بدعوة كريمة من الأخوين محمد وحمد الجميح لحضور حفل جائزة التفوق العلمي كانت مغادرة الرياض يوم 3-5-1432هـ وكان المرور ببلدة حريملاء ورغبة والقصب ومررنا بأمكنة وقرى عديدة حتى لاحت لنا شقراء عاصمة الوشم وهي بلدة تاريخية ذكرها الأصفهاني وياقوت وابن بليهد والجاسر وابن خميس، ولم تكن هذه الرحلة أول رحلة إليها فقد زرتها من قبل خلال الجولات التفتيشية واستجابة لدعوة كريمة من الإخوة آل الجميح لحضور حفل جائزة التفوق العلمي ولقد رددت قول الشاعر:
فبوركت يا شقراء قوما وموطنا
ومنتجعا في ساحة الروض معطر
وبعد استراحة قصيرة أحسست برغبة شديدة في التجوال في شوارع البلدة لمشاهدة معالمها وآثارها كما قمت بجولة في أحيائها القديمة وقصر العيسى وعبدالرحمن السبيعي وبعض معالمها التاريخية ولقد رصد ابن بشر وابن غنام الكثير من الحياة التاريخية فيها ولقد ذكرها الشاعر زياد بن منقذ في وصف طريق رحلته من اليمن وشوقه إلى بلد «أشي» إحدى قرى محافظة المجمعة حيث قال:
متى أمر على الشقراء معتسفا
خل النقا بمروح لحمها زيم
والوشم قد خرجت منه وقابلها
من الثنايا التي لم أقلها برم
ويؤيد قول صاحب معجم البلدان الشيخ محمد بن بليهد في كتابه صحيح الأخبار سميت شقراء بأكمة فيها ويقول الحطيئة الشاعر المعروف:
فلما نزلنا الوشم حمراً هضابه
أناخ علينا نازل الجوع أحمرا
رحلنا وخلفناه عنا مخيما
مقيما بدار الخير شقراء وأشقرا
وذكرها الهمداني 334هـ في كتابه صفة جزيرة العرب وغيره من المؤرخين كابن غنام وابن بشر، ثم توجهنا بعد ذلك لحضور حفل الجائزة حيث تشكل جوائز التفوق العلمي في بلادنا شاهداً حياً ورافداً أصيلاً للعلم وركيزة أساسية للمعرفة والإبداع والثقافة وإنجازاً علمياً وتربوياً لرفع مستوى التحصيل العلمي والتفوق الفكري وكم للجوائز العلمية من مردود إيجابي ينعكس على مستوى التحصيل الدراسي وتنمية المواهب وتوجيهها الوجهة الصحيحة لاستمرارها في التفوق وإثراء المعرفة والثقافة.
ولقد أسعدني الحظ أن أحضر للمشاركة في جائزة الجميح للتفوق العلمي خلال مهرجان ثقافي رفيع تم فيه تكريم مجموعة من شبابنا الطموح والمتفوقين في دراستهم وتحصيلهم العلمي ولقد كان الحضور كبيراً وجليلاً وبرعاية سمو الأمير سلطان بن محمد بن سعود الكبير وقد ألقى كلمة ضافية بهذه المناسبة وحضره حشد كبير من العلماء والأدباء ورجال التربية والتعليم من مختلف مناطق المملكة، فهو حفل ثقافي وموسم فكري وتربوي، كما تعتبر الجائزة ملتقى علمياً وقناة اتصال بين رجال الأدب والفكر والتربية والتعليم.
ونحمد الله أن بلادنا اليوم أخذت مكاناً حضارياً رائداً في مجالات العلم وميادين المعرفة ولا غرو فقد كانت هذه البلاد بالأمس منطلق العلم والفكر وموئل الأدب والمجد والشعر ومهوى أفئدة العرب والمسلمين على امتداد التاريخ.
وحين نحتفي بهذه المناسبة السعيدة فإنه لا يسعنا إلا أن نوجه كلمات الشكر والتقدير لمثل هذه الجوائز والله لا يضيع أجر من أحسن عملا.. وفق الله جهود العاملين المخلصين على تشجيع العلم والمعرفة والفكر والثقافة في هذه البلاد العريقة الأصيلة منطلق الإسلام ومهد العروبة ومنبع الأصالة وموئل التاريخ المجيد. حقق الله الآمال ووفق الجميع لما يحبه ويرضاه.
عضو جمعية التاريخ والآثار بجامعات دول مجلس التعاون