|
سمعتُ، قبل أيام قليلة فقط، بمشروع جديد ومبدع لبيع الكتب (ذاتياً) أطلقته مجموعة من الفتيات السعوديات المشرفات على نادي (اقرأ) في كلية دار الحكمة للبنات بجدة، كأول مشروع آلي للبيع الذاتي للكتب.
وجاء في الخبر المنشور في نهاية شهر مارس الماضي، أن المشروع (يهدف إلى تشجيع القراءة وجعلها عادة ممتعة) وقالت رئيسة نادي اقرأ، الأستاذة نورة طلال: (إن آلة البيع الذاتي للكتب تهدف إلى تغيير النظرة التقليدية للقراءة للشباب والفتيات؛ حيث تحوز آلات البيع الذاتي شعبية كبيرة لدى الشباب).
في الواقع، أنا أرى المشروع أكبر من مسألة التشجيع على القراءة وتغيير النظرة التقليدية، بل هو تسهيل القراءة والعثور على الكتب لمن لا يجدها في المكتبات العامة أو التجارية، فكثير من الإصدارات الحديثة غير معروض في أسواق الكتب، والسبب يعود إلى استسهال الربح المادي من خلال تخصيص كامل مساحات العرض لبيع الكتب التي لها جمهور مستمر، ككتب الشريعة أو التراث أو حتى الصحة والطبخ والرياضة، بينما الكتب الثقافية الأدبية الإبداعية لا تجد في المكتبات مكاناً لعرضها، فتظلّ محصورة في مكتبات معينة ومحدودة جداً، وقد يصعب على كثير من القراء الحصول على نسخة من كتاب أدبيّ تملأ أخباره الصحف والفضائيات، غير أنه في واد والمكتبات في واد!
لهذا أرى أن مشروع (آلات البيع الذاتي للكتب) حاجة ملحة وضرورية لمجتمعنا حتى يتمثّل ثقافته المحققة في إبداعاته، بخاصة أننا نمنع الباعة المتجولين الذين يشكلون الدافع المعتمد عليه في تعميم الثقافة القرائية لدى شعوب الدول العربية الأخرى.
كما أن (آلات البيع الذاتي للكتب) هي جزء أساسيّ من سوق الكتاب في الدول المتقدمة، ولأننا نختلف في أسواقنا عن أسواق الدول العربية فليس أقلّ من أن نتفق مع أسواق الدول المتقدمة ونجعل الكتاب قريباً من يد القارئ ومنتشراً بشكل آليّ مرتّب وأنيق!
ولأن آلة البيع الذاتي (للكتب)، بحسب الخبر، لديها القدرة على استيعاب أكثر من خمسين كتاباً، فسأسمح لخيالي أن يتصوّر آلاتٍ كثيرة آخذةً أماكنها في شوارع الرياض، فتلك آلة لكتب أحد الأندية الأدبية، وأخرى لكتب ناد أدبيّ آخر، وأخرى لدار نشر سعودية، وغيرها لدار نشر عربية، وآلات كثيرة تتنافس وهي ساكنة في أماكنها وفي جوف كل منها إصدارات لجهة معينة أو كاتب معيّن؛ ومن بين ذلك كله آلة واحدة تضمّ أحد عشر كتاباً فقط.. لي!
ولا أظنّ ذلك بمستبعد أو مستحيل، فقط إذا كانت التسهيلات من الجهات المعنية، كالبلديات، لإعطاء التصاريح اللازمة بتنصيب مثل هذه الآلات في أماكن مناسبة وبأسعار رمزية تشجّع على نجاح مثل هذه المشاريع المتطوّرة المفيدة للمجتمع ككل..
أمّا عن (غلاء سعر) الآلة نفسها، فلا أظنه عائقاً لتحقيق مثل هذه الأحلام أو المشاريع، فمن المعروف أن محترفي مهنة الكتابة والأدب والتأليف هم أناس فدائيون يحاربون على كل الجبهات من أجل الحصول على (المال) الذي يصرفونه عن آخره بكل قناعة ورضا في سبيل إيصال كتاباتهم إلى القرّاء أينما كانوا..!
ffnff69@hotmail.com