الربائب جمع ربيبة، وهي الأنثى الحاضنة للصبي، أو بنت الزوجة، أو امرأة الرجل إذا كان له ولد من غيرها، أو بنت الزوجة من زواج سابق، أو الشاة تُربى في البيت للبنها، وربائب إيران في خليجنا العربي وفي غيره من أقطار الدول العربية والأجنبية
كثيرون، لكنهم كغثاء السيل وكالزبد أو كرغوة الصابون أو كرائحة الرماد المحترق، جعلتهم إيران مثل التضاد بين شيئين، بغية خلق شيء مبتكر وجديد، وفي ذلك جعلت الأبواب والأبواق مفتوحة لهم بشكل واسع وكبير، وحثتهم على إنشاء ضروب هائلة من التهويل والمبالغة والإفك المبين، وهم من ضمن إستراتيجياتها اللغوية والأسلوبية والبوقية وأعلامها السوداء والصفراء، وهم ربائب متشابهون، يفعلون كما لو أنهم يائسون، سهامهم طائشة، فلا هم قادرون على الجدل، ولا هم قادرون على توليد مفارقة عجيبة، فيأتي محصولهم أشبه ما يكون بنكتة قديمة قيلت مراراً، أو تعليق على واقعة تحدث كل حين ويراد للتعليق أن يكون مبتكراً دون جدوى، لم يعد لديهم طرح نقي ولا رشيد، سوى مزيدٍ من التهويل والمبالغة واستجداء الدهشة بلا طائل، إنهم مثل جُمل تأملية، موقعة بيأس عارف، يوحون لنا بأنهم الفوهة الوحيدة التي يأتي منها الكلام الثمين، يتسترون خلف كلام لا ينفع، لا القناعة عندهم هي القناعة، ولا الإيحاء هو الإيحاء، إنهم حمى ذهول، وبنادق عتيقة نام رصاصها، قمصانهم الخيبة والبهتأأان والندم، وسرابيلهم منسوجة من خيوط جنونهم، نيرانهم مشتعلة لكن لأن زيتها ليس وفيراً تخبو فجأة من الهلع، ليس لهم سحر ولا جمال ولا حبور، سادرون بشحوب أرضهم الهشيم، يشمون فجيعة الزوال والهلاك، ليس لهم هيام، كلما غفوا أيقظتهم أزاميل الطغاة الكبار، متعبون رغم المشاكسة والعويل والنباح الطويل، حقولهم مزحومة بالصفار، ليس لديهم برهان، مذبوحون مثل شاة على باب طيني عتيق، عطشى مثل طير يحلّق فوق سراب، لا رؤاهم تكتمل باليقين، ولا آفة نقصانهم تعطي البراهين، موغلين بالذي لا يراه أحد سواهم، يملكون سيراً لا تشبه السير، وتطلعات معذبة ومجنونة، لهم نزق طفل تعثر في خطاه، يغريهم غنج لعوب، ودهشة راقصة، وعطر ماجنة، مخدعهم لا يليق إلا بالصعاليك أمثالهم، دود مشرد من نتوءات الأرض، يبتدئون بالعويل، وينتهون بالعويل، حول رقابهم حبال من مسد، لا نثرهم أبيض، ويعلو وجوههم السواد، جنونهم كبير، وكلامهم طائش ساذج، على ألسنتهم تنمو فطريات العفن والقيح والصدأ، ليس لهم طهارة ولا نقاء ولا بياض، منذهلون بالذي سيجيء، يسبحون بشهقات جنونهم، وينامون بين شعبتين من ظلام، يتوسدون الندم، ويستغيثون بالموتى وبالسراديب العتيقة، لهم دسائس رخيصة، إنهم نار مشتعلة، لكن حتماً ستخبو، وسيصيبها الهزال، ستدمع عيونهم من كثرة التركيز بحائط حاضنتهم الملون، وسيلفظون بعدها أنفاسهم من قلة الأوكسجين في غرفهم الصغيرة الجافة، بعد أن يطفح الزبد، وتفيض أنهار إيران بالطحالب والضفادع، ولم يعد بمقدورها حين ذاك أن تخفف من عاصفة الخراب، أو تدفع عنها وعنهم نصال السيوف التي تحز الرقاب، وسنقول بعدها ذلك هو قبر المرحومة والمرحومين.