من منا اليوم لا يملك ما يسمى بالهاتف الذكي (Smart Phone) سواء أكان آيفون أو (بي بي) أو غيره، وشخصيًا سعيدة جدًا بامتلاكه، أحد أسباب سعادتي مرتبط بالتطبيقات التي تساعدنا على التواصل والحوار مهما ابتعدت المسافات، وعلى مشاركة المعلومات والخبرات والصور بأسلوب لم يكن متاحًا فيما سبق.
من ضمن الأمثلة لهذا التواصل، ما حصل قبل فترة حينما كنت في زيارة إلى مدينة نيويروك، كنت مع زميلات في إحدى مجموعات المحادثات في تطبيقات الهواتف الذكية التي تسمح بالمشاركة بالصور، وفي ذات الوقت أقوم بزيارة لمتحف الموما للفن المعاصر، تلتها جولة على قاعات العرض الخاصة في حي تشيلسي الشهير في نيويروك، وأثناءها كنا ننتاقش حول ما أرى وأصور ثم أرسل لزميلاتي، بحيث أصبحت تلك الزيارة (والتي اعتدت القيام بمثلها وحيدة) أصبحت زيارة جماعية ممتعة ومفيدة من حيث تبادل الآراء وإثراء النقاش (وكنت قد وعدتهم أن أنقل جزءًا من ذلك النقاش عبر مقالي اليوم).
دار الحديث حول الحراك التشكيلي المحلي ومقارنته بالحال في الغرب، فالمُطلع على النتاج الفني في السعودية منذ بدايته وحتى اليوم يمكن أن يلاحظ أن الفن بعد أن كان حرفة تحول إلى مفهوم حديث بالتحاق الجيل الأول للدراسة في الغرب ثم مخرجات معهد التربية الفنية إلى حد ما، فظهرت ثورة فنية حديثة على يد الرواد يمكن القول إن أبرزها آفاقية السليم وحركة ودوران رضوي، بعد ذلك توقفنا عن النمو إلا من زحف، يصعب ملاحظته أحيانا لدى بعض الفنانين، وبعد عودة الطفرة الفنية - إذا صح لي التعبير - على يد عدد من المجددين - أيضا إذا أمكنني قول ذلك - شهدنا مع بداية القرن الحادي والعشرين إعادة إحياء للبدايات الأولى التي أفرزت لنا بعض من الأساليب الفنية المحلية المتناسبة مع المفاهيم الغربية المعاصرة في الفن، وإن كان من بين هؤلاء ما يمكن أن نصف أساليبهيم بالأصيلة، بينما يقبع عدد غير قليل تحت تأثيرات وضغوط قبول الآخر، لينتج عملاً متناقضاً بين الحين والآخر يدل على هذه التبعية أو الازدواجية، ومع ذلك أيضًا لم نسلم من تلك الفئة التي إما لا تزال تعيش أمية فكرية تعود للقرن الماضي، أو تقليداً أعمى للآخر دون فهم للمضمون.
وهنا كنت أرى وأناقش مع زميلاتي خلال زيارتي بعض الأعمال الفنية التي أنتجت في القرن التاسع عشر أو العشرين، والتي لا يزال بعض من فنانينا ينسخون منها شكلاً وأسلوباً وموضوعاً!