لماذا تصر أجهزتنا الحكومية على عدم المراقبة، لا على مشاريعها، ولا على مشترياتها، ولا على خطط إنفاقها، ولا على برامج تشغيل الخريجين فيها؟! لماذا تصر فقط على نشر أخبار المنجزات العظيمة التي تحققها، وعلى رأسها، إنشاء المواقف المظللة لسيارات المدراء؟!
لقد كشفت هيئة الرقابة والتحقيق، أن ضعف الرقابة الداخلية على المؤسسات الحكومية، تسببت في حرمان خزينة الدولة من تحصيل 42 مليار ريال، خلال 25 سنة، بمعدل حوالي مليارين سنوياً، وأتحداكم إن لم يكن هذا الرقم مخففاً، كعادة هيئة الرقابة والتحقيق، في نشر أرقام الفساد المالي. وكشفت الهيئة أيضاً أن هناك نحو ستة آلاف مشروع متعثر في الأعوام الثلاثة الماضية.
وأرجعت الهيئة أسباب تعثر المشاريع إلى ضعف القدرات الفنية والمالية والإدارية، ضعف إمكانيات المقاولين، طول إجراءات الترسية والتعميد، وقصور في الإشراف في بعض الجهات وانعدامه في جهات أخرى.
تخيلوا: ستة آلاف مشروع متعثر، في ثلاث سنوات!! ماذا تفعل الإدارات الحكومية إذاً؟! تطلب ملفات علاقية، ثم ترميها في صناديق النفايات؟! وللذين لم تتضح الصورة لهم حتى الآن، فإنني سأقودهم إلى شارع من شوارعنا التي بدأت فيه مشاريع الصرف الصحي: أكثر من ستة أشهر لحفر شارع داخلي لا يتجاوز طوله 100 متر، ثم لتركيب الأنابيب، ثم لردم الحفر، ثم لسفلتة ما تم ردمه.
وبعد كل هذا الإزعاج والتعطيل والأوساخ والأتربة، فإن الشارع يصير أسوأ!!