جدة - صالح الخزمري
لقي اختيار معالي د. عبد الوهاب أبو سليمان الشخصية المكرمة في مهرجان الجنادرية هذا العام، لقي ترحيباً واسعاً من الأكاديميين والمثقفين والعلماء؛ نظراً لما قدمه معاليه من بحوث ودراسات اتسمت بالوسطية ومواءمتها لروح العصر، إضافة إلى بحوثه المتعلقة بمكة المكرمة ودعوته إلى المحافظة على آثارها.
د. غازي بن عبيد مدني:
عرفت د. عبد الوهاب أبو سليمان منذ حوالي أربعين عاماً بعد تخرجه من جامعة إنجليزية شهيرة، كان شاباً يتدفق حيوية ونشاطاً مستقبلاً الحياة بأمل وطموح. أول ما خطر ببالي هو كيف يكون شيخاً يدرس في كلية الشريعة وهو متخرج من جامعة إنجليزية، كنت أحاول الاقتراب منه لأتعرف على هويته لم أجد صعوبة كبيرة في ذلك. ليس لفراسة وبراعة مني ولكن لوضوح شخصية معالي د. عبد الوهاب أبو سليمان، فقد كان وما زال كتاباً مفتوحاً لكل من يريد أن يقرأه.
معالي د. عبد الوهاب أبو سليمان عرف طوال سنوات عمله بالأدب الجم والخلق الرفيع والعلم الغزير والرأي السديد غير المتحجر، يجعل كل من يقترب منه سعيداً. أكاديمي من الطراز الأول، له الكثير من المشاركات العلمية، أشير هنا إلى ثلاثة فقط من مشاركاته العلمية العديدة:
- بحث قيم عن توسعة المسعى: فقد عرض للتوسعة بموضوعية كبيرة ومهنية أكاديمية عالية غير متحجر، مما أسهم في اتخاذ القرار التاريخي بتوسعة المسعى.
- سلسلة المقالات التي نشرها عن موضوع الآثار بمكة المكرمة وكانت تلك الدراسات من أجمل ما قرأت علماً ورأياً وأسلوباً.
- كتاب بعنوان: «باب السلام» وهو يؤرخ لباب من أشهر أبواب الحرم الشريف الذي كان يطل على المسعى حينما كان المسعى خارج الحرم، كان ذلك الباب موجهًا للمدرسة التي كنت أدرس فيها وكنت في كثير من المرات أمر من ذلك الباب في ذهابي إلى البيت خاصة وتلك المنطقة كانت تعج بالمكتبات، حيث كنا نحصل على مبتغانا من أدوات مدرسية أو كتب قيمة.
- باختصار شديد أقول: إن معالي د. عبد الوهاب أبو سليمان جدير بالتكريم ولا أشك أن القائمين على الجنادرية قد وفقهم الله لاختياره لشخصية هذا العام، أثابهم الله خير الثواب وسدد خطاهم وندعو لمعالي الدكتور أن يجزيه الله خير الجزاء ويعينه لكي يمدنا بما يفتح الله عليه من علم.
الأستاذ إحسان طيب - مدير الشؤون الاجتماعية بمنطقة مكة المكرمة سابقاً والمستشار الاجتماعي المعروف: د. عبد الوهاب أبو سليمان شخصية علمية متميزة استطاعت أن تحل كثيراً من إشكالات العصر، فهو فقيه متنور استطاع أن يدرك مشكلات العصر وفق آفاق الشريعة الرحبة مما أسهم في حل كثير من المشكلات من ذلك مثلاً موضوع رمي الجمرات فقد كتب ثلاثة مقالات، وكان يتحدث عن إمكانية الرمي قبل الزوال. ومن إسهاماته الأخرى عندما أفتى أن الصفا والمروة تتسع حدودهما عرضاً وبالتالي أتاح للهيئة المشرفة على التوسعة أن تسهم بعملها في التيسير والسهولة على المسلمين من نتيجة هذا الاجتهاد المبني على الدقة واتساع الأفق، ويعمل على استنباط الأحكام التي تتفق مع احتياجات الإنسان المعاصر لأن الشريعة تستطيع أن تحتوي كل المتغيرات وتحتاج منا أن نتدبر ونتفكر وهذا ما عمل عليه وخرج بالآراء الناضجة وتيسير أحكام الدين وفق ما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لمتطلبات العصر بما لا يخرج عن الأصول. إنه مفخرة لنا كفقيه وإصداراته الرائعة علامة مضيئة ولا ننس دوره في هيئة كبار العلماء بما يقدمه من إضافات جميلة لآفاق الشريعة الرحبة، إنه شخصية فقيه يجب أن يكرم على مستوى العالم الإسلامي فهو من الفقهاء المتميزين.
