لا شيء يريحني ويثلج صدري أعظم من تعليقات القراء على مفارقاتي اللوجستية التي تصل أحياناً إلى العشرينات تزين بها المفارقة على الصفحة الإلكترونية في موقع جريدة الجزيرة على الشبكة العنكبوتية.
سر الراحة التي تعتريني يكمن في عدم صدقية المقولة الرائجة بأن الناس في هذه الأيام لا تقرأ، والسبب الآخر هو إكسير الاستمرار في الكتابة الذي يسقني إياه كل تعليق، ذلك أنني دائماً في هاجس أن ما أكتب استغلال لمساحة في صحيفة شعبية قد يكون تركة لما هو أفيد للقراء أجدى نفعاً، وأن الجهد المبذول لصف الأحرف والطباعة والحبر المسكوب قد لا يستحقه ما أكتب إذا لم يكن هناك من يقرأ.
بعض القراء يكتفون بإبداء تأييدهم لما أكتب ومع شكري الجزيل لهم، إلا أن تأييدهم وإن حفزني على الاستمرار في الكتابة، إلا أنه لا يسدد خطاي ولا ينبهني إلى مواقع الخطأ وقد يغذي النفس الأمارة بالسوء بالغرور والعياذ بالله.
التمايز بين القراء ثقافة واستيعاباً، تبدو واضحة في بعض التعليقات التي تختصر المفارقة في عبارة أو جملة وردت فيها وتعلق عليها في معزل عن موضوع المفارقة ككل مقدمتها وخاتمتها وما بينهما، فيكتفي التعليق بالغيض دون الفيض.
ما حيرني هو رسالة وصلتني على هاتفي الجوال يوم الجمعة بتاريخ 1-4-2011م تحكي أنه أثناء الحرب العالمية الثانية كان هناك مطار حربي بجورا إحدى المحاكم البريطانية، ونظراً لكثرة هبوط وتحليق الطائرات أدى الصوت إلى التشويش على أعمال المحكمة فأصدر القاضي حكماً بنقل المطار فرفض القائد العسكري ورفع الأمر إلى تشرشل رئيس وزراء بريطانيا في ذلك الحين يطلب توجيهه فكان رده (من الأفضل أن تخسر بريطانيا الحرب على أن يقال إنها لا تنفذ أحكام القضاء).
المفارقة أن تنفيذ أحكام القضاء كان موضوع مفارقة أرسلتها إلى الجريدة ونشرت في اليوم التالي لاستلامي الرسالة أعلاه.
لم أعرف المرسل فهو لم يكتب اسمه كما أن هاتفه ليس من ضمن مخزون هاتفي، وبدأت أتساءل هل هو توارد خواطر، أو أن الأخ العزيز قد اطلع على المقالة التي لم تنشر بعد بشكل أو بآخر، أم أنها الصدفة التي لو تمت قبل يوم واحد لكانت مساهمة قيمة جديرة بأن تكون خاتمة لتلك المفارقة، منوهاً إلى أن تسارع الأحداث وإرسالي للمفارقة قبل عدة أيام من نشرها قد قلل من استشرافها للمستقبل في بعض الحالات.
وأستدرك مسترعياً انتباه القارئات الكريمات بأن كلمة القراء تعنيكن أيضاً معتذراً لكن باسم جميع المؤمنين بدور المرأة القيادي في المجتمع عن حجبكن ترشيحاً وانتخاباً في المجالس البلدية.
جزى الله القراء عني كل خير وأدام تعليقاتهم فهي مهما احتوت تبقى الإكسير الذي يغذي خلايا كل المفارقات.