في حدث علمي كبير.. وتجمع غفير.. من كل جامعة وكلية في المملكة العربية السعودية على أرض العروس (محافظة جدة) حيث كان مقر إقامة المؤتمر العلمي الثاني لطلاب وطالبات التعليم العالي.
سعدنا لرؤية الأعداد الغفيرة رغم ما سببته من إرباك. أسعدني هذا الإقدام على العلم والتعلم، وزادني سعادة أن نسبة الحضور والمشاركة والفوز أيضاً نصيبها الأكبر كان للطالبات. (من بعد أن كانت تلك الجميلة تدفن وقلبها ينبض.. الآن يُتباهى بها وتُكّرم).
استغليت هنا الفرصة ونحن الطالبات من جامعات مختلفة بالقرب من بعض لأكتشف جوانب عدة بلغة مختلفة.. لغة الجسد لا الكلام! حينما نقف ليأذن لنا بدخول القاعة التفت يمنة ألقي على من بجانبي صباحا جميلا أسألها لأي الجامعات تنتمي؟ سألت العديد من الطالبات من جامعات مختلفة. لكن حقيقة وموضوعية أقولها لم أجد في الإجابة ملامح ونبرة صوت توحي بفخر واعتزاز كفخر وحب وانتماء وولاء طالبات جامعة الملك سعود لجامعتهم! هُنا الحب صدق، والولاء والانتماء بمكانه الحقيقي وقع. وكيف لا وهي جامعة الملك سعود.
بعيدا عن إنجازات وأرقام الجامعة هنا سأتحدث. سأل إعلامي أحد المسئولين في جامعة الملك سعود عن أحوال المتأخرين دراسياً والمتعثرين بالجامعة. فأجاب المسئول: هؤلاء الفئة هم من تطور جامعة الملك سعود، هؤلاء هم أعضاء في المجلس الاستشاري للجامعة.
وللعلم نحن نستفيد منهم في تطور الجامعة وتقدمها أكثر مما نستفيد من الطلبة المتفوقين دراسياً! هؤلاء يرون الفجوات أكثر مما نراها ويجعلوننا نبادر في ردمها. فالجامعة توليهم بالغ الاهتمام والعناية والاحترام فهم شركاؤنا في النجاح. ! هذه جامعة الملك سعود وتجربتها مع المتأخرين دراسياً.!
حقا لا تلام الجامعة في عظم ولاء وانتماء طلابها وطالباتها لها. نظراً لاحتوائها لهم بمختلف مستوياتهم. ذكرتني هذه التجربة..
بتجربة (ادموند هيلاري) الفاشلة في تسلق قمة افرست حينما لم يستطع إكمال مشواره في التسلق وخلف ثلاثة من رفاقه أموات. عاد إلى الأرض فوجد بلاده تحتفل به وبتجربته! وكأنه قد أتم مشواره بنجاح! دخل (ادموند) قاعه الاحتفال المخصصة له وسط تصفيق حار من الحضور فشدت (ادموند) صورة لجبل افرست وضعت على المنصة التقطها مصور بارع وقف أمامها وتجاهل الحضور وسط تصفيقهم المستمر.. أشار إلى الصورة مخاطباً الجبل بقبضة يديه وهو يقول لقد انتصرت أنت هذه المرة لأنك كبير لكنني أنا أكبر باستمرار. ويحكي لنا التاريخ أن ادموند المكرم من قبل بلاده جراء محاولته الأولى الفاشلة لتسلق جبل افرست لقد أعاد تجربته للمرة الثانية ووصل للقمة بنجاح متباهيا ببلاده والآن التاريخ يحكي لنا أن (ادموند) هو أول متسلق لقمة افرست بالعالم.
نعم هذا هو نتيجة الاحتفاء بالمحاولة وتكريم من بدأ أولى خطواته. إننا بحاجة ماسة إلى مراجعة سياسة التكريم والحفاوة والاهتمام لدينا. فلا بد أن نشجع ونحتفي بشباب وفتيات بدأوا أولى خطواتهم نحو المحاولة و الإنجاز لنربي في هذا الجيل عشق النجاح والتميز ونبي الثقة بأنفسهم. فلك الشكر يا جامعة الملك سعود على هذه الخطوة الرائدة وأراهن على نجاح وتميز هؤلاء المتأخرين دراسياً. نتيجة اهتمامكم بهم وإشراكهم في مجلس عالي كهذا.
وفي موقف آخر في المؤتمر العلمي الثاني لطلاب وطالبات التعليم العالي كان هناك لقاء يجمع بين مدير جامعة الملك سعود وطلابه. شدني كثيرا هذا الموقف.. كان سعادة مدير جامعة الملك سعود د. عبد الله العثمان يجلس وأمامه طلابه وبينهم تبادل لحوار جميل غير إعلامي مصطنع ولم يعد مسبقاًّ معلباً. ارتفعت يد أحد الطلاب طلبا للإذن بإلقاء سؤال وفي الوقت ذاته كان الوقت قد خُصص لأحد الأستاذة ليتحدث. فما كان من د. عبد الله العثمان إلا أن أشار إلى الطالب وطلب منه القدوم إليه. نهض الطالب من مكانه تقدم لسعادة مدير الجامعة وقف د. عبد الله العثمان من كرسيه قبل رأس طالبه وأجلسه بجانبه قائلا للحضور: غدا سترون هذا أفضل مني. ثم نظر إلى الطالب نظرة الأب الحاني وهو يقول: ابني تفضل اجلس بجانبي وحين ينتهي الأستاذ من حديثه سأسمع لك. يا للتواضع.. هذا الموقف أراه لن يمحى من ذاكرة الطالب وسيظل يعبق بأثره الجميل الكبير على نفسه. وكيف لا وقد كان أثره عظيما علينا. كم من مربي يختصر ألف كلمة في موقف أو همسة أو حتى نبرة! لكي الفخر يا جامعة الملك سعود بقادتك و مفكريك ومديرك. إضاءة: بالحوار البناء نبني مجد أمة.