أكرر شكري على احتفائكم بهذا العلم والتكريم من خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - دليل على أنه يعرف معادن الرجال ويقدر الأكفاء ويقدر إسهاماتهم، وأعتقد أن تكريمه ليس لشخصه وإنما لعطائه وتقديرًا لمكة المكرمة التي أنجبت هذا العلم، أسأل الله له التوفيق وطول العمر.
د. سهيل بن حسن قاضي
رئيس مجلس إدارة نادي مكة الثقافي الأدبي
«عالم مستنير.. بالتكريم جدير»
لم يكن مستغرباً للجنادرية هذا المهرجان التراثي الفكري الثقافي الفني، الذي نفخر به، معلماً من معالم المشهد الحضاري للمملكة العربية السعودية.. أقول لم يكن مستغرباً أن تختار فضيلة الأستاذ الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان شخصية المهرجان لعام 1432هـ 2011م..
فهذا العالم الكبير، والمفكر القدير رجل متميّز، متعدد الجوانب، متنوع المواهب.. وهو ثمرة من ثمار (البلد الأمين)، ورمز من رموز الفكر في (أم القرى)، وعلم من فقهائها العظام الذين أسهموا في نشر الثقافة الشرعية المستنيرة المعاصرة ليكون أحد أقطابها، ومرجعاً موثوقاً من مرجعياتها في المملكة وفي كثير من الدول العربية والإسلامية..
هذا إضافة إلى دراساته المستفيضة عن مكة المكرمة، وحرمها الشريف، وتاريخها الزاهر، وثقافتها الرحبة، وأعلاامها الفضلاء، وآثارها الناطقة..
إن تميّز هذا العالم الجليل نتلمسه في تميّز علمه، وتميّز عطائه، وتميز ثقافته، وتميّز آرائه.. ولقد سبق لنادي مكة الثقافي الأدبي، أن كرّم الدكتور عبدالوهاب أبوسليمان في العام الماضي.. فبتكريم فضيلته نكرم العلم، ونكرّم العلماء الكبار، بما لديهم من معرفة زاخرة وأخلاقيات، وبما يتمتعون به من سجايا وصفات، وبما يتحلون به من تواضع ونبل ومكرمات..
ويأتي تكريم (الجنادرية) ليذكّرنا ويذكّرنا الآخر، بأن لدينا من العلماء والفضلاء، من هو جدير كل الجدارة بالتكريم والإشادة والتنويه والثناء.
الأستاذ الدكتور
محمود حسن زيني
تكريم الجنادرية عام 1432هـ للعالم المكي أ. د. عبد الوهاب أبو سليمان تكريم العلماء..
