عرفت قطر منذ أكثر من خمسة وعشرين عاماً وكنت أراقب نموها وتطورها خلال تلك الفترة خاصة في العشر سنوات الأخيرة، حيث أصبحت دولة قطر من أعلى معدلات النمو الاقتصادي في العالم (أكثر من 15%) وفي زيارتي الأسبوع الماضي للدوحة لاحظت أنها تحولت إلى ورشة عمل على مدار الـ24 ساعة.
لقد لفت انتباهي عدة أمور في قطر لعلي ألخص أهمها في النقاط التالية:
- لقد نجحت حكومة قطر في المحافظة على نسب النمو الاقتصادي والتعليمي والاجتماعي العالية مما جعلها من أعلى دول العالم نمواً، والذي عادة ما يصحب مثل هذا النمو بارتفاع معدلات التضخم، إلا أن الحكومة استطاعت الموازنة بين معدلات النمو والتضخم عن طريق السياسات المالية والنقدية.
- قامت الحكومة القطرية بتجنيب المستثمرين بالبورصة من الأفراد والشركات خطر الانهيار في البورصة القطرية، ونجحت الحكومة القطرية ممثلة بوزارة المالية بإنقاذ المستثمرين في البورصة من الأفراد والشركات من الانهيار عن طريق شراء الأسهم من السوق بأسعار السوق ثم قامت بالبيع بنفس السعر (أو حتى بسعر أعلى) بحيث لم تخسر الحكومة ريالاً واحداً مع المحافظة على ممتلكات الأفراد والمستثمرين.
- دولة قطر هي عاصمة الغاز الطبيعي في العالم حيث تحتضن احتياطات ضخمة من الغاز وتحتل المركز الثالث عالمياً وهي أكبر مصدر للغاز في العالم. هذه الثروة الهائلة بإمكانها احتضان مجمعات بتروكيماوية عالمية ضخمة، وأن تكون منتجاً رئيسياً للمياه المحلاة (من البحر) ليس لدولة قطر وإنما لدول الخليج العربي، وكذلك منتجاً رئيسياً للكهرباء لدول المجلس أيضا وذلك لأن الغاز طاقة نظيفة ولا يلوث البيئة.
- نجحت دولة قطر بكسب احتضان كأس العالم 2022 والذي تم بجهود كبيرة وعلى أعلى المستويات وبمختلف الخبرات منافسة بذلك أكبر دول العالم، وهذه المناسبة العالمية الكبرى ستستفيد منها دولة قطر اقتصادياً، حيث يكفيها البنية التحتية التي سيتم تشييدها لهذه المناسبة والتي ستكلف أكثر من 100 مليار دولار إضافة إلى مكاسب مادية ومعنوية.
- في زيارتي الأخيرة قرأت عن رؤية قطر الوطنية QNV للعام 2030 والتي تعتمد على أربعة أقطاب للتنمية: البشرية، الاجتماعية، الاقتصادية، والبيئية. لقد أكدت حكومة قطر على التنمية البشرية ومن ذلك فتح فروع لجامعات عالمية مشهورة بالدوحة، وستكون قطر وجهة للتعليم لدول المنطقة (سياحية وتعليمية) وكذلك لسياحة المؤتمرات والمعارض.
- جديد الدوحة هو الحي الثقافي، الذي يحتوي على العديد من المطاعم العربية والدولية وممشى رياضي وبلاج ومسرح. كما يوجد في هذا الحي مركز ثقافي للأطفال (المركز الثقافي للطفولة) ولعل ما شد انتباهي في المركز العمل على تشجيع وتعويد الأطفال القراءة وسلوكيات أخرى كالحوار تعمل على توعية الأطفال في شتى أمور الحياة لتربية أطفال مثقفين وواعين ليكونوا رجال المستقبل.
- أما الجديد القديم فيتمثل في (سوق واقف) وهو سوق تاريخي تم تطويره وترميمه مع المحافظة على طابعه التقليدي، مع إضافات أخرى مثل المطاعم الشعبية والعربية والدولية، ومن الملاحظ ازدحام مواقف هذا السوق (على الرغم من اتساعها) بالسيارات خاصة في المساء ووجود العديد من الزوار الأجانب ولعلي لا أنسى المتحف الإسلامي على الكورنيش الجميل.
- رافق هذه التطورات الحفاظ على الثوابت والتقاليد القطرية العربية والإسلامية كما أن الأمن المعروف في قطر مازال كما هو حيث إن كثيراً من المنازل مفتوحة الأبواب 24 ساعة وذلك لانخفاض نسبة الجريمة بالدولة.
- لقد لاحظت انتشار كلمات عربية معروفة بالمملكة وبالذات بمنطقة نجد مثل:
- كروة = اسم لشركة سيارات أجرة.
- فزعة = اسم لشرطة النجدة.
- الخويا = اسم للشرطة
- أمنيات خليجية:
- الإسراع في مد شبكة السكة الحديد الخليجية التي تربط دول الخليج العربية بالبحر العربي مع طريق سريع لخدمة التنمية بالمنطقة وكذلك السياحة. وكذلك شبكة طريق سريعة وعلى نفس المسار.
- خط أنبوب غاز يربط دول الخليج العربية وخطوط أنابيب نقل للبترول للبحر العربي أيضا، وخط مياه محلاه مصدرها البحر العربي، هذه أمنيات إستراتيجية خليجية لأن دول الخليج محاطة بالأطماع الفارسية.
قال بعض السلف:
خلق الله الملائكة عقولاً بلا شهوة، وخلق البهائم شهوة بلا عقول، وخلق ابن آدم وركب فيه العقل والشهوة، فمن غلب عقله شهوته التحق بالملائكة، ومن غلبت شهوته عقله التحق بالبهائم.
الأمل يشرح الصدر، ويزيد من العقل، ويدخل على النفس السرور.
وكما قيل:
أعلل النفس بالآمال أرقيها
ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل
(*) مستشار إداري واقتصادي