فاصلة:
(ظلم يرتكب بحق شخص واحد هو خطر على الجميع)
- حكمة لاتينية -
تذكرتُ بحثاً قديماً عن المجتمع العربي للدكتور «هشام شرابي» ذكر فيه مثالاً يبيِّن فيه فروقات القيم التربوية بين العرب والغرب، وتحديداً في تعليم الأم لابنها قيمة المطالبة بالحق وعدم الاستسلام للظلم.
الطفل الصغير يعود من المدرسة باكياً لأن زميله في الفصل انتزع منه شيئاً من حاجياته الخاصة.
الأم الغربية تقول لابنها لا تبك عد إلى المدرسة واسترجع ما سلبه منك زميلك.
أما الأم العربية فتطبطب عليه وتقول له إذا جاء والدك سنخبره.
الأم الأولى تعلّم طفلها كيف لا يسكت عن الظلم أما الأم الثانية فتعلّمه معنى الاستسلام للظلم وأنه دوماً بحاجة إلى شيء ما شخصاً كان أو شيئاً رمزياً ليعيد إليه حقه، لذلك كبرنا وثقافة الحقوق لدينا غائبة.
في كل مكان وكل زمان لا بد أن تطالب بحقك فالحقوق لا تهدى، بل تنتزع.
في الغربة أنت تحتاج أكثر إلى التعامل مع الناس وفق هذه القاعدة وإلا ضاعت حقوقك.
بمعنى لا تسمح للبائع في السوق أو المشرف في الجامعة أو صاحب المنزل الذي تسكنه أو أي كان أن يظلمك فتسكت ولا تطالب بحقك.
كل الأقوال التي توارثناها عن الصبر والتروّي لا تعني أبداً الاستسلام، بل تعني العمل ومن ثم الصبر فالنتيجة ليست فورية.
حتى في تعاملنا في شئوننا الدراسية كطلاب مع الملحقية أو الوزارة علينا أن نتابع ونسعى كثيراً للمطالبة بحقوقنا.
الاستسلام لأي قرار صادر أنت لا تشعر بعدالته معناه أنك تزرع في داخلك بذور الهزيمة بينما لا أحد في العالم يستطيع منعك من المطالبة بحقك فقط تحتاج إلى أدوات هادئة وأسلوب لطيف لتصل إلى ما تريد.
الشعور بالاضطهاد ليس مجدياً، بل إنه اجترار للمشاعر السلبية واستسلام لواقع بالإمكان تغييره.
في الغربة لا بد أن تكون قوياً في المطالبة بحقوقك، وإلا فأنت تعطي لمن حولك الفرصة لاستغلالك.
المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف كما أخبرنا الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم- فلماذا نواجه الحياة بضعف واستسلام؟
ولماذا أمام أي مشكلة نتخاذل ولا نرى إلا سواد الصورة؟
ببساطة لأننا لم نتعلّم في طفولتنا معنى الكفاح والتعب لأجل أن نحظى بما نريد.
لكن الحياة لا تتوقف عند طفولتنا وهي أقوى مدرسة كما أن الغربة كذلك مدرسة كبرى يعلمك فيها الجميع من حولك كيف تكون قوياً في الحق ولكن بشرط أن تكون لديك الرغبة أن تتعلّم.