الحمد لله لقرار القائمين على مركز الثقافة والتراث (الجنادرية) فقد كان قرارًا صائبًا في تكريم علم من أشهر العلماء البارزين في مملكة الخير وهم العاملون في صمت وبهمم عالية لتحقيق ما تصبو إليه هذه المملكة الرائدة. إن تكريم أخي وزميلي وصديقي أ. د. عبد الوهاب أبو سليمان في هذا العام ليكون رجل الجنادرية المختار، لهو بحق تكريم للعلم والعلماء، وللفقه والفقهاء وللتاريخ والمؤرخين وصاحبنا الدكتور أبو سليمان عالم وفقيه ومؤرخ ومحقق إلى جانب ما حظى به من تكريم ولاة الأمر له باختياره في هيئة كبار العلماء. هو أول عميد لكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بمكة المكرمة من العلماء المؤهلين بعد حصوله على الدكتوراة من جامعة لندن وقد بشره بالعمادة معالي وزير المعارف آنذاك الشيخ حسن آل الشيخ رحمه الله. وكيف لا يكرم هذا العلامة الفاضل الذي أرخ لمكة المكرمة فكان مؤرخها الأول بحق في عصرنا، فهذا باب السلام ثمرة من ثمرات جهوده العلمية الدقيقة في التأليف والتحقيق.
وما بحوثه العلمية الرصينة عن المسعى إلا من الشواهد على كفاءة وقدرة وريادة أ. د. علد الوهاب أبو سليمان. إنه مدرسة معتدلة في العلم والفقه والثقافة ذو خلق إسلامي رفيع، إلى جانب ما يتمتع به من تواضع جم، قدَر شيوخه وأجلَهم ومنهم فضيلة الشيخ حسن مشاط، وتواضع مع زملائه ورفاق دربه ومنهم فضيلة الدكتور محمد إبراهيم أحمد علي وكيل جامعة أم القرى رحمه الله.
ويستحق معاليه التكريم لأنه لا يذكر الفقه الوسطي إلاَ ويذكر معه أبو سليمان بل هو أول الوسطيين في الفقه في عصرنا الحاضر ويكفي أنه سجل هذا الموقف بأحرف من نور في موقفه من مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في توسعة المسعى وهو الذي أيد في دراسة علمية فقهية شاملة بضرورة توسعة المسعى ليكون خدمة مباركة من خادم الحرمين الشريفين للمسلمين يدعون له بالخير ودوام الصحة والسعادة، فجزى الله خادم الحرمين الشريفين على عنايته بالعلم والعلماء وعلى رأسهم معالي الأستاذ الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان، حفظه الله وأمد في عمره، آمين.
محمد المختار الفال - رئيس تحرير جريدة المدينة السابق
أشاد بمكانة د. عبد الوهاب أبو سليمان العلمية التي يقدرها الكثيرون ومنهجه المعتدل في رد الأفكار والآراء المعارضة ووافق معاليه بشدة في أحد طروحاته - التي خالف فيها الكثير - وهي ضرورة المحافظة على الأماكن التاريخية وحمايتها من الطمس لأن معاليه يرى أن «الإزالة لم تكن في منهج السلف الصالح.. وليست الأسلوب الصحيح لمنع الممارسات المخالفة للعقيدة بل هي تؤثر عكسًا على إضعاف جذوة الإيمان في نفوس الشباب».. ويعتبر الفال أن ما طرحه من أفكار يلقى صدى كبيراً ويتفق مع رأيه ملايين من مواطني هذا البلد الغيورين على دينهم الحريصين على نقاء عقيدتهم مع حرصهم واعتزازهم بهذا الإرث التاريخي الذي أكرمهم الله به دون سائر الأوطان، ويشعرون بأن التفريط فيه خسارة لا تليق بأهل هذا الوطن ولا بأهل دينه. ويضيف أن كلام الدكتور عبدالوهاب حول الآثار الإسلامية يثير اهتمام الكثيرين بسبب ما تعرضت له آثار المدينتين المقدستين: مكة المكرمة والمدينة المنورة.. ويستغرب ممن يخالف رأي معاليه بقوله ماذا يضير العقيدة إذا أبقينا معالم وشواهد تاريخية كموقع مولد النبي صلى الله عليه وسلم وغار حراء.. ومعركة بدر؟ وأخيراً: هل يعتقد الغيورون على نقاء العقيدة أن المسلمين لا يحول بينهم وبين الشرك إلا محو الآثار؟. إذا كانت جهود الدعاة والعلماء في عصر انفجار المعلومات ووسائل الاتصال لا تستطيع أن ترسخ في وعي أجيال المسلمين ما يحمي عقيدتهم فلن يحفظ نقاءها إزالة الآثار ولن يقنع حجة عدم ثبوت مواقع الآثار، تلك الحجة الضعيفة التي يدفع بها البعض.
