إن الغرض والهدف من إنشاء وزارات الإعلام في كل بلد عربي وكل بلد إسلامي هو الرقي بمستوى الإعلام العربي والإسلامي ليقف أمام تحديات الإعلام الغربي العنصري، ولم ينشأ من أجل تنافس الدول العربية أو الإسلامية إعلامياً فيما بينها.
كما تعلمون، فالمشاهد للقنوات الإعلامية الغربية مثل CNN وBBC والييور نيوز يجد أن قناة س.أن.أن الإخبارية تبث للعالم أجمع، وتقريباً من خلال أغلب الأقمار الصناعية ومنها الأقمار العربية السابقة واللاحقة على مدى أربع وعشرين ساعة. والمتابع لهذه القناة يجد أنها وصلت إلى مرحلة من الرقي بحيث أنها تتابع الأحداث في جميع أنحاء العالم وبسرعة فائقة. ولذلك أحبها الناس وتابعوها وأصبحوا يتسابقون ويتلهفون لسماع الأخبار فيها. ولكن -للأسف- أغلبهم لا يعرف خطرها وعاقبة الاستماع الدائم لها. والأخبار تحرر فيها بطريقة تجعل المستمع العادي وغير العادي يتلفظ دون شعور بالمصطلحات المستعملة على لسان مذيعيها مثل (الإرهاب الإسلامي)، أو إطلاق كلمة إرهابيين (Terrorist) على المجاهدين الفلسطينيين والعراقيين والأفغان وغيرهم ممن يقاومون الاستعمار والذين يدافعون عن أنفسهم وعن قضيتهم. كما أنها تستضيف كل من له آراء مخالفة، ومذيعوها عندما يحاورون أي شخصية عربية أو غيرها يحاولون أن يجبروه على صياغة الكلمات بالطريقة التي يرونها. وأغلب ما يذاع فيها هو لبث الفكر الغربي وللتنمية الاقتصادية الغربية والدفاع عن وجهات نظر المسؤولين في دولة مسمار جحا (إسرائيل).
ولقد نجح الإعلام الغربي تقريباً إلى أبعد حد في جعل أغلب العرب ينظرون لبعضهم نظرة شك. فبثت السموم ضد بعض البلاد العربية ووصفتها بالدول الإرهابية وبدأت في تصفيتها والدور آت لكل من يعارضهم.
أما القناة الثانية فهي قناة البي.بي.سي. فتروج للفكر الغربي أيضاً، وتحاول جاهدة خدمة الصهيونية العالمية، وذلك عن طريق العنصريين من الدول الغربية والديانات الأخرى والذين يحاولون تشويه سمعة الإسلام والعرب في كل خبر وفي كل مناسبة وفي كل مكان وزمان. فإذا حدث انفجار في مكان ما رددوا في إعلامهم بقولهم: (يمكن أن يكون ناتجاً عن الإرهاب الإسلامي أو عن الإرهاب العربي). وبذلك جعلوا الغالبية العظمى من الناس في العالم وبخاصة في أوروبا وأمريكا يتعاملون بحذر مع المسلمين والعرب. وأصبح كل واحد منا في نظرهم عبارة عن إرهابي. فإذا ركبت طائرة وضعوا العين عليك، وإذا تواجدت في مكان ما تحاشوك. ونشاهد ما يحدث اليوم من مداهمات للبيوت العربية في بعض الدول الغربية.
أما القناة الثالثة فهي قناة يورونيوز (Euronews)، وهي قناة تلفزيونية أوروبية تبث الأخبار العالمية على مدار عشرين ساعة يومياً، وباللغات الفرنسية والإنجليزية والألمانية والإسبانية والإيطالية. وتستعمل أحياناً اللغة العربية على أقمارنا (عرب سات). وهي تقدم جميع الأخبار العالمية من وجهة نظر أوروبية بحتة، وتبث بأسلوب إخباري يعتمد على الصورة والتعليق، وكل موضوع يذاع يصاغ من قبل فريق مكون من خمسة أشخاص كل واحد منهم يعد الخبر بأحد اللغات الخمس المذكورة.
كما أن الغرض من مشاهدة هذه القنوات الغربية المختلفة التي تبث السموم هو تعويد شعوب العالم على الحياة الغربية وطريقة تفكيرهم وعاداتهم الاجتماعية والأسرية، لمحاولة جعل العالم ككل يفكر بالطريقة الغربية ويستعمل المنتجات الغربية ويتشبع بالفكر الغربي. وهذا كله يضمن للدول الغربية أن تظل دائماً في مقدمة العالم تجارياً واقتصادياً وجعل جميع شعوب العالم تنظر إليها على أنها المثل الأعلى في طرق الحياة والمعيشة والفكر.
هذه القنوات الإخبارية والقنوات الخاصة الأخرى ما هي إلا جزء من التخطيط الطويل المدى من قبل المؤسسات العنصرية الغربية لطمس القضية العربية والهوية العربية، وأيضاً لتشويه سمعة الإسلام والمسلمين، وأيضاً لإكسابهم عادات غربية غريبة عن المجتمعات الإسلامية. أفلا نستيقظ ونستعمل إعلامنا في إظهار الصورة الحسنة للمسلمين والعرب وبيان عاداتهم وأخلاقهم الحميدة.
