سأكون مستعداً للنهوض باكراً في اليوم المحدد للانتخابات البلدية في سبتمبر القادم والوقوف في أوائل الصفوف للحصول على البطاقة الانتخابية في حالة واحدة فقط لا غير! حالة موافقتي على المشاركة في مثل هذه الانتخابات كمواطن ناخب تتحدد فقط في نجاحي في الحصول على المعلومات التي تغير قناعتي الحالية الراسخة بقلة جدوى المجالس البلدية خلال الفترة الماضية وضعف المردود الذي قدمته لمجتمعاتها في مختلف مناطق ومحافظات المملكة.
إذا لم أحصل على معلومات إضافية مفيدة تثبت جدوى المجالس البلدية وتخالف قناعتي فلن أتجشم عناء الاستيقاظ المبكر والوقوف ولو لثواني في الطوابير واختيار المرشح الذي أتوسم فيه الخير والوطنية والإخلاص والرغبة في العطاء والتضحية!
أكثر ما أخشاه على الانتخابات البلدية القادمة أن لا تحظى بالقناعة الكافية من قبل المواطنين وبالتالي قد تواجه بالإحجام من الأكثرية لذلك قد لا تجد تلك الطوابير الطويلة في مراكز الانتخابات وقد لا تصل نوعية الأسماء المرشحة إلى مستوى تلك النوعية التي تقدمت قبل سنوات. فقد تقدمت في تلك الفترة شخصيات مرموقة في المجتمع علماء وأساتذة جامعات ورجال أعمال كبار ورافق التميز في نوعية الشخصيات المرشحة صخب لم نتعود عليه في الدعاية للانتخابات والتغطيات الإعلامية غير المسبوقة عدا البذخ الذي أسهب فيه المرشحون كثيراً الذي تمثل في إقامتهم الصالونات والمخيمات الضخمة والبرامج الثقافية والندوات والمحاضرات والاستضافات وصرفهم لإنفاذ تلك المظاهر الباذخة آلاف الريالات وكأنهم مقبولون على الترشح للجلوس تحت قبة مجلس يمتلك كل القرارات المؤثرة في المسيرة التنموية!
قد تكون هنالك مبررات قوية في ذلك الوقت منها حداثة تجربة الانتخابات والتوقعات التي سادت في تلك الفترة بأن تكون الانتخابات البلدية بداية فعلية لانتخابات قادمة لمجالس ذات صلاحيات أكبر مثل مجلس الشورى ومجالس المناطق علاوة على أن الكثيرين لا يعرفون عن المجالس البلدية وصلاحياتها ومهامهم أي شيء.
اليوم ونحن على أعتاب فترة انتخابية قادمة نجد أمامنا كثيراً من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات شافية. نتساءل مثلاً عن درجة تأثير تلك المجالس في حياة المواطنين وهل كان لها أثر ملموس حتى ولو كان محدوداً؟ وهل من عملوا في المجالس في الفترة المنتهية قد وجدوا فيها ما يرضي طموحاتهم لخدمة مجتمعهم وتحقيق ذواتهم ولديهم حالياً الدوافع القوية لتقديم أسمائهم في الفترة الانتخابية القادمة وما زالوا يحلمون بأن يكرر الناخبون اختيارهم مرة أخرى؟ وهل نوعية المهام التي تؤديها المجالس البلدية على درجة كبيرة من الأهمية؟ ثم هل هذه المجالس بتكويناتها وتشكيلاتها وإمكاناتها ومستوى نفوذها تستطيع أن تقف أمام كيانات منظمة مثل الأمانات والبلديات لديها من الصلاحيات والقرارات ما يمكنها من التفوق والسيطرة على أي كيانات منافسة؟
قبل ثلاث سنوات دعيت لحضور اجتماع ختامي لأحد المجالس البلدية وفوجئت أثناء تلاوة التقرير الختامي بهزالة الإنجازات التي لم تتجاوز اقتراح رصف شارع وإنشاء نافورة وكفتيريا وحديقة!
أكثر ما يقلقني في الانتخابات القادمة أنه قد لا يتقدم أحد عليه القيمة ويقول للجموع «انتخبوني» لذلك إذا كنا مصرين على المضي قدماً في تنظيم الانتخابات البلدية فلماذا لا تعمد وزارة الشؤون البلدية والقروية لاختصارها وتبسيطها قدر الإمكان حتى لا نحمل المرشحين فوق طاقاتهم.