عبدالله عمر خياط
أشاد بما قدمه معالي الدكتور عبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان عضو هيئة كبار العلماء للوطن من عطاء يتمثل في البحوث العميقة التي قدمها والوسطية التي انتهجها في كل أطروحاته حتى غدا مثلا للعالم المتزن، ووقف عند أحد أهم مؤلفاته: «الأماكن المأثورة المتواترة في مكة المكرمة.. عرض وتحليل».
وقال إنه مؤلف بالغ الأهمية حيث قدم معاليه عرضاً وتحليلاً موثقاً للآثار المتواترة وقد أوضح فضيلة المؤلف في المقدمة أهمية الآثار بقوله:
«إن الأماكن التاريخية ذاكرة الأمم الحية، والشاهد القائم الذي لا يكذب، والدليل الناطق الباقي إذا اندثرت الأجيال». ويضيف خياط: إن هذا البحث يواصل تلك المسيرة التي ابتدأها سلفنا الصالح في صياغة تحليلية جديدة، فهو امتداد لتلك الجهود خصوصاً أن الكثير منها قد اختفى عن الأنظار لغرض توسعة المسجد الحرام، وإعادة تخطيط المدينة المقدسة، مكة المكرمة بحسب ما جد فيها من طرق، وتزايد عدد السكان، وأعداد الحجاج الذين بلغ إحصاؤهم إلى ما يزيد على المليونين والمستقبل ينبئ بزيادات مضاعفة في السكان، والحجاج والمعتمرين.
أدى هذا وغيره إلى غياب بعض تلك الأماكن من الوجود، وحتى تظل تلك الشواهد التاريخية التي عاصرت أفضل الخلق، وأعظم أجيال الإسلام محفورة في الذاكرة - وحتى لا يصبح تاريخنا، وماضينا أسطورة مثل ما حدث لبعض الأمم السابقة - يأتي هذا البحث لرصدها، وما طرأ عليها استمرارا للتسلسل التاريخي لجزء من أهم خصائص المدرسة التاريخية المكية. ظهرت العناية بهذه الأماكن المأثورة في مكة المكرمة عبر القرون الماضية توثيقاً في مدونات متعددة كثيرة، ومن لدن جهات علمية متنوعة. جزى الله العلامة الأستاذ الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان خيرا بما قدمه للمكتبة الإسلامية والعربية من رصد للآثار الإسلامية في مكة المكرمة بجهد كبير يستحق كل تقدير وشكر عليه.
عبد المقصود خوجة
(أُعِدَّت بمناسبة صدور كتاب (باب السلام وأثر مكتباته على الحياة العلمية بمكة المكرمة). وتكريم (الاثنينية) لمؤلفه معالي فضيلة الأستاذ الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان. في: 27-4-1428هـ - 14-5-2007م)
أستاذنا الجليل الذي استجاب بكل أريحية لتكريس ما نادى به (لتحقيق الذات) من خلال مؤلفه القيم (باب السلام في المسجد الحرام ودور مكتباته في النهضة العلمية والأدبية الحديثة).. والذي يقع في أربعمائة وثلاث وتسعين صفحة من القطع الكبير، واستغرق إنجازه أربعة عشر عاماً تقريباً.. ورأى النور خلال الأيام القليلة الماضية، لتشرف (الاثنينية) - كأول فعالية ثقافية - بالاحتفاء بهذا الكتاب، وإلقاء الضوء عليه من قبل مؤلفه، ابن مكة المكرمة البار، وصاحب الدراسات المتعمقة التي سطرت العديد من البحوث والمؤلفات، بل المنارات الخالدة في تاريخ المكتبة العربية.
