|
أصبح مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة علامة مميزة في المشهد الثقافي العربي، ومناسبة احتفالية بالغة الأهمية على مختلف الصعد الثقافية والتراثية والفكرية، وقد حاز مكانة رفيعة على مختلف المستويات من خلال الإستراتيجيات الموضوعة للمهرجان منذ انطلاقته قبل ستة وعشرين عاماً، وعبر سلسلة من المناشط المبرمجة ذات الدلالات الثقافية، ومن خلال استقطابه لأهم المفكرين والمؤرخين والعلماء والمبدعين على امتداد العالم العربي ومن مختلف الأطياف الثقافية.
وليس من قبيل المبالغة أن نقول إنه يندر أن يكتب النجاح المتواصل لمهرجان كهذا وبهذا الحجم والتنوع، لكن مهرجان الجنادرية تخطى كل الصعاب والعوائق بفضل الاهتمام الذي توليه الجهات القائمة على المهرجان واتساع وعمق رؤيتهم وتوفيرهم للإمكانات المادية والبشرية لخدمة المهرجان وإنجاحه، والرعاية الخاصة التي يحيطه بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ليواصل انعقاده للعام السادس والعشرين.
ويأتي انعقاد المهرجان هذا العام في ظل تحديات جديدة تمر بها الأمة، وتحولات تشهدها الساحة العربية، يؤمل منها أن تساهم في خلق بيئة إبداع ثقافي وحراك فكري في مناخ إيجابي من شأنه إحداث نقلة نوعية في طريق المشروع الحضاري للأمتين العربية والإسلامية.
كما أن تعدد والمشاركين وتنوعهم في المهرجان ومن جميع البلدان يضيف إلى المهرجان ثراءً كبيراً وتنوعاً في ما يطرح من أفكار ورؤى ومشاريع، وسينعكس هذا التنوع على مخرجات المهرجان وبالتالي على الساحة الفكرية العربية، ويشكل إضافة حقيقية لما يُطرح فيها من أفكار ونقاشات.
لقد كان لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- الدور البارز والجوهري في تأسيس المهرجان واستمراره ودعم نجاحه، فهو الأب الباني والقلب الحاني لنهضة الأمة ومشاريعها الحضارية، وكان لرؤيته -حفظه الله- المتمثلة في اعتبار الجنادرية واجهة حضارية للمملكة دور بارز في حشد الطاقات من فعاليات المجتمع المختلفة ثقافياً وفنياً واجتماعياً لإنجاحه وإظهاره بالصورة التي تليق مع اسم المملكة العربية السعودية وسمعتها ومكانتها عربياً وإسلامياً ودولياً.
إن انطلاق فعاليات مهرجان الجنادرية السادس والعشرين في هذه الأيام التي ما تزال تشهد احتفالات الشعب السعودي بالعودة الميمونة لخادم الحرمين الشريفين سالماً معافى من رحلته العلاجية يشكل دلالة على استمرار موسم فرح الوطن بقائد الوطن ومليكه الذي أعطى فأجزل وحكم فعدل وعدل فأنصف، فلن يكون للمهرجان بهجة إلا برعاية المليك له، فهو من غرس هذه النبتة الوطنية الطيبة ورعاها حتى أصبحت علامة سعودية فارقة في تاريخ الوطن وتاريخ الحركة الثقافية والتراثية العربية.
www.katebshammari.com