أفلا يحق لنا نحن العرب أن نحذو حذو العالم الغربي، ويكون لنا منبر يُسمَع صوتنا من خلاله في الغرب والشرق ويكون بلغتهم. صوت ندافع به عن قضايانا، صوت يدعو للحق، صوت ينهى عن المنكر، صوت يغرس العادات الحسنة في شعوب العالم.
إنني لا أدعو أن لا تشاهدوا تلك القنوات، كما لا أدعو أن لا تشتركوا فيها، فإنني أعتقد أنه من تعلم لغة قوم أمن شرهم، ولكن كونوا حذرين مما تسمعون وتشاهدون. حاول أن تعرف وتحلل ما ترى وما تسمع، استفيدوا من التجارب الحسنة والجيدة التي تشاهدونها فقط والتي لا تتعارض مع عاداتنا.
لكن في القوت نفسه يجب علينا أن نطالب وزارة الإعلام في بلادنا، أن يحققوا رغبتنا في إنشاء قناة فضائية إخبارية لا تذيع باللغة العربية وتسمى «عرب نيوز تي في» تبث أخبار عالمنا العربي والإسلامي بمصداقية بعيدة عن التحريف واللغط الغربي. يشترك لهذه القناة على جميع الأقمار العالمية الأخرى، ويجب أن تبث باللغات العالمية مثل الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والبرتغالية والروسية والصينية. ولنبدأ أول محطة على غرار قناة «العربية» ولكنها تبث باللغة الإنجليزية، وتكون بها مجموعة من صفوة المذيعين والصحفيين (المتزنين) البعيدين عن التطرف والحزبية. تحلل الأخبار العربية وغيرها من الأخبار العالمية بطريقة تجعل المشاهد في العالم الآخر ينجذب لها ويستمع إليها متى ما عرف مصداقيتها.
كما نضمن أن من تبقى منهم على الأقل، تعلم وعرف عاداتنا وخصالنا الطيبة والحميدة النابعة من مجتمعاتنا الإسلامية، كما أنه سيعرف عن سماحة ديننا، وأننا لسنا إرهابيين ومن يرتكب بعض الأخطاء هم قلة يتصرفون بحماقة من واعز الجهل والغيرة ومن واعز التطرف فقط، وهؤلاء الفئة الشاذة موجودة في كل الديانات وفي كل المجتمعات وهي تخرب ما يصلح الدهر.
يجب أن نستفيد من علمهم المفيد. علينا ألا نشتري فقط السلاح مثل الطائرات والدبابات والقنابل وغيرها لنوجهها إلى صدور إخواننا وجيراننا مثل ما فعل صدام والقذافي، وإنما نستعملها فقط أيام الشدة لدحر عدو أقوى منا جميعاً تسول له نفسه في يوم من الأيام بالاعتداء علينا وتدنيس مقدساتنا وإهانتنا وإذلالنا. فنحن لا ندري ما تخبئه لنا الأقدار، وصديق اليوم قد يكون عدو الغد، فيجب علينا أخذ الحيطة والحذر.
إن الطريقة الوحيدة هي استعمال الإعلام المرئي والمسموع للرد عليهم. وإنشاء هذه القناة على جميع الأقمار وليس على قمرنا فقط (عرب سات). وليس باللغة العربية فقط وإنما باللغات الأخرى التي ذكرتها. فنحن لا نريد فقط أن يشاهد هذه القناة المشاهد العربي والإسلامي فقط، وإنما نريد شعوب العالم الأخرى التي لا تتكلم العربية تطلع عليها، وتعرف ما نقول.
فهدفنا واحد ومصلحتنا واحدة. فكما قال المصريون حديثاً في ثورتهم: «نحن نطالب بإنشاء هذه القناة بأقصى سرعة»، فنحن مسلمون وعرب وعلينا عمل المستحيلات لتحقيق أهدافنا، ولا تجعلوا الغرب يتغلب عليكم فهو قد أشاع الفرقة بينهكم (فرق تسد) وأشاع فيكم الحسد والكره، وأشاع فيكم سوء الظن بإخوانكم، سواء كانوا عرباً أو مسلمين، والشاهد على ذلك ما يحدث في البحرين وغيرها. هذه هي الخطة الطويلة الأمد للعنصريين الصهاينة والعنصريين الآخرين، فأفيقوا واستيقظوا.
فالمشاهد لعشرات القنوات العربية التلفزيونية يلحظ أن كلاً منها تحاول جذب المشاهد العربي وإلهائه بما لا يفيد. وجهوا واحدة أو أكثر من هذه القنوات تبث للغرب والشرق بلغاتهم وعلى أقمارهم.
لذلك ما يحتاجه إعلامنا في الوقت الحاضر هو إنشاء قناة إخبارية على غرار العربية، ولكن تذيع باللغة الإنجليزية على جميع الأقمار العالمية الأخرى، تبث وجهات نظرنا وقيمنا، وتنافس كلاً من الCNN وBBC. ولا تقولوا لي توجد قناة الجزيرة تبث باللغة الإنجليزية فهي لا تكفي.
ولو الأمر بيدي لصرفت بلايين الدولارات على إنشاء قنوات إخبارية لدولنا العربية والإسلامية تبث بجميع لغات العالم وتوجد على الأقمار الغربية والشرقية غير العربية.
وتذكروا قوله سبحانه وتعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، أفلا تكون في هذه الآية الكريمة رسالة لكم أيها العرب والمسلمون.
والله من وراء القصد.
(*)عضو مجلس الشورى