إن معالي أستاذنا الجليل لبس التواضع إزاراً، والزهد في الأضواء رداءً، ثم توضأ بالفضيلة، وعاش بها بين الناس في عز العلماء، وسمو العظماء، فهو من الموطئين أكنافاً، الذين يألفون ويؤلفون، ولا أزكيه على الله.. فارس أمسيتنا تضمخ بعبق الحرم المكي الشريف، تتلمذ في رحابه، ونهل من علمائه، وروَّم بين جنباته سنين عدداً، مقتعداً تحت سدة طلب العلم، فشرب من مائه المعين، وكان ذلك وسام شرف يعتز به كعالم بارع وفقيه مفلق وباحث فطن، يجلنا بوقاره ويدثرنا بفيض علمه الممزوج بعناصر التذوق وقراءة الفكر وعمق الكلمة.
مما يذكر فيشكر لفارس أمسيتنا وفاؤه المحفز على المزيد من الإبداع والعطاء للعلم والثقافة والأدب، ويتضح ذلك جلياً من خلال مؤلفاته ومقالاته، فكثيراً ما دعى إلى العناية بالأماكن التاريخية وإعادة إحيائها وبنائها بناءً إسلامياً يليق بقيمتها التراثية، وهو مطلب مهم ينبغي السعي لتحقيقه، كونه يسهم في الارتقاء بالقطاع السياحي الذي ينعكس بدوره على القطاع الاقتصادي، بل إن ذلك من شأنه أن يحول تلك الأماكن إلى وجهة سياحية ذات أبعاد ومميزات دينية وثقافية وتراثية واجتماعية وبيئية، لكنه يحتاج إلى تضافر الجهود لترسيخ ثقافة السياحة في المجتمع، ثم الانتقال إلى مرحلة تعنى ببناء القدرات السياحية من خلال برامج التكوين والتأهيل السياحي، بالإضافة إلى مشاريع الآثار ذات البعد الديني والثقافي وبناء المتاحف والعناية بالمخطوطات والكتب التراثية، خصوصاً أن المملكة - ولله الحمد - تمتلك رصيداً تراثياً ثقافياً زاخراً وتتمتع بهويات سياحية متنوعة بفضل مساحتها الشاسعة وتنوع أقاليمها، ما يجعلها مقصداً سياحياً فريداً من نوعه يجمع بين الطمأنينة الدينية والمتعة الجمالية.
أجدني أزجي رسالة شكر وعرفان لفارس أمسيتنا، فهو صوت أصيل وقلم نبيل، المتأمل في مؤلفاته يجدها نافذة علمية تطل على الفكر الإسلامي، وباباً مشرعاً يتيح لنا التجول بين أروقة الدراسات الإسلامية ودهاليز التاريخ، فقد سقى الساحة الثقافية من مزن تجاربه، وعلمه، وكفاحه، ومعرفته، بفضل امتلاكه مواهب أدبية قادرة على مواكبة قدراته العلمية.. وهذا يحيلنا إلى مسألة مهمة وهي أننا نمتلك مخزوناً ثقافياً وتراثياً هائلاً يفوق الكثير من الأمم، لكننا عاجزون عن بلورته وتحريكه بشكل نستطيع الاستفادة منه في حل المشكلات الآنية الثقافية، والعلمية، والأخلاقية، وغيرها، فالثقافة في كنهها كما تعلمون تواصل بين الحاضر والماضي، وإذا أفل هذا التواصل ضربت الثقافة في صميمها، فيغيب التثقيف ويبقى المخزون الثقافي جامداً، لذلك نحن في حاجة إلى أدباء وعلماء ومؤرخين قادرين على تحريك هذا المخزون الثقافي ونقله إلى باقي الثقافات، ما يتطلب جهداً كبيراً وفهماً جيداً لثقافتنا وثقافة غيرنا.
