|
الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان عالم من علماء السعودية معروف جيداً خارجها لما عُرف عنه من نشاطات في كثير من أطراف الأرض. عُرف عنه بجانب علمه الواسع ودماثة خلقه وتواضعه الجم الذي ينم عن خلق رفيع وأصالة العلماء الذين يحملون العلم لأجل العلم لا لأغراض الكبر والتباهي الزائفة التي سرعان ما تنكشف فتذهب جفاءً.
تلقى شيخنا الكبير باكورة علمه بالمسجد الحرام وتدرج في علمه إلى أن حصل على الدكتوراه من جامعة لندن عام 1930هـ في القانون فاتسع أفقه وتفتحت مداركه وحافظ على أصالته ولم ينجرف كغيره في متاهات الأفكار المتلاطمة خارج بيئته الأصيلة ودينه القويم.
وبعد تخرجه وعودته إلى بلده لقي التقدير والاحترام الذي يستحقه وعين عضواً في كثير من المجالس العلمية والأكاديمية، إلى أن أصبح عضواً في مجلس هيئة كبار العلماء ومجمع الفقه الإسلامي وحصل على جائزة الأمير نايف العالمية للسنة النبوية.
اتسم بعلم غزير رصين فاستضافته كثير من المؤسسات العلمية والفقهية والأكاديمية مثل جامعة هارفارد، ونورث كارولاينا، والجامعة الإسلامية في ماليزيا، وجامعة الشيخ زايد بالإمارات، وجامعة مفيد بقم في إيران وغيرها. هذا بالإضافة إلى مصنفاته وبحوثه وكتبه في الفقه وأصوله ومناهج البحث العلمي والتاريخ.
إنه حقاً عالم فقيه وموسوعة في تخصصه، منفتح غير منغلق يؤمن أن الفقيه إذا ازداد في علوم الدنيا والحياة كانت له رافداً في توسيع أفقه وإصابة أحكامه، يحذر من الفتوى دون علم غزير ويستشهد بأقوال السلف الصالح بأن الفقه صنعة دقيقة من أبدع الصناعات.
عرف عنه في حياته المهنية أنه يعمل بصمت لا يسعى للشهرة والأضواء، ولكن الكنز لا بد أن يفصح عن نفسه ولو علاه الغبار ولفه النسيان، فجاء مهرجان الجنادرية برمزيته ليكشف عن ذلك المعدن النفيس الذي لم تؤثر به ثقافته الغربية إلا بقدر توسيع أفق تفكيره خدمة لدينه فقد التقت هذه الثقافة مع استشهاده في محاضرة ألقاها في مركز الملك فيصل بقول العلامة شهاب الدين القرافي رحمه الله: «وكم يخفى على الفقيه والحاكم الحق في مسائل كثيرة بسبب الجهل بالحساب والطب والهندسة، فينبغي لذوي الهمم العالية ألا يتركوا الاطلاع على العلوم ما أمكنهم». وكأنه يريد أن يقول إذا كان ذلك في الزمن السابق فما بال هذه الأيام، فالعالم الفقيه النابه يجب أن يُلِّم بأكبر نصيب من علوم الدنيا من أجل أن يتحرى الصواب في حكمه على الأمور الدينية في عصر أصبحت به العيون مفتوحة ومتحفزة لإيجاد ثغرة في هذا الدين العظيم.
لقد استحق هذا التكريم عن جدارة واستحقاق وقدرّه المسؤولون حق قدره ومُنح هذا التكريم حقاً لمن يستحقه.
* أستاذ المعلومات - جامعة الملك سعودعضو مجلس الشورى