صحافتنا السعودية تطلعناكل يوم بالجديد المفيد وكغيري من القراء الكرام يفرح جداً بالمواقف النبيلة، بل يكبرها وما أكثرها في بلادنا الغالية المملكة العربية السعودية الذين تربى أبناؤه على الدين القويم والمنهج السليم الذي يحث على العزيمة والإرادة وكرائم الأخلاق، وأقولها بصدق سررت جداً لما رأيت رجلاً يدير ورشته التي كانت تعج بالحركة قبل أن يكون على كرسي متحرك، وبعد أن كان، بل إن الوضع تغير للأفضل والمتعاملون مع ورشته لم يدر بخلدهم ان العمل من هذا الرجل سيكون بصورة من النشاط وعلى أداء أفضل مما سبق، وهذا نابع أن العزيمة والإرادة لا يقف أمامهما أي عائق مرض أو إعاقة أو شح سيولة مادية يمكن التغلب عليها من مصادر التمويل، ومنظر آخر سرني وسر الآخرين هو ذلك الرجل الذي لم يشأ الله أن يعود له ابصاره الذي بدأ يتلاشى رغم محاولاته المستمرة في رجوعه ومع ذلك هذه الإعاقة لم تجعله رهين المحبسين، بل جعلته ينطلق إلى عمله الذي كان يزاوله في بيع الكتب والمراجع والمستلزمات المكتبية، بل الأغرب من ذلك أنه يعرف أسعارها تفصيلياً ويخزن كل مبيعات المكتبة في آلة التخزين والمرء من داخله لا يصدق أن رجلا أعمى لديه كل هذه الدراية والإصرار ولكنها والله هم الرجال غير المستسلمين أو منهارين لغوائل الدهر، وأيضاً من صور النبل التي رصدتها عدسة الصحافة هو ذلك الرجل الشهم الذي تنازل عن الوافد العربي الذي دهس ابنه وفلذة كبده لوجه الله جلّ جلاله فرحاً بشفاء المليك المفدى الذي أسبغ الله عليه لباس الصحة والعافية وعاد راعي هذه الأمة كما كان يدير هذا الكيان العظيم بمؤازرة ولي العهد الأمين والنائب الثاني والحكومة الرشيدة والشعب الوفي الذي يكن له خادم الحرمين الشريفين كل مودة وحب وهو الذي يقول دائماً وأبداً (ما دام أنتم بخير فأنا بخير) فروعة هذا الموقف النبيل من هذا الرجل المسن الذي تنازل عن كنوز الدنيا لعلمه أن هذه الأموال لن تكون أغلى من ابنه الصغير الذي هو ثروته العظمى التي استودعها عند من أنشأها وسيلتقي به في جنات رب العالمين عصفورا من عصافير الجنة برحمة أرحم الراحمين، فلله در هؤلاء الرجال وما أكثرهم في هذه البلاد الذين يضربون أروع الأمثلة يوماً بعد يوم تأسياً بقادة مملكتنا الحبيبة الذين جبلوا على الحكمة والكرم والعفو الذي مكنهم من قيادة هذه البلاد بكل كفاءة واقتدار.
فشكراً من الأعماق لصحافتنا العزيزة لكل المواقف التي ترصدها لأُناس نعجب بهم وأُناس نواسيهم ونخفف من متاعبهم ليكملوا المسيرة ويكونوا نافعين لدينهم ثم مليكهم ووطنهم.
وفق الله الجميع، وسدد الخطى.
المستشار المالي بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف