كتبت أكثر من مقال عن دور هيئة السياحة والآثار في تفعيل السياحة الداخلية وأثنيت كثيراً على دورها في ما قامت به في عمرها القصير الذي بدأ يتجاوز عشر سنوات وهو عمر لا يمكن بحال أن يأتي بجميع ما يمكن أن يكون قد خطط له خصوصاً حينما نتحدث عن مهمة كالسياحة الداخلية التي تغيب معظم مقوماتها عن بلادنا،
وكنت قد كتبت مؤخراً مدافعاً عن الهيئة بخطأ من يعتقد بأن المملكة ستكون يوماً الجهة السياحية الوحيدة للمواطن ويخطئ أيضاً من يعتقد أن المواطن لن يذهب للخارج للسياحة، ويخطئ من يعتقد بأن الهيئة العامة للسياحة والآثار تحاول جاهدة بأن تحصر السياحة بالمملكة أو أن تنجح بجذب جميع المواطنين للسياحة الداخلية، فلا هدف الهيئة العامة للسياحة ذلك ولن يحدث أن يتوقف المواطن السعودي عن السفر للخارج للسياحة ولن تكون المملكة الجهة الوحيدة أمام المواطن إن أراد القيام برحلة سياحية سواءً بمفرده أو بصحبة عائلته.
تقوم الهيئة العامة للسياحة والآثار والتي تم إنشاؤها منذ عشر سنوات كما جاء في هدف تأسيسها على موقعها الإلكتروني بجهد جبار بالاهتمام بالسياحة في المملكة، وذلك بتنظيمها وتنميتها وترويجها، والعمل على تعزيز دور قطاع السياحة وتذليل عوائق نموه، باعتباره رافداً مهماً من روافد الاقتصاد الوطني، وذلك بما يتوافق مع مكانة المملكة وقيمها، والاهتمام بالآثار والمحافظة عليها وتفعيل مساهمتها في التنمية الثقافية والاقتصادية، والعناية بالمتاحف والرقي بالعمل الأثري في المملكة، ويضطلع القطاع الخاص بالدور الرئيس في إنشاء المنشآت السياحية الاستثمارية.
وتؤمن الهيئة بأن السياحة الداخلية تُعد مصدراً إنتاجياً هاماً لا غنى عنه في زيادة فرص الاستثمار السياحي وتوفير وظائف عديدة للشباب والشابات وتنمية مهاراتهم والعمل على تطوير مفهوم وثقافة السياحة الداخلية والترويج لها، لكنها بكل الأحوال لا تتوقع ولا تفترض جدلاً أن تقتصر سياحة المواطن السعودي على الداخل برغم حرصها كما ذكرت على تكريس ثقافة السياحة الداخلية والعمل بجد واجتهاد على توفير جميع ما يُقنع المواطن بمتعة السياحة الداخلية عبر اهتمامها بالسياحة الداخلية وتنظيمها.
إيمان الهيئة ذلك هو ما أنا بصدد الحديث عنه اليوم، فإيمانها بزيادة فرص الاستثمار السياحي قد نجح نوعاً ما من خلال زيادة حجم الاستثمار السياحي في مختلف مناطق المملكة، ونجحت أيضاً في عملية تصنيف الفنادق وأماكن الإيواء والتي تعتبر من أصعب وأعقد مهام الهيئة على الإطلاق لما يتطلبه ذلك من دراسات وبحوث وإجراءات ميدانية وغير ميدانية واصطدامات مع مستثمرين وخلافه إلا أنها نجحت نجاحاً باهراً في ذلك، بقي أن نلقي الضوء على جانبين لعل أحدهما يساند نجاح الثاني وهما تطوير مفهوم وثقافة السياحة الداخلية والترويج لها، وتوفير وظائف عديدة للشباب والشابات وتنمية مهاراتهم.
لا شك أن تطوير مفهوم وثقافة السياحة الداخلية والترويج لها يساعد في زيادة قبول الشباب والشابات في العمل في المجال السياحي إن نجح ذلك التطوير، والعكس صحيح، ففشل مساعي الهيئة في تطوير مفهوم وثقافة السياحة الداخلية والترويج لها لن يكون السبب الرئيس في فشل مساعيها في توطين الوظائف السياحية لكنه على أقل تقدير سيكون حجر عثرة في طريق الآلاف من العاطلين والعاطلات عن العمل.
لا يمكنني الحديث حقيقةً عن نجاح أو فشل الهيئة في توطين الوظائف السياحية لأنه لم يتم يوماً إعلانها عما أنجزت في هذا الشأن خلال الفترة التي عاشتها، ولم يتطرق أيضاً صندوق تنمية الموارد البشرية إلى ما تم صرفه لدعم أنشطة الهيئة في توطين وظائفها.
إن إعلان الهيئة عن أعداد من تم توطينهم على الوظائف السياحية في مختلف مناطق المملكة إنما يعكس ليس فقط نجاحاتها المتعددة التي ذكرت بعضها آنفاً إنما أيضاً يقع في خانة تطوير مفهوم وثقافة السياحة الداخلية والترويج لها ويحث الكثير من العاطلين والعاطلات على الالتحاق بزملاء لهم انخرطوا في هذه الأعمال ويزيل الكثير من المحاذير الاجتماعية التي قد تقف عائقاً أمام بعض من شبابنا في ممارستهم لأعمال السياحة إضافة إلى إعلانها ذلك يعطي مؤشرات ومدلولات كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر نوعية الوظائف التي يقبل الشباب والشابات عليها والمناطق التي يقبل تابعوها على ممارسة العمل السياحي بشتى أنواعه وبهذا يمكن من تحقيق أهداف الهيئة الأخرى مثل تسليطها الضوء أمام المستثمرين على أكثر المناطق جذباً.
لا شك لدي في أن الهيئة العامة للسياحة والآثار تقوم بواجبها على أكمل وجه وتسعى عبر أجهزتها المختلفة لجعل السياحة الداخلية بالفعل رافداً إنتاجياً وطنياً ومعيناً للمواطن الباحث عن العمل والمواطن المستثمر والمواطن الباحث عن السياحة والتنزه، ويبقى فقط أن تلتفت الجهات المعنية ذات العلاقة داخل الهيئة للإعلان عن منجزاتها في توفير فرص العمل للعاطلين والعاطلات عن العمل من أبنائنا وفي أي الوظائف أو المهن وأي المناطق في المملكة. إلى لقاء قادم إن كتب الله.