هو عنوان لكتاب صغير كبير, للأديب الداعية يوسف العظم -أكرمه الله، نشر قبل عقود أربعة، كان مدار اهتمام الصغار, والكبار ممن يقرؤون في تأثير المستشرقين في بنية التنشئة، والتوجه العقدي، والسلوك الفكري، بل السلوك الاعتيادي في الحياة العامة، والممارسات في التعامل، والملبس، والمظهر، بل المخبر للمسلمين حيث سرت فيهم ذلك الوقت ومن قبله، ريح التغريب في القرن الماضي, يوم كان الخوف من الغزو الفكري عن طرق شتى ليس منها فضائيات الراهن، ولا منهج العولمة القائم، في التمازج بين الأمم، والتقارب بين الأقدام، والعيون، والأسماع، ثم في هذه النقلة الواسعة، الضاغطة, بقوتها في المزج بين الثقافات، والدمج لتقريب موجبات التأثر.. بل التلاحم مع صورها ونماذها، وأشكال التعايش السلمي التام معها، دون فصل ولا تفكر.
يوسف العظم كتب يسأل أين محاضن الجيل المسلم، يوم كانت المربيات في المدارس من المبشرات, في دول خضعت للاستعمار السياسي، ومن ثم تأثير عوالق هذا الارتباط في المجتمعات العربية المسلمة، وكان هناك ما يقلق المسلمين على أجيال، تنشَّأ وقتها بين أيدي المربين والمربيات، فجاء صوت القلق في كتاب العظم سؤالاً صريحاً: «أين محاضن الجيل المسلم» من هذا الموج الهادر..؟ فكيف بهذا المد الحاضر السافر..؟
الآن في ظل أوليات التعليم، والثقافة، وتربية الحاضنات من جميع الجنسيات والأديان، واتساع برامج الابتعاث لمن هم في لدونة العظم, ومن ثم ما وراء العظم من عقول غضة، وقلوب بضة، لم تُشبع وعياً، ولم تؤسس علماً.. ومعرفة، ولم توطد قواعدها وبناها الإيمانية تامة..
ألا يكون السؤال ملحاً موجباً، عن محاضن الجيل المسلم، كما ينبغي أن يكون عليه من الوعي بعقيدته، فيعلم أي الحدود يقف عندها, عندما يفكر, ويتصرف, ويقول, ويفعل..
فلا يقتدي بما لا يهتدي إليه قلبه، وعقله، ويطمئن له وعيه, وإدراكه..؟
اللوحة الكبيرة التي يتحرك فوقها قدم كل فرد في جيل الفضائيات، والإلكترونيات، والعولمة بكل حذافيرها، وانقضاض سواعدها تلح بالسؤال: (أين محاضن الجيل المسلم)؟..
ولا عيب في سؤال مثل هذا، مقارنة بالزمن الذي قدمه فيه يوسف العظم،, وزمننا..,
بل لعل سؤالنا سيكون أشمل, وأبعد كثيراً، عن مجرد المحاضن في البيوت، والمدارس،..
إذ تتخطى رقعة الحاجة لأن يعمها هذا السؤال كثيراً.