لقد درجت من خلال هذه الكلمة الترحيبية أن أشير، ولو بطرف خفي، إلى مسوغات تكريم من نحتفي به، والليلة يتجاوز احتفاؤنا علماً بارزاً في مجال تخصصه، لتنداح دائرة الألق وهالة النور تجاه مؤلفه القيم الذي أشرت إليه آنفاً.. إلا أنني في الحالتين ألجم قلمي عن الاسترسال، لمعرفتي التامة أن فضيلة ضيفنا الكبير لا يحبذ عبارات الشكر والتقدير والامتنان، ولا أملك إلا كلمة (شكراً) أزجيها من باب الواجب، فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله.
من ناحية أخرى، فإن الحديث عن سفره الكبير سيكون بطبيعة الحال مركز الدائرة في مجمل حديث معاليه، ليتحفنا مشكوراً بدرر قوله وجميل فضله حتى نعيش معاً متعة التجول عبر باب السلام، كبيره وصغيره، في المسجد الحرام، ونزور أصحاب تلك المكتبات التي شع منها نور الحرف، ودفء الكلمة، لتعم أرجاء المملكة، ومعظم الدول الإسلامية، التي نهل علماؤها وطلابها من نمير روافدها العذبة الرقراقة.
لقد بدأ معالي ضيفنا الكريم إصداراته القيمة بعمل فذ مع زميله الدكتور محمد إبراهيم علي، حيث أصدرا عام 1401هـ كتاب: (تحقيق ودراسة مجلة الأحكام الشرعية على مذهب الإمام أحمد بن حنبل) وهو من الأعمال المهمة التي ينبغي أن نفرد لها أمسية خاصة للحديث عنها في المستقبل إن شاء الله.
ورغم أن فضيلته مقل من ناحية الكم، فإنه انتقائي من الدرجة الأولى، فتجده دائماً سبَّاقاً مميزاً في مضمار اختيار المواضيع التي يسهم بها في سد ثغرات المكتبة العربية، والإسلامية بوجه خاص.. وغالباً ما يميل إلى التحليل والتدقيق وإعمال الفكر والعقل قبل النقل.. وهي من سمات العالم الواثق من نفسه، المتمكن من أدواته، والقادر على مقارعة الحجة بالحجة.
الأستاذ الدكتور حسن الوراكلي
(أُعِدَّت بمناسبة صدور كتاب: (باب السلام وأثر مكتباته على الحياة العلمية بمكة المكرمة). وتكريم (الاثنينية) لمؤلفه معالي فضيلة الأستاذ الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان. في: 27-4-1428هـ - 14-5-2007م) توثقت بيني وبين الشيخ عبد الوهاب أسباب من الدرس العلمي وصلت أهواءنا وأخرى من البحث التاريخي جمعت آراءنا.. أقبل عبد الوهاب على طلب العلم كما كان يقبل على طلبه لداته من أبناء مكة، فشرب بين أيدي مقرئيه ومكتبيه من المنهل العذب الصافي في كتاب الله تعالى.
تتبع مجالس العلم في حلقاته المنورة برحاب الحرم الشريف، يقطف ما شاءت له نفسه النهمة من أدواحها المثمرة.. حين لقيت عبد الوهاب وجدت عنده من خصال العلم مثل ما كنت أجد عند سلفه وجدت عنده ما ملأ سمعي من: تضلع في الفقيهات، وتبحر في الأصوليات، وتفنن في التاريخيات، مع رجاحة عقل، وأصالة رأي، ويقظة نظر، وتحر في المعالجة، وجرأة في اجتهاد رأي!
