بجوار روضتِه الكريمة أُنشدُ
شعرًا على صدقِ الرسالةِ يشهدُ
وأمام مسجده المباركِ ألتقي
بجمال سيرته الذي يتجدَّدُ
إني لأحمل من ولائي واحةً
خضراء، أَفْلَحَ منْ إليها يَقصدُ
وأرى المدينة دوحةً، بجلالها
وجمالِ منظرِها الطيورُ تُغرِّدُ
وأحبُّ ربِّ الكون جلَّ جلالُه
حبًا أفرُّ به إليه وأسجُدُ
حُباً يقرِّبني إلى رحماتِه
ويزيح عني ما أخاف ويُبْعِدُ
حُباً يعلّمني الوقوفَ ببابه
فهو الذي أبوابُه لا تُوصدُ
وهو العليم بما تُكِنُّ قلوبُنا
وإليه في كلِّ الحوائج نَصْمُدُ
إني أُحِبُّ اللهَ حبَّ موحدٍ
ولكم يعزُّ المرءُ حين يوحِّدُ
وأحبُّ دينَ الله ديناً كاملاً
وعقيدةً قلبي عليها يُعْقَدُ
هو صبغةُ المولى وفطرته التي
طابَت وطاب مَعِينُها والمَحْتِدُ
وأُحِبُّ خيرَ الأنبياءِ محبةً
آثارُها في مهجتي تتأكَّدُ
أحبَبتُه في الله حباً راسخاً
فأنا بحبِّ المصطفى أتعبَّدُ
تَرَك المحجَّة، ليلُها كنهارِها
بيضاءَ تهدي السالكين وتُرْشِدُ
أنا هاهنا شوقٌ عميق جارفٌ
نفسٌ تتوقُ ومهجةٌ تتنَهدُ
إني أشاهد تُرْعَةً من جنةٍ
فيها الرِّجال الراكعون السُّجَّدُ
ما بين محراب الرسولِ وبيتِه
نَفَحاتُ جنَّات تفوح وتُسْعدُ
هذا هنا الهادي البشيرُ وصحبُه
يَسمُو بهم خُلُقٌ، ويُعْمَرُ مسجدُ
علمٌ هنا للرِّفق كان مرفرفاً
فرسولنا يحنو ولا يتشدَّدُ
ومنارةٌ للعلمِ لا يُزْري بها
جَهلٌ ولا رَأيٌ ضعيفٌ مُفْنِدُ
وهنا أقيم العدلُ حتى نالَه
عبدٌ على ما يَشتهيه وسيِّدُ
وهنا أرى للشعر أَشرفَ منبرٍ
تُلقى قصائدُهُ الجيادُ وتُنْشَدُ
وأرى هنا حسَّان ينشدُ شعرَه
والمصطفى يدعو له ويسدِّدُ
يصغي إليه منافحاً عن دينِه
بالشعر، والرُّوحُ الأمينُ يؤيِّدُ
والمسجد الميمونُ في جنباته
صوتٌ يُرَجِّعُه الصدى ويُردِّدُ
هذا مقامُ الشِّعر، يعلو صوتُه
بالحقِّ، لا يخبو ولا يَتَبلَّدُ
وهنا سيوفٌ للبيانِ، صليلُها
باقٍ، ولمعُ بريقها لا يَخْمُدُ
ينمو البيان هنا كأجمل نَخْلَةٍ
تزداد عُمقاً في الترابِ وتَصعَدُ
أو ليس وَحي اللهِ ينزل هاهنا
غضّاً، وخيرُ الأنبياءِ يُجِّودُ؟!
هذي المدينةُ أختُ مكةَ لم يزلْ
فيها مقامٌ للنبيِّ ومَعهدُ
والقدسُ ثالثةُ الجواهرِ دُرَّةٌ
في سِلْكِ أمَّتِنا العظيمة تُنْضَدُ
والمسجد الأقصى المبارك، قَبلُه
متطلِّعٌ مترقِّبٌ مستنجِدُ
هذي مدينتُنا لها في كلِّ ما
يُروى ويُذكر من مفاخرنا يَدُ
أرخى لها حسَّانُ جانبَ فنِّه
مدحاً يُجِّلُ مقامَها ويُمجِّدُ
وأنا على المِنْاهجِ، أُتْهِمُ تارةً
في مَدْحِ طيبتِنا وأخرى أُنْجِدُ
شاركتُ حسانَ المديحَ، فَنَبْعُه
نَبْعي ومَورِدُه لشعريَ مَوردُ
يكفي قصائدَنا فخاراً أنَّها
في مدحِ خير الأنبياءِ تُقَصَّدُ