تلقّيت دعوة كريمة من معالي مدير الجامعة الإسلامية د. محمد بن علي العقلا لحضور المحاضرة التي ألقاها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض - حفظه الله - محاضرة بعنوان: «الأسس التاريخية والفكرية للدولة الإسلامية» يوم الثلاثاء 24-4-1432هـ في رحاب الجامعة.
وكم كنت أتمنى الحضور وتلبية الدعوة، بيْد أن الالتزامات العملية حالت دون ذلك، على الرغم من رغبتي الشديدة في حضور المحاضرة، وقد ترقبت منذ مساء ذلك اليوم إذاعياً وتلفازياً وفي الغد ورقياً وعبر المواقع الإلكترونية تغطية لهذه المناسبة والاستماع وقراءة ما جاء في المحاضرة وحديث سموه حول هذا الموضوع المهم وما دار في المحاضرة من تعليقات .
وحينما تيسر لي الاستماع والقراءة احترت في التعليق على هذه المحاضرة وأي أطرافها أأخذ وعن أي جوانبها أكتب، فالمحاضر والمحاضرة يستوقفان أي كاتب وتحيره فما يدري بماذا يبدأ وماذا يختار، وأصبح قول الشاعر ماثلاً أمامي:
تكاثرت الظباءُ على خراشٍ
فما يدري خراشٌ ما يصيد
ولعلّي أقطع هذه الحيرة بأن أتحدث عن أمر خارج المحاضرة وتطرق إليه فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور سعود الشريم حول تخرج صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز من مدرسة الحياة، ومن ثم تعليق سموه بفخره بذلك وأنه درس في مدرسة الأنجال «أنجال الملك عبد العزيز» واستفاد من مجالس والده الملك عبد العزيز - غفر الله له - ومن مجالس إخوانه أبناء الملك عبد العزيز ومن دراسته للقرآن الكريم ومجالسته العلماء والقراءة المكثفة.
وأقول: إن سلمان بن عبد العزيز هو مدرسة بل جامعة للعلوم والحكمة والخبرة والدراية، فهو الحاضر دائماً في قلب الحدث بمتابعته ومعرفته وسعة اطلاعه ومعرفته للرجال وإنزالهم منازلهم وإلمامه بالتاريخ، وخاصة التاريخ السعودي وتاريخ المملكة ومدنها ورجالها وجغرافية الوطن، ومتابعته لما ينشر في وسائل الإعلام من قضايا وأحداث ومشاركاته طوال خمسة عقود في هموم الناس وقضاياهم كحاكم إداري لأكبر مدينة «عاصمة المملكة العربية السعودية» وما يتبعها من مدن وقرى، بل أشمل من ذلك اهتمام سموه بشأن المواطن السعودي أينما كان فكم من مشكلة حلها وكم من صفحة خلاف بين الناس طواها، إن تحدث أهل الإعلام قالوا: بأنه ناصرهم وإن تحدث أهل الأدب والثقافة قالوا بأنه منهم وإن تحدث أهل التاريخ قالوا بأنه رائدهم فهو الحاضر دائماً.
لقد يسّر الله لي ومن تمام توفيقه أن أعمل في خدمة أهل القرآن الكريم منذ ما يقرب من ثلاثة عقود في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وفي وزارة الشؤون الإسلامية، وكان تمام ذلك العمل المباشر منذ الإعلان عن المسابقة المحلية ولجائزة الأمير سلمان بن عبد العزيز لحفظ القرآن الكريم وانطلاقتها عام 1419هـ وحتى الآن كعضو في اللجنة التحضيرية للمسابقة ورئيس لجنة العلاقات العامة والإعلام، وهذه الجائزة من العطاء الموصول في طرائق الخير والإيمان لصاحب الأيادي البيضاء في كل صوب، ولم تخص أبناء منطقة الرياض ورعايته لهم منذ قيام جمعيتهم في الثمانينات هجرية، بل هي جائزة شاملة للبنين والبنات ولجميع مناطق المملكة وفي قطاعاتها وعامة لجميع أبناء وبنات الوطن، رغبة من سموه في تشجيع الناشئة على القرآن الكريم حفظاً وتجويداً وعملاً بأحكامه وآدابه وتدبر معانيه، وهي أبلغ وسائل التشجيع والترغيب بالقرآن الكريم.
لقد أحسنت الجامعة الإسلامية في اختيار الموضوع واختيار المحاضر وفي دعوة الكوكبة والنخبة والصفوة الطيبة من أبناء الوطن بأطيافه سناً وخبرة وفناً، وهو يضاف إلى رصيد النجاح الذي مازالت الجامعة الإسلامية تواصل حضورها الفاعل، فمن مؤتمر إلى مؤتمر ومن محاضرة إلى محاضرة تظهر بصمات الرجل الفاعل معالي الدكتور محمد بن علي العقلا، وختاماً أنا أعلم أن الجامعة بصدد طبع المحاضرة وتوزيعها على المهتمين وهو أمر مدرك من الجامعة، ولكني هنا أناشد معالي مديرها المفضال بأن لا يكتفي بطبع المحاضرة فقط، بل تولى ترجمتها إلى عدد من اللغات كي يتم توضيح الأسس التي قامت عليها بلادنا المباركة المملكة العربية السعودية، وما هي عليه الآن من تمسك بالثوابت مع الأخذ بنواحي التطور والرقي دون المساس بثوابتنا.