رأيته يحاضر في قضايا فقهية شائكة فيجلي ويسري! ورأيته يناقش في نقد قضايا الفكر الأصولي وتجديده وتحليله فيبدع! ورأيته يكتب في البحث العلمي ومصادر الدراسات القرآنية والسنّة النبوية والعقيدة الإسلامية ومصادر الدراسات العربية والتاريخية فيستوفي. ورأيته يُجري قلمه في تاريخ مكة العلمي والثقافي ورأيته يحقق مؤلفات: (مجلة الأحكام الشرعية على مذهب الإمام أحمد بن حنبل) وكتاب: (الجواهر الحسان في تراجم الفضلاء والأعيان من أساتذة وخلان) وكتاب: (الجواهر الثمينة في بيان أدلة عالم المدينة) فيبين عن عارضة في قراءة النصوص وتحقيقها.
وجدته يتحلى بشمائل رقت فراقت: حسن سمعة، كمال مروءة، كرم نفس، علة همة، سلامة صدر، حسن طوية، خفض جناح، شهدت عن كثب مصداق تلكم الخلال وأنا أتابع بإعجاب، مرات ومرات، كيف يتبلور خلق عبد الوهاب الزكي في سلوكيات هادية ينشر رحيقها الشذي في غير مجال: أعرض لكم منها صوراً يتراءى لكم فيها الشيخ وهو ينفق من خُلَّة المعروف التي تفيض بها أعطافه يشمل بها شيوخه، وأقرانه، وطلابه.
فَتْحُ مكتبته الحافلة لي على مصراعيها ألتقي فيها - كما يلتقي - بجلساء لا يُقَلُّ حديثهم، يفيدونني - كما يفيدونه - بفقه وحكمة وأدب، فإذا أردت الانصراف تزوّدت من أجنحتها الغنية بما شئت من مصنفات العلماء، وم دوّنات المؤرخين، ودواوين الأدباء.
الأستاذ: فاروق با سلامة:
د. عبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان عالم فاضل وباحث ودارس من الباحثين والدارسين في الشؤون الفقهية والشرعية والعربية.
أبو سليمان من أوائل الأساتذة والدكاترة في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بمكة المكرمة، حيث يعود هذا التاريخ على الستينيات الميلادية من القرن الماضي فهو زميل للدكتور حسن محمد با جودة ود. راشد الراجح ود. عبد العزيز بن محيي الدين خوجة الذين قامت جامعة أم القرى على أكتافهم علمياً وأكاديمياً وأدباً.
من فرص الحياة الجامعية عليه أن تولى منصب عمادة هذه الكلية وخطى خطوات بها، هذه الخطوات التي تقدم التعليم الجامعي العام وكان نواة لقسم الدراسات الشرعية العليا.
د. أبو سليمان من دأبه وديدنه كتابة البحوث العلمية والشرعية وله دراسة متمكنة بعنوان: «الفكر الأصولي» وهي دراسة للفقه الإسلامي وفكره العام ويعد هذا الكتاب من رؤوس الدراسات الفقهية في جامعاتنا العربية السعودية سواء على مستوى التشريع أو العربية، وقد بذل أبو سليمان في هذه الدراسة جهداً كبيراً في الدراسات الفقهية ولذلك سبب وهو تمكنه من البحث العلمي الذي درسه في كتاب آخر: «البحث العلمي الفقهي والبحث العلمي اللغوي» ومصادر كل من هذين الجانبين.
عن عبد الوهاب أبو سليمان علامة فارقة بين الدارسين الجامعيين، وكذا العلماء الذين رحبوا به في هيئة كبار العلماء أيام رئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - لها وكان عبد الوهاب قد تشبع بالعلوم الفقهية والتشريعية والعربية فهو مفكر ديني إسلامي عربي متواضع الخلق، لكنه باحث عميق وقد قدم للمكتبة العربية والإسلامية كثيراً من المؤلفات عن مكة المكرمة حرمها وجامعتها وكتبا في الدراسات الدينية المقارنة عن إليجا محمد في أمريكا وهو الذي كان في وقت من الأوقات يتزعم الأقليات الإسلامية هناك أي إليجا محمد، وكان تاريخ هذا الكتاب في سنة 1400هـ 1980م إبان ما كان إليجا محمد في أوج مجده، وله كثير من البحوث والدراسات ترشحه لجائزة الملك فيصل في فرع الدراسات الإسلامية وهكذا يمضي علامتنا د. أبو سليمان في الدراسات والبحوث والتآليف ما يجعله بكل تكريم آجلاً أو عاجلاً.
