حققت الجامعة مراكز متقدمة، ولكن تصنيف شنغهاي أقوى، ويقول الدكتور العثمان أنه لا يليق بجامعة الملك سعود بعد خمس سنوات من الآن أن تراهن على التصنيفات.
مشيرا إلى أن أحد مشاكل الجامعات السعودية أنها تريد أن تبدع في كل شيء وهذا غير صحيح، يجب أن نكون متميزين في أشياء وليس كل الأشياء فمثلا نريد أن نتميز في كلية الطب والهندسة والبيزنس كول هذا على مستوى الكليات كما نريد أن نتميز في أقسام معينة مثل قسمي الإعلام والقانون، لأننا إذا أردنا أن نصلح كل شيء سنضيع كل شيء وإذا اتخذنا مثالا على مستوى الجامعات العالمية فسنجد هارفارد عرفت بالطب والقانون وستانفورد بالهندسة.
خطة إستراتيجية لتخريج
طالب مبدع
في رده على سؤال آخر للدكتور عبد الرحمن الحبيب حول خطة الجامعة الإستراتيجية فيما يخص تخريج طلاب مبدعين وتوجيههم لسوق العمل، يقول الدكتور العثمان: نعم يوجد خطة إستراتيجية وخريطة طريق برؤية واضحة وأهداف محددة وبرامج حتى عام 2030 موجودة في الجامعة وعلى الموقع الإلكتروني، تم العمل عليها من قبل فريق وطني لمدة 6 أشهر تلاها خطوة أخرى تمثلت في التعاقد مع «ماكنزي» وهي من البيوت العالمية التي لها خبرة طويلة في وضع الخطط الإستراتيجية للجامعات، ونحن لم نتعاقد مع «ماكنزي» كمؤسسة، ولكن تعاقدنا مع أفراد وضعوا خططا إستراتيجية ولهم قصص نجاح كثيرة وكل ذلك تحت مظلة «ماكنزي»، ويتابع مدير جامعة الملك سعود: في سبيل تحقيق هذا الهدف أنشأنا مركز الأمير سلمان لريادة الأعمال وهو لا يمنح شهادة بل يمنح فرصة عمل وأوجدنا صندوق أطلقنا عليه أسم «تمكين» لدعم أصحاب المشاريع الذين يريدون تحويل أفكارهم إلى قيمة مضافة وأوجدنا «درع» للجامعة وحاليا لدينا شركة «وادي الرياض» برأس مال 100 مليون ريال، ويزيد الدكتور العثمان: وحتى يكون مركز الأمير سلمان قويا تحالفنا مع جامعة جون شبك بالسويد، وهذه الجامعة تحتل المرتبة الثامنة في ريادة الأعمال على مستوى العالم وتم تخريج أول دفعة قبل أسابيع، كما أن أول شرط للقبول هو ضرورة أن يكون المتقدم صغير السن ويمتلك فكرة اقتصادية، وبعد ذلك يتم إخضاعهم إلى برنامج من أربع فصول دراسية، يكون الفصلين الأول والثاني عبارة عن محاضرات لرجال أعمال ورؤساء شركات من 7 دول والفصلين الثالث والرابع برامج تطبيقية، وحاليا لدينا 12 شابا وفتاة يمتلكون أفكارا ندرسها ونضع لها خطة العمل إضافة إلى وجود التمويل الكافي لها، ويوضح الدكتور عبد الله العثمان أنه إذا استطاعت الجامعة تحويل 1% من خريجيها إلى صانعي فرصة عمل فسنقضي تماما على مشكلة البطالة، وأنا أختلف مع القطاع الخاص الذي دائما ما يطلق مصطلح (الموائمة) فالآن خريجو الهندسة من جامعة بوردو لا يجدون وظيفة رغم إجادتهم للغة الانجليزية والحاسب الآلي وعندهم كافة المهارات.. إذن هي شماعة يتم تعليق مشكلة التوظيف في القطاع الخاص عليها، وكل مشكلة التوظيف في القطاع الخاص (وفقا للدكتور العثمان) هي مشكلة الراتب فقط.
وعن الممارسات الخاطئة في الجامعات السعودية يقول الدكتور العثمان: يوجد ممارسات خاطئة فيما يخص المجلات العلمية، وإذا رجعنا إلى جامعات مثل هارفارد أو بيركلي أوستانفورد لا نجد مجلات تتبع الأقسام أو مجلات تتبع الكليات، وأعتقد أن المجتمع في حاجة إلى جمعيات من مؤسسات المجتمع المدني، وجمعيات علمية رائدة وتتبنى المجلات العلمية، وعلى سبيل المثال الجمعيات الطبية مثل جمعية الجهاز الهضمي مجلتها مصنفة، وكذلك يوجد مجلة في المستشفى العسكري مصنفة ومجلة في مستشفى التخصصي مصنفة، لكن إذا نظرنا إلى مجلة كلية الآداب ومجلة كلية الزراعة ومجلة البيزنس كول فهي مجلات ترقيات وليست بحوث نوعية، ويشير الدكتور العثمان إلى أن لله حكمة في خلقه فهو عز وجل خلق القلة في خدمة الكثرة، والولايات المتحدة الأمريكية بكل إمكاناتها الحالية تعتمد على 2% فقط هم عبارة عن مفكرين وعلماء مجموعهم يشكل 2% فقط من عدد السكان وفي جنوب شرق آسيا لا تتجاوز هذه النسبة 1%، ولا أعلم تحديدا كم تكون هذه في العالم العربي، ويبين الدكتور العثمان أنه من المشكلات أيضا عدم وجود برنامج لإعداد قيادات، وحاليا من الأشياء التي تم تنفيذها في جامعة الملك سعود أن اخترنا 50 سيدة ووجهناهم إلى هارفارد من أجل معرفة كيف يفكر هؤلاء الناس وكذلك يدرس طلاب في جامعة الملك سعود في الفصل الأول والثاني اللغة الفرنسية، وفي الفصل الثالث والرابع سيتوجهون إلى جامعة فرنسية للتعرف على الثقافة وطريقة التفكير وليس فقط للحصول على الشهادة، فلا يمكن أن تتعلم اللغة بمعزل عن الثقافة، أيضا تمتلك جامعة الملك سعود برامج توأمة مع 78 جامعة عالمية إضافة إلى وجود ميزانية برامج بالجامعة وليس ميزانية بنود فلدينا برامج استقطاب وبرامج توأمة وبرنامج اسمه الاعتماد الأكاديمي..
يتبع الجزء الثالث