الأستاذ محمد القشعمي:
العصامي أبو سليمان يرتقي للمعالي من دار الأيتام، كم كنت سعيداً باختياره شخصية هذا العام في مهرجان الجنادرية وهو الرجل البعيد عن الأضواء والإعلام، إنني لا أستغرب منه ملازمته لشيخه المشاط فهو وفاء منه، د. أبو سليمان درس اللغة العربية والمنطق وغيرها، درس في لندن وعند عودته عمل بكلية الشريعة بمكة المكرمة وعمل بعدد من اللجان وكانت له مشاركات مشهورة على الوطن العربي وله عدد من العضويات وأشهرها هيئة كبار العلماء حقق العديد من الكتب. أما خلقه فهو الأمر الذي لا يختلف عليه اثنان في نبله وتواضعه وعلمه، أذكر أنه قد استضافني في منزله بمكة قبل ثمان سنوات للتسجيل الشفهي ثم التقيته حين كرمه نادي الرياض الأدبي واحتفى بكتابه: «باب السلام» برعاية معالي وزير الثقافة والإعلام الأسبق الأستاذ إياد بن أمين مدني، وقد قال في تلك الأمسية كلامًا يفيض محبة ووفاء وقد كان من الحاضرين الشيخ صالح بن حميد. إن تكريم أبي سليمان تكريم لكل الشرفاء، ومتى نرى تكريمًا للمرأة فهي شقيقة الرجل.
الشاعر د. حمزة الشريف:
مهرجان التراث والثقافة بالجنادرية يقوم في كل عام بتكريم أحد رموز هذا الوطن، وهذا التكريم امتداد لوفاء المؤسس الملك عبد العزيز - رحمه الله - لرجاله وقد سار أبناؤه على نهجه في هذه السنة الحسنة، حيث يحتفي المهرجان في هذا العام بسعادة د. عبد الوهاب أبو سليمان وهو أحد رجالات هذا الوطن ممن قدموا عطاءهم وافراً لوطنهم فهو عضو هيئة كبار العلماء ومن الأكاديميين في الفقه المقارن وله دراسات في هذا المجال المهم وتكريمه لفتة كريمة من القيادة الحكيمة.
الأستاذة نازك الإمام -
مذيعة بإذاعة جدة:
لاشك أن مثل د. عبد الوهاب أبو سليمان يعد مفخرة لنا في المملكة، فهو فقهيه منفتح على العصر وعلى مشاكله ودائماً يثبت أن الإسلام دين صالح لكل الأزمنة وذلك من خلال الاجتهادات المبنية على أسس شرعية. له جهوده الرائعة في البحث والتأليف ومن ذلك كتابه: «باب السلام» وغيره من الإصدارات والبحوث والدراسات، كما أن جهوده في كلية الشريعة لا تخفى على العيان ويضاف لذلك كله أنه من ضمن كوكبة من العلماء في هيئة كبار العلماء، أما أخلاقه وتواضعه فهي سمة واضحة فيه مما يجعل كل من يعرفه يحبه ويقدره، ومما لاشك أن تكريمه واختياره كشخصية مكرمة هذا العام في مهرجان الجنادرية يدل دلالة قطعية على تقدير ولاة الأمر في المملكة وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين للعلماء والبارزين والعاملين من أبناء الوطن، أتمنى له التوفيق والسداد وطول العمر وأدعو الله له بالأجر على ما قدم.